هل تساءلت يومًا إذا كنت تعيش داخل أسطر رواية فماذا سيكون دورك؟
إذا كنت محظوظًا فستكون بطلها الأول..
ستكتبك مراهقة حالمة أحبتك في صمت، أو حتى شابة في مقتبل العمر سكنت أنت بركنٍ قصي داخل قلبها فجعلتك بطلًا لكل رواياتها!
كتبتك بحروفٍ نابعة من قلبها وليس قلمها.. رسمتك بتفاصيل لا تراها سوى عاشقة.. تغاضت عن عيوبك أو جملتها لا فارق..
جعلت عشرات الفتيات يهيمون بك حبًا، وبعض الرجال يتعاطفون معك ويؤازرونك.
جعلتك بطلًا همامًا، وفارسًا مغوارًا.
كل هذا وأنت تظن أنك منسي؛ عارٌ عليك!
وهنا كان هو بطل القصة.. أدى دوره بمهارة.. امتثل لأوامر كاتبته، وتحرك على خطاها.
كان لا يعرف معنى الحب ويعيش بعبث، حتى جعلته يعشق احداهن، ثم سلبتها منه بصلف كاتبة فقط تبحث عن الإثارة لتنتشل حبكتها من الركود، ولا عزاء للبطل!
أخبر شقيقته باقتراح غادة وندي، فوافقت على مضض.
مسكينةٌ هي؛ عالقةٌ بينهما، مضطرةٌ أن تشارك صديقتها سعادتها حتى ولو على أنقاض مشاعر شقيقها الحامي.
ابتسمت له بعسر ثم رحلت لتشتري ما ينقصها، أما هو فجلس مع علي وصديقته بنصف عقل؛ كان يفكر بها، لا يستطيع أن يصرفها عن عقله مهما حدث.
تذكر مقابلتهما الأولى، حين تمادى بالحديث معها فسكبت عليه مشروبها المفضل الذي كانت تتناوله بتلذذ!
وقتها علم أنه بصدد أنثى فريدة ومميزة، تختلف جذريًا عمّن سبقوها إليه.
كان يعلم أن هناك شيئًا مختلفًا قد تحرك به ذلك اليوم، ولكنه أدرك بعد فوات الأوان أن ما تحرك كان قلبه!
تنهد بحسرة؛ هي ستصبح ملكًا لآخر وانتهى!
استشعر علي تيهه.. طالعه بشفقةٍ وعجز؛ فهو لا يملك شيئًا ليفعله.
تنحنح بحرج ونهض يحث ساندي على النهوض معه:
-طيب يا مصطفى هنمشي إحنا بقى..
ابتسم له بامتنان، صافحه بود هو وفتاته، اصطحبهما للباب ثم صعد لغرفته.
ألقى بجسده على السرير بتعب.. أغمض عينيه لينال قسطًا من الراحة، ولكن هل تنال الروح المعذبة شيءٌ من راحة؟
هو بطلٌ لم ينل من بطولته سوى لقب شرفي منحه له الكاتب؛ وفي مقابله سيدفع الثمن مرارًا.
يالها من صفقةٍ تستحق!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وفي روايةٍ أخرى قد تكونين البطلة..
آسرة القلوب..
الصديقة الوفية..
ستكتبك احداهن تشبهينها، أو يكتبك كاتبٌ يرى بكي الحبيبة.
ستكونين شخصيةً مليئة بالحب، ومفعمةً بالنشاط.
سيحبك الجميع رجالًا ونساء..
ستحسدك احداهن على بطلك الوسيم الذي تتجاهلينه، وسيعجب بكي أحدهم ويتمنى حبيبةً قويةً مثلك.
ولكن مهما بلغ منهم الإعجاب أو حتى الغبطة لا أحد سيستطيع تفهمك.. لن يفطنوا لدوافعك.. لا أحد يعرف كيف وصلتي إلى هنا ومتى! أنتي بالنسبة لهم مجرد حبرٌ على ورق.. محض خيال.. لم يدرك أحدهم أنك حقيقية.. وللغاية!
كانت تستحق دور البطولة بجدارة؛ بشخصيتها اللامعة والبراقة، بحبها ومراعاتها لمن حولها، وبتبنيها المدافعة عن حقوق من سلبت منهم حقوقهم عنوة.
وفي المقابل ستصب الكاتبة عليها بعض اللعنات المستحقة؛ فمن وجهة نظرها لا يمكنك أن تكوني بطلة دون دفع الثمن!
تحدد موعد خطبتها بعد ثلاثة أيام، وسيكون مشتركًا مع حفل خطبة منار كما اتفقتا.
شعورٌ غريبٌ يراودها لا تعرف كنهه؛ تتلمس هذا العالم الجديد عليها بوجل؛ سلمت قلبها لأحدهم رغم قرارها أنها لن تفعل.. وها هي الآن متخمةٌ بترتيباتٍ لا تفقه عنها شيئًا!
رافقنها هي ومنار عشق وسارة وجنى وغادة؛ ليجهزنهما لليوم الموعود.
وقفت تطالع نفسها بالمرآة بانشداه؛ تتأمل فستانها الذي اختارته عشق.
فستانٌ محتشمٌ من اللون الأحمر.. ينسدل على جسدها بنعومة متخطيًا كاحلها ليستقر على الأرضية.. تنورته تعلوها طبقةً خفيفة من الشيفون الشبه شفاف بنفس لون الفستان، وتتناثر على أكمامه ونصفه العلوي الزهور المنمنمة بنفس اللون الطاغي.
كان متحفظًا يشبهها، ولكن لونه هو المعضلة!
هي تكره الألوان اللافتة للنظر.. اختارته عشق وأثنين عليه البقية؛ فجربته مرغمة.
كان يجعلها فاتنة لا تنكر، ولكن هناك شيءٌ ينقصها لا تعلمه!
صفقت سارة بانبهار:
-الله يا ندى الفستان جميل أوي!
وافقتها جنى:
-أيوة يا ندى بجد شكلك بيه يهبل!
عادت للمرآة مجددًا؛ تتأمل نفسها فيه، وتشعر أنها أخرى لا تعرفها!
صفقت عشق بيديها في انتصار:
-قولتلك هيبقى تحفة عليكي أي خدمة
أنهت حديثها بغمزةٍ مشاكسة.. ابتسمت لها ندى بمجاملة، وبدأت تتحسس الفستان بكفيها.
أغمضت عينيها في تمهل؛ تحاول أن تتوحد معه، وقد نجحت بالفعل.
تنهدت برضا وهي تفتح عينيها أخيرًا، نطقت بإيجاز:
-هاخده..
ابتسمن الفتيات بسعادة، فسألت هي بتذكر:
-فين غادة ومنار صحيح؟!
سخرت عشق:
-غادة خاطفاها وقالتلها مش هتلبسي غير على ذوقي
قهقهن عاليًا، بينما قالت ندى وهي تعود لغرفة تبديل الملابس مجددًا:
-طيب استنوا هخش أغير هدومي واجي معاكم ندور عليهم
أنهت جملتها وتوجهت لتنفذ ما قالته..
خلعت الفستان، ثم شرعت في ارتداء ملابسها العادية حينما رن هاتفها..
كان المتصل عز؛ فأجابت على مكالمته مبتسمة.. كان يبثها حبًا ينم عن مشاعره الملتهبة، أما هي فتبتسم وتجيبه بخجل..
تلك البطلة محظوظةٌ للغاية؛ تعيش حياةً وردية.
ولكن احذري يا عزيزتي؛ فالبطلات لا يعشن برخاءٍ دائمًا..!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أما عنها..
فأضحت شريرة الحكاية..
لن يتعاطف معها أحد، وسيكرهها القراء جميعهم..
ستكون تعيسة حظٍ أوقعها قدرها في يد كاتبةٍ لا تنسى!
ربما تجسدها على هيئة خاطفة الرجال التي سرقت منها حبيبها الغر.. أو تلك الفتاة التي كانت حجر عثرةٍ في الخطو نحو حبها؛ فقررت هزيمتك فوق سطور روايتها؛ لأنها ربما فشلت بذلك في واقعها..
أو حتى ربما تكونين فقط محض صديقةٍ خائنة؛ قررت أن تصب عليكي لعنات الجميع؛ لأن لعنتها وحدها لا تكفي!
هي لم تكن شريرة الحكاية بطبعها؛ ولكنها حشرت في ذلك الدور قسرًا!
معضلتها الوحيدة أنها ترى أن الحب يبيح لها كل شيء..
وأنها الأجدر بقلب الحبيب؛ فمنافستها قد اختارت آخرًا بالفعل!
كانت قد استولت على منار صديقة طفولتها بعيدًا عن باقي الفتيات؛ هي قد سرقت منها أيضًا، والوقت قد آن لاستردادها!
اختارت لها فستانًا بلونٍ بنيٍ مميز.. لم يثر إعجابها تمامًا، ولكنها رضخت لرغبة الأخرى؛ فهي فاقدةٌ للشغف، وتشعر أنها تود الهروب..!
هي محض شخصيةٍ حشرت عنوة بين صفحات الرواية.. استسلمت لسير حبكتها؛ إيمانًا منها بأن الكاتبة ستصحبها لبر الأمان المنشود.
والآن فقط أدركت رعونتها؛ وجدت نفسها في طريق اللاعودة!
فترى ماذا سيكون مصيرها؟ وهل ستنشد راحتها أخيرًا، أم ستضيع؟!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
اكمل القراءة..
أنت تقرأ
للنساء فقط
Romanceالنساء.. لغزٌ كبيرٌ عجزت الكتب عن تفسيره على مر الزمان، وعجز العالم عن فهمه. أن تفهم ما تريده المرأة لهو ضربٌ من الخيال يا عزيزي؛ فكيف ستفهم من عجزت هي شخصيًا عن فهم نفسها!