من قال أن الحب لم يزر قلبه يومًا كان كاذبًا، أو واهمًا!
جميعنا قد وقعنا به ذات يوم..
إما ونحن نعيه، وإما مر بنا دون أن ندركه..
ولا شك أننا جميعًا نختلف..
طريقة حبنا للآخرين تختلف..
جميعنا نملك في الحب.. مذاهب!
هناك رجلٌ لا يفقه من مشاعر الحب شيئًا..
يظن أن الحب ضعف، ويدرك أنه لن يساق لهذا الفخ أبدًا..
لا يعلم أن الحب له أشكالٌ عدة..
وأن الحب بدأ يناوش قلبه في الخفاء بالفعل!
مر الأمر بلحظاتٍ خاطفة..
اعتقلوا صديقه؛ بتهمة يعلم أنه لم يفعلها..
انهارت شقيقته بكاءًا وتوسلتهم ألا يفعلوا؛ فزجرها الشقيق، وأبعدها هو..
رحل رجال الشرطة بعد أن أتموا مهمتهم، وبقي هو معها..
ارتمت بين أحضانه تبكي..
ارتبك!
يحاول تهدئتها ويفشل..
بدأ يفقد ثباته الانفعالي؛ فهو الآخر فقد صديقه، ويعجز عن فعل شيء..
-اهدي بقى!
قالها بنفاذ صبرٍ أجفلها!
ابتعدت عنه بحرج وهي تعي لهيئتها بين ذراعيه..
ناظرته بتوسل:
-أخويا يا علي..
أمسك بكفها ونظر لعينيها يبثها أمانًا هو نفسه لا يمتلكه:
-أوعدك هيرجع؛ إحنا محتاجين بس نهدا ونفكر بعقلنا.
اومأت بصمت وطالعت المكان من حولها بتشتت..
-هاتي تليفونك.
رفعت رأسها إليه بدهشة ولكنها نفذت ما طلبه..
وجدته يبحث بين جهات إتصالها حتى وجد رقم صديقتها ندى..
هاتفها وانتظر حتى أجابته بلهفة:
-منار! خير يا حبيبتي متصلة في الوقت ده ليه؟!
تنحنح بحرج:
-أنا علي..
-علي!! منار كويسة؟ ومصطفى!
-منار كويسة وهي جمبي متخافيش، بس مصطفى...
سألته بلهفة:
-ماله؟!
أخبرها بما حدث قبل قليل.. أعلمها بالتهمة التي أخبروه بها، ثم أغلق الخط على وعدٍ باللقاء بعد ساعة في مركز الشرطة..
ارتدت ملابسها بعجالة، وخرجت تستأذن والديها بالخروج؛ فرفض والدها قائلًا:
-الوقت أتأخر يا ندى؛ استني للصبح!
توسلته:
-مش هينفع يا بابا صدقني أخو صاحبتي اتقبض عليه ظلم، وأنا لازم أفهم في إيه؛ مينفعش يبات في القسم النهاردة.
انتبهت والدتها حينما ذكرت هوية الشخص الذي يحتاج مساعدتها؛ هي تعلم أن ذلك الشاب وشقيقته هم من ساندوها عندما سكنت المشفى لفترة، وأيضًا رافقوها ذلك اليوم الذي تركت به خاطبها..
صحيحٌ هي لم تعلم السبب وراء تركها له، ولكنها تؤمن أن الأمر جلل؛ فالهيئة التي رأت ابنتها عليها باليوم التالي لم تكن تنبئ بالخير!
تدخلت قائلة:
-طيب في إمكانية إن حد يجي ياخدك؟ الوقت متأخر جدًا يا بنتي!
لمعت برأسها فكرة؛ ستجعل علي يمر ليصطحبها، اومأت:
-آه يا ماما سهلة متقلقيش.
وبعد محاولات قامتا بإقناع الوالد، ثم عاودت ندى الاتصال بمنار؛ لتطلب منها أن تمر برفقة علي ليصطحباها..
بعد قرابة الساعة كان ثلاثتهم يدخلون مسرعين لقسم الشرطة الذي اصطحبوا إليه مصطفى..
-ندى الفيومي؛ حاضرة عن المتهم مصطفى سراج.
قالتها وهي تبرز هويتها لمأمور الضبط؛ فأومأ بتفهم ودعاها للجلوس هي ومن معها..
علمت أنه متهمٌ بجريمة نصبٍ واحتيال..
صفقته الأخيرة لم تكن نظيفة..
احتال بها على من تعاقدوا معه؛ ففضحوا زيفه!
فغرت منار فاهها لسماعها ما يقال؛ فهي لا تصدق أن شقيقها يفعل ذلك!
-أنت بتقول إيه!!!
كان الهتاف الغاضب لعلي الذي لم يحتمل تلفيق الاتهام لصديق عمره، بينما تماسكت ندى ونطقت بعقلانية:
-استنى يا علي.. طيب يا فندم ممكن بعد إذنك أشوف المتهم؟
اومأ لها:
-أيوة حضرتك بصفتك المحامية بتاعته تقدري، لكن للأسف مش مسموح لحد تاني يشوفه غير قبل ما يتعرض عالنيابة.
أنهى حديثه وهو ينظر نحو الفتاة والشاب من خلفها؛ فتفهمته وشكرته على حسن تعاونه، ثم توجهت لمرافقيها بشرح..
هدئت من روع منار، امتصت غضب علي، وشرحت لهما ما سيحدث اليوم وغدًا، ثم اصطحبها الضابط لرؤية مصطفى..
جلست تنتظره في غرفة صغيرة أدخلوها إليها بعد أن طلبت الانفراد به، تأملت المكان من حولها بضيق، انفتح الباب وأدخله الضابط الحارس له ثم خرج..
نهضت نحوه بلهفة:
-مصطفى!
رفع رأسه إليها بصمت، ولم يجبها..
-أنا عارفة إنك برئ..
قالتها بتهمل فنجحت في استعارة انتباهه..
كان اعترافها مباغتًا لم يتوقعه؛ فهو يدرك بأنها لم تؤمن به يومًا! لم تراهن على الشخص الجيد بداخله.. والآن ما الذي تغير!
لم تأبه لصمته وتابعت:
-أنت ممكن تكون شخص مغرور، غبي أحيانًا، عصبيتك بتطلع في أوقات غلط، متسرع، بس عارفة إنك مش غدار يا مصطفى! مش أنت اللي تعمل جريمة زي دي.
أنهت حديثها بتنهيدة، وتطلعت إليه؛ تنتظره أن يتحدث..
-وهتفرق إيه يا ندى؟ بيقولوا الأدلة كلها ضدي، والتهمة لبساني.
مسدت على كفه بخفة تؤازره:
-متقولش كدا بعون الله هطلعك براءة متقلقش..
أكملت مازحة:
-أو اجيبلك إعدام مش ضامنة!
ارتسمت إبتسامة خفيفة على شفتيه فزفرت براحة؛ لأنها استطاعت أن تخفف عنه..
نطقت بعملية وهي تخرج بعض الأوراق من حقيبة يدها:
-امضيلي هنا.
سألها بدهشة:
-ده إيه؟!
-توكيل رسمي؛ عشان أعرف أدافع عنك قدام القانون.
وقع لها كما أرادت وقطع حديثه الذي كان على وشك أن يقوله الضابط المكلف بمرافقته:
-يلا يا مصطفى؛ الوقت بتاعك انتهى..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بعض البشر يعشقون بلا شروط..
أنت تقرأ
للنساء فقط
Romanceالنساء.. لغزٌ كبيرٌ عجزت الكتب عن تفسيره على مر الزمان، وعجز العالم عن فهمه. أن تفهم ما تريده المرأة لهو ضربٌ من الخيال يا عزيزي؛ فكيف ستفهم من عجزت هي شخصيًا عن فهم نفسها!