الحلقة ١٨

804 85 0
                                    

🍃 كنا فترة الشباب نعمل في مقر التعبئة، حيث كانت لنا فعاليات كثيرة، كنا سوياً أنا والرفاق، معاً في الليل والنهار، كنا نجتمع في ليالي الجمعة لنقيم جلسات قرآنية، ثم بعدها نقوم بفعاليات عسكرية مثل التفحّص و....

كان خلف المقر مقبرة🧱، فكنا أحياناً نُزعج أصدقائنا ونضايقهم على أساس أننا نتمازح معهم!
للعلم قد دفعت ثمن كل هذه الإزعاجات والمضايقات في ذلك العالم!
كنا في بعض الليالي نبقى يقظين حتى الصباح🌅.

في إحدى الليالي الشتوية، حيث كانت السماء تمطر ثلوجاً غزيرة❄️، قال أحد الرفاق: من منكم يجرأ أن يذهب إلى نهاية المقبرة ثم يعود؟ قلت: إنه ليس أمراً صعباً، أنا سأذهب.
قال: لكن عليك أن تلبس ثياباً بيضاء!

فلبست ثياباً بيضاء من أعلى رأسي حتى أخمص قدمي. كان صوت حركة أقدامي على الثلج عاليًا جداً بحيث بإمكان الشخص البعيد سماعه أيضاً👣، فتوجهت إلى نهاية المقبرة!

لكن عندما وصلت إلى أواخر المقبرة، سمعت صوت تلاوة قرآن من مسافة بعيدة! كان هناك رجلًا عجوزاً روحانياً سيّداً من الطلبة 🧔🏼يأتي كل ليلة جمعة ويبيت في أحد القبور لقراءة القرآن، فينشغل بها حتى الصباح، عرفت أن الرفاق أرادوا مضايقة هذا السيد...

أردت الرجوع، لكن قلت في نفسي: إن عُدت الآن فسيتّهمني رفاقي بالخوف والجبن، لذا أكملت الطريق حتى نهاية المقبرة، كلما قرُبت أصوات أقدامي، كان صوت تلاوة السيد يعلو!

أدركت من لحن صوته أنه خائف😰، مع ذلك أكملت المسير.
حتى أني وصلت على القبر الذي كان فيه مشغول بالعبادة، ما إن رآني صرخ عالياً، كان خائف جداً، وأنا أيضاً، فمن شدة خوفي هممت بالفرار.

أخذ السيد العجوز بتتبع آثار أقدامي على الثلج، فكان الغضب يبدو على ملامح وجهه عندما دخل المقرّ، لقد كتمت الأمر بالبداية، لكن فيما بعد إعتذرت منه🙏🏻، لقد خرج من المقرّ حزيناً.

أما الآن وبعد عدة سنوات، رأيت حكاية تلك الليلة في صحيفة أعمالي، ليتكم تعلمون كيف كانت حالتي عندها💔....

ثلاث دقائق في القيامة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن