الفصل 14

78 8 2
                                    


1

توقفت سيارة الرونجروفر السوداء على رمال الشاطئ الباردة, هب نسيم خفيف فتنفست وصال الصعداء وقد كانت كمن يكبت نفسه عن الانهيار, نظر ناصر تجاهها فرآها غير انسانة, لقد كانت مكسورة وكل ما يراه أمامه ليس الا أشلاء ان مسها سيجرح نفسه لذلك ارتأى أن يسكت لدقائق معدودة ثم تحدثت وصال بصوتها المخنوق.

"أهذا ما كنت تعنيه بقولك اني سأعود اليك باكية؟ لما لم تخبرني من قبل أنه يخونني؟"

كان ناصر متمسكا بمقود السيارة ,ضرب بسبابته قليلا ثم عض على فمه ونبس: أردت اخبارك, لكن ظننت أن لا فلاح في اخبارك, انك حتى وان عرفت خيانته ستتركينه أما أنا...

سكت ناصر فالتفتت وصال نحوه بعيونها الحزينة دون قول أي شيء. كان الصمت سيد الموقف ولم يكن يسمع سوى صوت الأمواج ترتطم باليابسة وتعود أدراجها, وصوت تنهدات خفيفة تسافر بين ثغر وصال أو ناصر.

فطن ناصر أن وصال لن تضعف أمامه فقال: يمكنك الخروج والجلوس على الرمال ان شئت.

لم تتحدث وصال واندفعت خارج السيارة ولو أنها تعثرت بكاحلها الا أنها مشت لتجلس قبالة الشاطئ.

أطرق ناصر رأسه بتعب وهو يراقبها جالسة هناك لا تفعل شيئا ,من الواضح أنها تبكي من حركاتها لكنها تحاول بأقصى طاقتها ألا تظهر الضعف أمامه. رن هاتفه فتفقد اتصال صديقه عمر.

"ما الأمر يا عمر؟"

"ما الأمر؟ تغادر والعرض على شفير الانتهاء؟ ماذا سأقول للمصممين العالميين ان أرادو الحديث معك؟ ماذا أقول للصحافة المصطفة في الخارج للقائك؟ هل تريد أن تجنني؟"

"قل لهم أي شيء , اختلق أي عذر فأنا لست عائدا للعرض"

أغلق ناصر هاتفه ثم رماه على الكرسي خلفه وعاد ليتأمل وصال.

كانت تمسح دموعها وهي تراقب الشاطئ, كان هناك انارة بعيدا ذكرتها بغبائها حين كانت تظن أن عصام هو المقدر لها, انه كسائر الرجال, تذكرت أنه كان دائما ما يخلق الأعذار ليختفي لمدة وكيف أنه كلما رن هاتفه ذهب بعيدا ليتحدث وكيف أنه لا يتحدث عن حياته أبدا.

شعرت وصال برغبة شديدة في دفن رأسها في الرمال كي تختفي من هذا العالم, انها تشعر بالغباء الشديد لتصديقها له, ولو أنه كان حبها الأول الا أنه ليس المقدر لها. خدشها شيء فتفقدت يدها لترى الخاتم لم تصبر ولا ثانية فلقد رمته بعيدا الى الأمواج.

"عليك أن تتحلي بالصبر"

التفت وصال لجهة ناصر الذي جلس بجانيها ليكمل كلامه: أعرف شعورك

ورود سوداءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن