يقال..
المرء يعرف قيمته في عيون محبيه حينما يقترب من النهايات..
حينما يصبح على شفا حفرةٍ من الموت..
هرجٌ ومرج..
فوضى عمت المشفى..
فتاتين يركضان برفقة شاب في مقتبل العمر نحو مكتب الإستقبال، سأل الشاب الممرضة بنبرةٍ حادة:
-ندى الفيومي.. جت ف حادثة عربية.. اوضة رقم كام من فضلك!
أمسكت الممرضة كشف حالات الطوارئ وبدأت تفتش عن الاسم المطلوب، قالت أخيرًا بعملية:
-اوضة رقم ٢٤
أنهت جملتها وهي تشير لهم نحو الطريق المؤدي للغرفة المعنية.
استبقتاه الفتاتان في الركض وتبعهما هو بخطواتٍ متعجلة، وصلوا أمام الغرفة ليجدوا والديها يجلسان على كراسي الإنتظار، الأم تبكي وحيدتها والأب ينظر للفراغ أمامه بوجل، سقط قلب الفتاتين في قدميهما رعبًا بينما بادر الشاب بسؤال:
-هي آنسة ندى كويسة؟
رفع الرجل بصره إليه وهو يحاول أن يتذكره ولكن دون جدوى، نظرت السيدة للفتاتين وهي تقول بتذكر:
-منار.. غادة!
طالبها زوجها بتفسير صامت بنظرةٍ من عينيه فشرحت موضحة:
-دول صحاب ندى يا حاج..
اومأ بتفهم.. نطق بإجابة السؤال أخيرًا:
-الدكتور أسعفها بس قال لازم الليلة دي تعدي على خير بعدين هتكون كويسة.. ادعولها
ختم حديثه بتوسل فنطقت غادة بلهفة:
-ينفع أشوفها؟
نفى الأب:
-الدكتور مانع حد يشوفها دلوقتي للأسف..
ارتكنت الفتاتين على الحائط المقابل لهما بيأس، حاولن التماسك ولكن دون جدوى؛ فالراقدة بالداخل هي قطعةٌ من القلب وفقدانها يوازي جرحٌ غائر لن يلتأم..
اقترب منهما مصطفى، ضم شقيقته لصدره بينما وجه حديثه لغادة:
-هتكون كويسة.. هي قوية واحنا كلنا عارفين
اومأت غادة بموافقة؛ توأمها اللدود قوية وستنجو..
وصلت عشق مع جنى وسارة للمشفى، انضممن لغادة ومنار وشقيقها بعد أن استفسرن عن حالة ندى من والديها، ارتمت عشق بين أحضان منار وبدأت تبكي؛ فصديقة طفولتها على وشك مفارقة الحياة، لقد انقلبت أفضل ليلة بحياتها لكابوس! اليوم طلبها من أحبته عمرًا للزواج أخيرًا، ولكنها ركضت نحو المشفى والوقت قد شارف على منتصف الليل حينما اتصلت بها جنى وأخبرتها ما حدث..
أما عن جنى؛ فقد رن هاتفها برقم ندى عندما كانت على وشك الخلود للنوم، وقتها تململت في سريرها بقلق وهي تجيب؛ فالوقت كان متأخرًا.. أخبرها رجلٌ ما أن صاحبة هذا الهاتف قد أصيبت في حادث سيرٍ وتم نقلها للمشفى وأنها كانت آخر رقمٌ اتصلت به الفتاة لذا اتصلوا بها.. انتفضت من مكانها بفزع.. علمت منه اسم المشفى الذي سيقلونها إليه.. أغلقت الخط واتصلت بوالديّ ندى تخبرهما بالحادث المؤسف ثم اتصلت بمنار عشق وغادة.. توجهت بعدها بسرعة لغرفة سارة.. أيقظتها بعجالة.. أخبرتها ما حدث فبدأت بالنواح.. عنّفتها قائلة أن الوقت لا يسمح ببكاء عليهما اللحاق بها في المشفى على الفور.. طلبتا سيارة أجرة وتوجها للمشفى الذي كان يبعد عن مسكنهما بعض الشيء.. وصلا للمشفى فالتقيا بعشق على البوابة.. دلف ثلاثتهن للداخل، وها هن الآن يبتهلن الله من قلوبهن أن ينجي صديقتهن سالمة.
