( 15 ) _ عَثِرة ! _

21.3K 824 54
                                    

( 15 )

_ عَثِرة ! _

و كأنها لبثت بالعتمة الثقيلة لثانية من الزمن، بل أقل من الثانية ...

لتسمع صوت زوجها في اللحظة التالية مشوش قليلًا كما لو أنها تحت الماء، كان ينادي بإسمها مرارًا، إستغرقها الأمر لحظات حتى إستطاعت إزاحة جفنيها الثقيلين عن بعضهما.. لترى بصورة طفيفة جدًا بادئ الأمر وجهه الوسيم مطلًا عليها يكسوه قدرًا من الشحوب، ثم إتضحت الرؤية شيئًا فشيء، فلم تخطئ نظرة القلق أسفل حاجبيه المعقودين بشدة

رأسها ما زال يدور، دورارًا مجنونًا و يؤلمها قليلًا.. لعل سقوطها المفاجئ و إصطدامها بالأرض كان قويًا، و لكن لماذا حدث لها ذلك ؟ .. ترى ماذا كان السبب ؟!!!!

تسمع زفرة إرتياح تصدر عن "هاشم" في هذه اللحظة، فتنظر له بينما يستهل كلامه معها مرةً أخرى بإسلوبه الفاتر :

-ها قد عدت أخيرًا. مرحبًا بك عزيزتي !

رمقته بنظرات مستغربة غير قادرة على سبر أغوار الحاضر أو الأحداث القليلة الماضية ...

-أخبريني كيف تشعرين الآن ؟ .. دمدم "هاشم" بصوت هادئ و هو يمسد خدها بظاهر يده برقة متناهية

إلا أنها سرعان ما تذكرت اللقطة الأخيرة قبل إغماءتها، لتنتفض بعنف و هي تقفز جالسة بمكانها متمتمة بلسانٍ ثقيل :

-ماذا حدث ؟ أين أنا ؟!!

أخذت تجوب المكان كله بناظريها الوجلين، لتكتشف أنها الآن داخل غرفة معيشة فخمة جدًا.. تحديدًا فوق آريكة وثيرة مريحة، و "هاشم" الذي سارع لتهدئتها كان يجلس إلى جوارها تمامًا، يكاد يكون ملاصقًا لها و قد تخلى عن سترته الفاخرة ليدثر نصفها العلوي بها ...

-مهلًا. مهلًا يا صغيرتي ! .. هتف "هاشم" و هو يحاوطها بذراعيه مقربًا إياها لحضنه علَّه يطمئنها و لو قليلًا

راح يمسح على شعرها بحنان مكملًا بصوت لطيف :

-إهدأي يا فرح. أنت بخير و ها أنا بجوارك.. لا تخافي. لن يمسسك أيّ سوء من أحدٍ أو مني أنا خاصةً

تطلعت إليه عابسة و قد إنهمرت دموعها لا إراديًا عبر تحديقها المتواصل لعينيه الدافئتين على نحو كانت لتراه مغرٍ لولا ظروفها ...

أخذ يكفكف دموعها و هو يتابع موضحـًا لها بتفكه :

-كنت أنوي أن أنزل بك أشد المعاناة الليلة جزاء عصيانك لي. ما كان لشيء في هذا العالم ليمنعني عما عقدت العزم عليه. حقيقة لقد كنت في مأزق يا عزيزتي.. لكن أرى أنك خرجت منه بسهولة. ليس تمامًا. إنما على الأقل حالتك لا تسمح بأيّ تعنيف حاليًا. ما رأيك لو نؤجل عقابك عدة أيام أُخر ريثما تستردين عافيتك و تمردك الأرعن ؟!

إضطربت أنفاسها و هي تقول محاولة ضبط معدل الذعر في صوتها قدر إستطاعتها :

-آ أنا لا أفهم شيء.. ماذا حدث لي ؟ و أين نحن ؟ أخر ما أتذكر كـ آ ..

كيف أقول لا ... للمبدعة مريم غريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن