( 8 )
_ لن أفعل ! _
أنهت "غادة" حديثها القصير مع الطبيب المشرف على القسم الذي تعمل به بتلك المشفى الحكومي العام، ودعته مبتسمة.. ثم إستدارت عائدة إلى غرفة مكتبها بسرعة
أقفلت الباب ورائها و إتجهت نحو "فرح" الجالسة في الركن القصي هناك شاردة الذهن على الأخير، شدت "غادة" كرسي و جلست بدورها قريبة منها هي تلكزها في كتفها مغمغمة :
-ها قد عدت إليك يا قدري.. و الآن أخبريني بالضبط ماذا حدث ؟!!!
أفاقت "فرح" من شرودها متطلعة إليها مبهورة الأنفاس ...
-أنا نفسي لا أعلم ما الذي دهاني غادة !! .. قالتها "فرح'' و هي لا تزال تحت وقع الصدمة
الصدمة من نفسها ...
إزداد فضول "غادة" و هي تحثها قائلة بنفاذ صبر :
-هل سنجلس هنا و نحل الألغاز ؟ لقد تركت عملي لدقائق معدودات و عليّ أن أعود مسرعة. تكلمي يا فرح أين أخذك هاشم البارودي ؟ ما الذي حدث بينكما ؟؟!!
إبتعلت "فرح" ريقها بصعوبة و صمتت لبعض الوقت تجمع الكلمات على لسانها، ثم قالت بلهجة غير واثقة :
-لقد جاء إليّ اليوم.. بعد أن خابرتك في الصباح و قلت لك أن السيدة تيسير طردتني من العمل. عدت أدراجي إلى المنزل.. فوجدته ينتظرني أسفل البناية !
حثتها "غادة" على الإستمرار :
-و بعد.. ما الذي صار ؟ هل قال لك شيئًا ؟!
دارت حدقتاها قبل أن تستقر عليها مجددًا، و قالت بتردد :
-في البداية تشاجرت معه و رميته بالسباب.. ثم. ثم ...
-ثم ماذا ؟؟!!! .. صاحت "غادة" بضيق شديد
-هذا ليس إسلوبًا جيدًا للحوار يا فرح. تكلمي مثل الناس و إحكي لي كل شيء !
كزت "فرح" على أسنانها و هي تومئ لها مغمضة العينين، ثم فتحت عيناها فجأة و هي تقول بآلية مندفعة :
-سيمر غدًا ليأخذني إلى قصر "البارودي" لأستلم ميراثي و أقيم هناك و معي أمي. و سيعلن عن زواجنا أمام العائلة !!
فغرت "غادة" فاها في هذه اللحظة، و قالت بذهول :
-ميراث ! زواج ؟؟؟ هل تزوجتي به فرح ؟؟!!!!
فرح بإسراع : لا ليس بعد !
غادة بإستنكار : ليس بعد ؟؟؟ أفهم من هذا أنك أعطيته موافقتك ؟!!!
عصرت "فرح" عيناها و هي تطلق نهدة مطولة و قالت هامسة :
-لم يسمح لي بالإعتراض. حاولت أن أقاومه. لكن هذه المرة كانت مختلفة.. عندما ألتقيته للمرة الأولى و عرفت من هو. تحفزت مشاعري العدائية نحوه تلقائيًا. إنما اليوم.. فضلًا عن مشاعر اليأس و الحزن التي غمرتني. وجدت نفسي مجرّدة من دفاعاتي أمامه. كلما حاولت أن أتسلح بالقوة و الشجاعة كنت أفشل.. حتى إنتهى بي المطاف عاجزة عن قول كلمة "لا".. إذ كيف أقول لا ؟ بعد أن حاصرني من كل إتجاه. لقد قالها صريحة. قال أنه لن ينفك عني أبدًا و لن يتركني !