مرت ساعتين.. أقنعت جنى والدي ندى بالعودة للمنزل والراحة وأن وجودهما لن يغير شيئًا.. وافقا على مضض فذهب مصطفى لتوصيلهما ثم عاد مجددًا للفتيات.. مر الوقت بطيئًا.. الجميع خارت قواهم.. نامت منار بين أحضان شقيقها وعادتا غادة وعشق مرغمين لمنازلهما بينما بقتا جنى وسارة بالمشفى، وناما هما أيضًا على الكرسي المجاور لمنار وشقيقها.
وبداخل الغرفة كانت ندى تصارع الموت.. تتشبث بالحياة كطفلٍ رضيع يتشبث بوالدته خشية فقدانها، كانت قوية؛ قويةٌ للحد الذي لن تسمح به للموت أن يهزمها..!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الصباح يحمل الخير للجميع دومًا..
فالشمس تأتي لتنير الكون وتنير معها أيضًا قلوب اليائسين..
حل النهار.. كان مصطفى هو أول من استيقظ، أراح جسد شقيقته للخلف ثم نهض من مكانه، خرج من المشفى بأكملها، تمشى قليلًا في الجوار فهو كان يشعر بالإختناق، رن هاتفه فأجاب بإرهاق:
-صباح الخير يا علي..
سأله علي بقلق:
-انت كويس يا مصطفى؟ صوتك ماله! وكمان اتصلت بيك كتير بليل مرديتش!
تنهد ثم أجابه:
-كنت عامل التليفون سايلنت يا علي معلش.. أنا ف المستشفى
جاءه سؤال الآخر المتلهف:
-مستشفى!! أنت وأختك وطنط كويسين؟!
ابتسم مصطفى بطيبة؛ فصديقه المقرب يخاف عليه وكأنه زوجته! أجابه ببرود:
-ندى صاحبة منار أنت عارفها.. عملت حادثة فأنا جيت هنا بمنار عشان تتطمن عليها..
على:
-امممم طب هي كويسة؟
لم يعرف مصطفى بماذا يجيبه، تنهد بنفاذ صبر:
-ادعيلها يا علي..
تمتم علي بدعاءٍ صادق للفتاة، تحدث معه قليلًا ثم أغلق الخط.
تنهد مصطفى بيأس وهو يعود أدراجه للمشفى، كان يفكر.. شعورٌ بالضيق يتملكه وهو لا يعرف كنهه.. هو لم يعتد رؤيتها خاضعة يومًا هي الفتاة التي لا تخضع أو آنسة هرقل كما كان يطلق عليها! الموت مخيفٌ حقًا، سيرته مفزعة، حتى ولو لم يكن لشخصٍ مقرب.
هما لم يكونا صديقين.. ولن يكونا.. في الواقع هي لا تطيقه! وإن أردنا الدقة فهو أيضًا لا يطيقها..
ارتبط لقاءهما الأول بموقف كارثي لا يرغب في تذكره الآن، ولكنه دعى لها بصدق فهي شخصٌ جيد في النهاية ولا تستحق ما حدث.
وصل أخيرًا للمشفى، اختفت الفتيات من أمام الغرفة، بحث عنهن بعينيه فلم يجدهن، استوقف ممرضةً ما:
-لو سمحتي هي حالة ندى الفيومي بقت عاملة إيه دلوقتي؟
ابتسمت له الممرضة:
-انسة ندى فاقت وبقت كويسة وصحابها البنات عندها جوا..
اومأ لها بإبتسامةٍ عابثة أخجلتها فرحلت من أمامه.
طرق باب الغرفة، جاءه صوتها المتعب:
-اتفضل..
سمحت له بالدخول ظنًا منها أنه الطبيب ولكنها ما إن رأته حتى امتعضت! ذلك الشاب يثير حنقها! أما عنه؛ فقد رآها مختلفة! كانت نائمة على الفراش الأبيض الذي يذكره دومًا برائحة الموت، رأسها الصلب اللعين محاط بشاشٍ أبيض ويدها وقدمها اليسرتين مجبرتين بطبقة من الجبس، ملامح الإعياء تملأ وجهها مع بعض الكدمات، نظر لها بشفقة؛ اللعينة كانت تبدو هشة! استنكرت نظرة الشفقة التي لمحتها بعينيه فسألت شقيقته بهمسٍ ضائق:
-أخوكي هنا ليه يا منار؟
كادت منار أن تجيبه لكنه أجاب بسؤالٍ مستنكر:
-نعم! أنا جيت مع منار مكانش ينفع اسيبها تيجي ف وقت زي اللي حضرتك عملتي فيه الحادثة ده لوحدها
نظرت حولها بتحفز؛ كانت تبحث عن شيءٍ صلب تقذفه به، الملعونة!
لم تجد شيئًا للأسف، تنهدت بسخرية:
-تمام معلش المرة الجاية هقول للي خبطني معلش تعالا اخبطني الضهر!
لسانها يستلزم قصه نعم.. ولكن لنؤجل هذا الآن فهي مازالت على قيد الحياة وهذا يكفي..
سألها بإهتمام:
-صحيح تعرفي مين سبب الحادثة دي؟ وكانت مقصودة ولا لاء!
كادت أن تجيبه بلا ولكن إقتحام غادة وعشق للغرفة هو ما منعها، تعلقتا الفتاتين برقبة ندى التي شعرت بضيق تنفس، نطق مصطفى بسخرية وهو يخرج:
-خلي بالكم وأنتم بتحضنوها كدا البشرية ترتاح منها ولا حاجة..
خرج وتقسم هي أنها كادت أن ترميه بسبةً بذيئة يستحقها الآن، ولكنها آثرت الصمت..
ابتعدت الفتاتين عنها وقالت غادة وهي تنظر في إثر الراحل بإبتسامة تيه:
-مصطفى جدع أوي صح يا نودي؟ مهانش عليه يسيبك ويسيبنا ف الوضع ده إمبارح ويمشي
زمت ندى شفتيها:
-يابنتي ما طبيعي يقعد عشان أخته! وكفاية فراشات وقلوب بقى هتفضحي نفسك قدامه ف مرة والله!
أكملت جنى بخبث:
-ده لو مكانش واخد باله فعلا..
امتقع وجه غادة من هذا الهاجس، وزعت بصرها بينهما بقلق:
-تفتكرو فعلا واخد باله؟!
ضحكن جميعًا في نفسٍ واحد وبدأن يشاكسنها في هذا الأمر وهي القلق يناوشها أن يكون عالمًا بمشاعرها بالفعل.
الحب يجعلنا جبناء.. جبناء للغاية!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مهما أنكرت المرأة الحب فستجدونها تفتش عنه.. بين أعين العشاق.. في كلمات أغنية.. عند بائع الزهور.. أو حتى بين صفحات روايةٍ ما..
هناك نوعان من النساء..
كلاهما يبحث عن الحب.. يتمناه.. وحينما يجده هنا تحدث المفارقة!
فهناك امرأةٌ تكون أقوى عندما تحب، تأخذ من الحب قوته وعنفوانه؛ لتدحض بهما ضعفه وهوانه، تستّل سيف كبريائها لتحارب به مشاعرها إن حادت عن السياق، حتى ولو خسرت حبها في المقابل، الأهم عندها ألا تخسر نفسها..
وهناك أخرى خانعة، تحب بجنون يصل لحد
الهوس أحيانًا، تتقبله بعيوبه، بجنونه، بإستعباده لها وإنتشاءه بضعفها، فالمهم أنه يحبها صحيح؟ وما دون الحب لا يعنيها..
وهكذا كانت هي؛ أحبته بجنونٍ وإن لم يصل لمرحلة الهوس بعد.. تحملت منه الكثير، وما خفي كان أعظم..!
استيقظت من نومها في الصباح الباكر كما اعتادت، توضأت وصلت فرضها وهي تدعو الله أن يهديه لها كما اعتادت، شرعت في إعداد الإفطار له، أوقظته ليتناول إفطاره وتناولته معه بلا شهية..
خرج متوجهًا إلى عمله فأمسكت هي هاتفها لتفتحه؛ وجدت عشرات الرسائل تعلمها بمكالماتٍ فائتة من صديقاتها، انتابها القلق فاتصلت بجنى فورًا، والتي كانت آخر من اتصلت بها، انتظرت للحظات حتى جاءها صوت جنى المنزعج:
-صباح الخير يا هدى..
سألتها هدى بلهفة:
-أنتي كويسة يا جنى؟ البنات كويسين؟ لقيتكم متصلين بيا كتير جدًا!
زفرت بضيق:
-ندى عملت حادثة إمبارح ونقلناها عالمستشفى.. حاولنا نبلغك بس لقينا تليفونك مقفول
شعرت هدى بالذنب فهي لم تكن بجانب صديقتها حينما احتاجتها، سألتها بتلهف:
-طب هي كويسة دلوقتي؟!
جنى ببرود:
-الحمدلله عن إذنك هقفل دلوقتي سلام..
