( 19 ) _ ثوب زفاف ! _

20.7K 824 42
                                    

( 19 )

_ ثوب زفاف ! _

كان سائق زوجها الخاص يقود السيارة أهدأ منه بكثير.. و قد تبينت الفرق بسهولة بما أن قيادة الأخير المتهورة كانت تبث الهلع فيها خلال المرات القليلة التي أقلها معه

التهور صفة أساسية به، رغم أنه بارع في السيطرة على أعصابه.. و لكن غالبًا لا يسير الأمر معها بهذه البساطة، فهي الوحيدة القادرة على إخراجه عن طوره بأيّ لحظة !!!

كانت "فرح" تجلس بالمقعد الخلفي و "غادة" تجلس إلى جوارها، أخيرًا بعد خمسة أيام كاملة من ليلة هروبها المشؤومة، أتيحت لها "غادة" مجددًا من وسط مشغولياتها العملية و حياتها الشخصية.. هناك الكثير لتخبرها به، لكنها آثرت الصمت ريثما يصل السائق إلى وجهتهما، فهي لا تدري ما إذا كان سيده قد أرسله بغية التوصيل أم التجسس ...

لم يستغرق الطريق طويلًا، أقل من نصف ساعة و كانتا الصديقتين تمضيان نحو بوابة أفخم مركز تسوق بالمدينة.. عبارة عن مجمع ضخم جدًا مكون من سبع طوابق، يحتوي على صالتين سينما و عدة من المحلات و المقاهي و المطاعم، يتميز بمستوى أمنٍ عالي، شامل لكل ماركات محلات الأزياء.. بإعتبار أن النزهة هدفها الأساسي هو العثور على ثوب زفاف ملائم لعروس عائلة "البارودي" الحسناء، إلا أن "فرح" لم تكن تنوي بتاتًا العمل على هذا الهدف

لذلك أخذت صديقتها مباشرةً إلى مقهى لطيفة بالطابق الأرضي للسوق.. طلبت لكلتيهما القهوة كاملة الدسم، دائمًا كانت المفضلة في كل نزهاتهما.. و ها قد صارتا على إنفراد تمامًا.. لا أحد يرى أو يسمع.. و عليها أن تتكلم الآن ...

-مضى زمن طويل منذ أن ذهبت في نزهة معك ! .. قالتها "فرح" مبتسمة و هي ترنو إلى صديقتها بوداعة

صححت "غادة" بهدوء :

-لكن رحلة البحث عن ثوب زفافك لا تعد نزهة يا صديقتي !

عبست "فرح" بعد أن سمعت هذا، بالتأكيد لا تقصد "غادة" مراوغتها بهذه الطريقة ...

-أتقصدين إيلامي أكثر بهذا الكلام ؟! .. بدا الإختناق على صوتها

غادة ببرود : إطلاقًا يا عزيزتي. بل أقصد أن تدخلي في صلب الحديث عوض هذه التمهيدات التي أعرفها جيدًا و التي غالبًا ما تنتهي بقرار طائش مثل كافة قراراتك التخريبية.. أنت من تراوغينني الآن يا فرح.. لذا هات ما عندك مرةً واحدة حتى أتمكن من مساعدتك إذا سمحت لي طبعًا

غمغمت "فرح" بلهجة معذبة :

-كيف تكونين قاسية إلى هذا الحد ؟ و في هذا التوقيت بالذات ؟ ليس لديّ من ألتجئ إليه سواك يا غادة

تفقد "غادة" صبرها في هذه اللحظة و هي تنتفض صائحة بإنفعال :

-إذن تكلمي.. إن كنت صادقة إفصحي لي عم جرى و دعيني أحل مشكلتك. لن ينفعك كبريائك الأحمق عندما يحين الوقت و تنكشف الحقيقة أيمّ كانت.. قلت لك هذا من قبل فكم مرة تودين أن أكرر تحذيراتي ؟ فرح زفافك ليلة غد.. هل تعي هذا !!!

كيف أقول لا ... للمبدعة مريم غريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن