الجُزْء الأَوْلٰ «19» :"عَشِيقةٌ مُزَيفَة"

22.9K 1.5K 2.3K
                                    

"عَشِيقةٌ مُزَيفَة "

لا تنسوا فوت +تعليقات على الفقرات +متابعة
قراءة ممتعة

" عيناك ، منطقتي السياحية"

___________________________________

___________________________________

يومٌ كان من أيام الخريفِ الباردةٰ، أشجار برلين إصفرت أوراقها و تساقطت طريحة الأرض، الريح كانت تنفخ أنفاسها أوقات و تحبسها أوقات..

المدارس شرعت تفتح أبوابها و تستعيد رونقها، تنفض الغبار عنها فما هي إلا أسابيع و ستمد ذراعيها تحتضن طلابها من جديد بعد أن غابوا عنها أشهرًا طوال..

صغيرتنا يومها كانت عائدةً من مدرستها بعد أن أتمت إجراءات التسجيل ككل بداية موسم دراسي جديد ، ففي الوقت الذي يجيء فيه آباء زملائها و أهاليهم لتكفل بعملية التسجيل كانت هي و من يشاركها نفس الحال يتولون ذلك بأنفسهم..

لا أب يهتم و لا أم تتفرغ لها، في كل مرة يتفننان في تأليف الحجج و الذرائع كي لا يذهبا فلا أحد منهما يأبه، يسلمانها رسوم التسجيل ولو إستطاعا لما فعلا..

بالنسبة لها كانت تدرك أن تعليمها سيكون سبيل نجاتها الوحيد من أسلوب حياتها البائس، كانت شديدة الدهاء و عميقة التفكير، تجيد تدبر أمورها ولم تعتد الإعتماد على غيرها...

أحلامها الصغيرة الوردية كانت معدودة، أن تنهي دراستها و تصل إلى الجامعة التي تراها الآن مبتغًا قد يمنعها والداها من الوصول إليه في الكبر، ثم أن تصبح مستقلةً ماليا، أن تملك شركةً مثلاً و إن لم تقدر فلا بأس لديها بالعمل لذا شركة كبيرة و معروفة...

وجدت أحلامها و سطرت أهدافها بعناية منذ الصغر، يومها بعد أن أنهت عملية الدفع و سلمت الوثائق الموقعة من طرف والديها خرجت تضم نفسها بين ذراعيها فالبرد كان وقتها يجمد الدم في الأوردة..

بشكل ما إنتابتها الرغبة في رؤية صديقها الوحيد و الأوحد نركسوس، مضى وقت طويل منذ آخر مرة رأته فيها..

كانت تفكر بصوت عالي كالعادة
" هل مازال خجلاً مني بعد أن قبلت وجنته؟، تلك كانت آخر مرة إجتمعنا فيها"

توقفت فجأة ثم قالت مجددًا
" لما قد يكون هو الطرف الذي يخجل؟ من المفترض أن آكون أنا التي تتجنب رؤيته! على كل حال سآزوره بغتةً و أتصرف كما لو أن شيئا لم يحدث"

في تلك الأثناء مر رجل في العقد الثالث من عمره فخاطبها قائلا
" ماذا أرى هنا! صغيرات هذه الأيام فاتنات!"

نركسوس ذُو النَدبة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن