الفصل 17

76 8 0
                                    

1

كان يهدي ويتعرق بشدة حتى كاد يغمى عليه من شدة الحرارة, انه لا يعرف أين هو ولا يدرك ما يحصل, لقد فتح عينيه هنا فقط وسط الصحراء وبجانبه صورة لطختها الدماء, نادته فالتفت نحوها حيث كانت تقف بعيدا عنه تراقبه بعينيها الجاحظتين وشعرها البرتقالي, كانت لا تكاد تبتسم حتى هتفت بصوت يذيب الجماد

"أتحاول نسياني؟"

ارتعدت فريصته فخطى خطوتين للخلف وقد كان في وجهها ما يرعبه: أنا لم أقتلك...لم أقتلك.

فقالت: ألا تخاف ربك يا ناصر؟ تحاول العيش بسعادة بينما رميتني للهاوية, لقد وضعتني في قبري بيديك العاريتين...ويحك يا ناصر

سد على أذنيه وقد جفى بذهنه وراح يصيح ويولول محاولا ألا يستمع لصوتها المخيف صوتها وعَظمت في ناظريه جريمته وسالت عينيه بدموع الندم: أتركيني...دعيني أعيش.

وبدت كأنها لم تعي كلماته فأجابت ببرود: لن تتخلص مني بسهولة...لقد سبق سيف العدل وسيقطع رقبتك عاجلا أم آجلا, ان لي يدا في الحياة تساعدني, وسآخذ بتاري منك.

كان ما يزال هلعا خائفا جافيا فصراخ في وجهها: أي تار؟ أنا لم أقتلك...لم أقتلك, أنت من قتل نفسك بنفسك, لم أكن أريد قتلك.

وحين أنهى كلماته ضحكت وضحكت ليليان في وجهه ثم انفجرت صارختا في وجهه حتى دمت أذنيه من حدة صوتها واقعر بدنه من هول فعله...

استقام وكانت عينيه ترتعدان في الأرجاء وحين أدرك أنه كابوس تنفس الصعداء لكنه لم يرتح البتة فبدى كأنه يأخذ استراحة فقط وأنه سيعود قريبا لمواجهتها. تحدث الطبيب علي وهو يعدل نظاراته: لقد غفوت قليلا يا ناصر...ما الذي حلمت به؟

"كابوس...كابوس دميم"

"هل كانت ليليان؟"

"نعم لقد كانت تتوعدني بالعذاب"

عاد الطبيب للخلف ثم لوى ظهره وجلس كأنما هو سلحفاة متقوقعة على نفسها: متى آخر مرة رأيت الكوابيس؟

"دائما...أراها دائما...لماذا تسأل؟"

"ان حالتك لا تتحسن...ألا زلت تعاني من الهذيان المستمر؟"

"ليس تماما, ان الدواء يجدي نفعا في غالب الوقت"

"ماذا عن الفتاة...التي قلت أنها مميزة, ألا زلت على اتصال معها؟"

"نعم...نعم لقد أصبحنا نتواعد"

ابتسم الطبيب ثم رمق ناصر بنظرة تشتعل فضولا: همم اذا كما أخبرتك أنت تحبها؟

ورود سوداءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن