الحب والجنون وجهان لعملةٍ واحدة..
ولكن من يقف أمامها الآن ربما يكون مختلًا، أو أصابته لوثة!
الحب جنونٌ وتعلم.. ولكن ما يقصه عليها ذلك الشاب الآن هو دربٌ من خيال!
يخبرها أنها تسكن أحلامه منذ سنوات وأنه أحبها ويود الزواج بها! هل الأمر بتلك السهولة؟ رأت شقيقها يسحبه بعيدًا وقد بدأ يتخلى عن غضبه عندما رآه جادًا، وإن لم يكن قد تخلى عن تحفظه كاملًا بعد.
كانا يتناقشان في الأمر بجدية لم ترقها! نظرت لندى بحيرة فبادلتها الأخرى بمثيلتها، ولكن مهلًا.. الآن فقط رأت الزاوية كاملة؛ هو يقف معهما! يحادث الشاب بعصبيةٍ واضحة؛ يبدو أنه لا يقتنع بما يخبرهم به، كانت ندى هي الأخرى تراقب الوضع عن كثب؛ تحاول فك شفرات ذلك الحديث الغامض، ولكنها لم تستطع.
عاد الشباب إليهما مجددًا.. كانت ملامح أخيها محايدة.. لم تستطع تفسيرها.. نقلت نظرها نحو صديقه.. تمنت أن ترى في عينيه رفضًا.. غضبًا.. أي شيء سوى تلك النظرة المبهمة التي رماها بها! أشاحت بوجهها بتوتر نحو ذلك المختل فوجدته ينظر لها بإنشداه.. أخفضت رأسها بإرتباك؛ نظراته تربكها!
استشعرت ندى ضيق الأجواء، وأن وجودها بينهم ليس مناسبًا في تلك اللحظة؛ فتنحنحت بحرج:
-اممممم طيب هرجع أنا القاعة عن اذنكم..
أهداها نظرةً خاوية ولم يعقب.. طمأنت صديقتها بتربيتة خفيفة على كفها ثم عادت للداخل..
أعاد مصطفى نظره إليهم، تنهد بحيرة ثم قال بجدية:
-تمام يا عمر روح أنت وعلى ميعادنا إن شاء الله..
صافحه عمر بإبتسامة خفيفة.. ألقى نظرةً هائمةً أخيرة عليها ثم رحل.
نظر لشقيقها بتساؤل فضمها إليه بحنان.. قبّل رأسها قائلًا بود:
-بقيتي عروسة يا مينو وبقى في ناس بيطلبو إيدك مني!
حسنًا.. هي كانت تتوقع ذلك الخبر؛ خاصةً بعد أن رأته يتفاهم مع شقيقها بتعابير جدية.
نظرت له بإبتسامة مرتبكة وسألته بحيرة:
-أنت مش شايف الموضوع غريب؟
تنهد بنفس الحيرة وأجابها:
-يمكن.. أنا اديته ميعاد يجي البيت ونتفاهم ويتقدم رسمي واللي فيه الخير يقدمه ربنا
أجابته برجاء:
-يارب..
شاكسها الآخر:
-بس سيبك أنتي حلو عرض الجواز المجنون اللي اتعرض عليكي ده!
ماذا به؟! ألا يشعر ولو بقليلٍ من الضيق! هي ستكون ملكًا لآخر وهو لا يبالي!
تداركت الأمر وأجابته بإبتسامةٍ واهنة:
-اه يا علي شوفت!
رسم إبتسامةٍ صادقة:
-مبروك يا منار ربنا يتمم على خير يارب
آمنت على دعائه ثم استأذنت منهما للعودة لصديقاتها، وفي قرارة نفسها أيقنت أنها كانت موهومة؛ هو لم ولن يحبها قط.. وعلى ذلك؛ قررت أن تنساه! سترى ما أمر ذلك العريس المريب وربما يكون جيدًا كما ظن شقيقها..
ندى كانت محقة؛ جميع الرجال حمقى..
دلفت للداخل لتجد الحفل قد شارف على الإنتهاء، ودعت صديقاتها ببرود، واصطحبت ندى وغادة معها هي وشقيقها كي توصلهما للمنزل كما اتفقت مع ذويهما من قبل؛ فالأهل كانوا متحفظين كثيرًا من تركهما للذهاب لحفل الخطبة والعودة في ذلك الوقت المتأخر، ولكنهم رضخوا في النهاية تحت إصرار الفتاتين ووعد منار لهم بأنها ستوصل- هي وشقيقها- الفتاتين لمنزلهما في نهاية السهرة.
استقلت السيارة بصمتٍ مطبق بجانب شقيقها بعد أن ودع صديقه، بينما استقلتا الفتاتان بالخلف.
كان الوجوم يسيطر على الجميع.. مصطفى يقود بصمت، شاردٌ بعالمه الخاص.. وشقيقته تجاوره غارقةٌ في أحزانها، تستند على نافذة السيارة وهي تفكر كيف ستنساه؛ فكيف ينسى الشخص حبًا سكن بين حنايا أضلعه لسنوات! تنهدت بيأس وهي تحاول نفضه عن رأسها، ولكنها بالطبع لا تنجح.. أما بالخلف كانت ندى تضع سماعات أذنيها هربًا مما حدث في نهاية الحفل ولم تستطع فهمه حتى الآن؛ لماذا كان ينظر لها بتلك الغرابة؟! هو اليوم غريبٌ بشكلٍ كلي! أغمضت عينيها بإنهاك وهي تفكر بصديقتها التي تجاورها، والتي تحبه منذ زمن وهي تعلم! هل يا ترى هي تضخم الأمور؟ بالطبع! فما طاف واضحًا بعينيه اليوم بالتأكيد هي تتوهمه؛ هذا ما أقنعت نفسها به حتى تخمد فضولها.. العاشقة البلهاء بجوارها كانت عصبية بشكلٍ ملحوظ، تنشغل باللعب في هاتفها وهي تحاول التشاغل عمّا رأته بأعين من تحب تجاه صديقتها اليوم! ولكن لغة جسدها كانت تفضحها؛ فهي كانت متحفزة بشكلٍ لا يخطئ في تفسيره هاوٍ.. البلهاء أصابتها الغيرة!
وغيرة النساء يا عزيزي.. قاتلة!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الأنثى تشبه فصول السنة..
أنت تقرأ
للنساء فقط
Romanceالنساء.. لغزٌ كبيرٌ عجزت الكتب عن تفسيره على مر الزمان، وعجز العالم عن فهمه. أن تفهم ما تريده المرأة لهو ضربٌ من الخيال يا عزيزي؛ فكيف ستفهم من عجزت هي شخصيًا عن فهم نفسها!