أغلقت الخط ولم تمهلها فرصةٍ لحديث.. كانت حانقةٌ عليها وهي تعلم.. ولكنها لا تملك من أمرها شيئًا؛ اتصلت به، لم يجبها أول مرة فأعادت الإتصال مجددًا، أجابها أخيرًا بنبرةٍ ضائقة:
-عايزة إيه يا هدى أنا مش فاضي!
جاءه صوتها الباكي:
-ندى يا محمد ندى صاحبتي عملت حادثة وفي المستشفى ممكن أروح اطمن عليها؟
زفر بحدة:
-يعني أنتي بتتصلي بيا عشان كدا! اقفلي يا هدى اقفلي أنا مش فاضيلك أنتي وصحابك التافهين دول كفاية إني بسمحلك تقابليهم يوم ف الأسبوع.. استني الأسبوع الجاي وابقي روحيلها عادي يلا سلام
أغلق الخط دون أن يسمح لها بمناقشة، هكذا هو دائمًا يأمر وهي تطيع..
تنهدت بيأس وهي تقرر إنتظاره حتى تحاول إقناعه بالذهاب، وحتى ذلك الوقت ستنصاع لأوامره..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الطريق إلى العظمة..
يبدأ من المعاناة..
الطريق إلى النجاح..
يبدأ بفشلٍ مبدئيّ..
كانت فتاةٌ لا تيأس، تركت منزل والدها بعدما ضاقت من معاملة زوجته السيئة وآبناءها الوقحين، قصةٌ مكررة؛ زوجان ينفصلان، يشق كلٌ منهما طريقه من جديد غير آبهين بأولادهما، يتشتت الأطفال بينهما في حربٍ دائم، يعيشون حياة مفككة، سيناريو يشبه الكثير، ولكنها قررت الخروج عن النص!
سارة يوسف.. فتاةٌ من طبقةٍ تتخطى المتوسطة بقليل.. انفصل والدها وتزوج كل منهما بشخصٍ جديد.. لم تجد أنه من اللائق العيش مع والدتها وزوجها الجديد فقررت العيش مع والدها.. عاشت معهما قرابة الخمس سنوات عانت فيهم بما يكفي فقررت الرحيل.. كما توقعت لم يعارض والدها كثيرًا وتهللت أسارير زوجته.. وجدت لها صديقتها ندى شقةً مناسبة.. قطنت فيها لبعض الوقت وعملت بوظيفة لا تمت لدراستها بصلة ولكنها تظل أفضل من لا شيء.. مر بعض الوقت قبل أن تأتي لتشاركها في السكن فتاة تمتلك ظروفًا مشابهة على ما تعتقد.. تركت عملها فيما بعد بسبب وقاحة صاحب المطعم الذي تعمل فيه.. وجدت عملًا إلكترونيًا كمترجمة لبعض المقالات لجريدة تركية تود أن تمد جذورها لداخل الشرق الأوسط.. ارتضت بهذا العمل كمؤقت حتى تبحث عن الأفضل.
عادت للمنزل أخيرًا بعد أن اطمأنت على ندى وتأكدت من أن منار وشقيقها سيوصلانها لمنزلها، تركتها جنى وذهبت للجريدة التي تعمل بها كصحفية، بدلت ملابسها وأعدت لنفسها كوبًا من الشيكولا الساخنة، جلست أمام حاسوبها النقال لتترجم مقالة اليوم، تصفحت موقع التواصل ليستوقفها إعلان وظيفة! مصرفًا دوليًا يطلب موظفة علاقات عامة تجيد لغتين منهما الأنجليزية وتجيد إستعمال الحاسوب، شعرت بالأمل! ستتقدم لتلك الوظيفة..
نهضت في عجالة، ارتدت ملابسها وقررت الذهاب إلى هناك فالمقابلة اليوم ويجب عليها الإسراع..
الصدفة قد تحمل لنا حياةً جديدة، وقد تحمل لنا حلمًا طال إنتظاره، هناك فرصة لا تأتي سوى مرةً واحدة فقط؛ لذا علينا ألا نفوتها..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
من لا يهتم بمعدته لن يهتم بأي شيءٍ آخر.
_صمويل جونسون.
الطعام..
ذلك الشيء الممتع..
المرأة تقدس الطعام.. أكثر من الرجال أحيانًا!
فهي تأكل حينما تغضب، حينما تحزن، حينما تفقد شخصًا عزيزًا، وبلا شك تزداد شهيتها عند الفرح..
كانت سعيدة.. سعيدة للغاية.. اليوم هي تخرج معه أخيرًا!
مالك حسين.. مدربٌ رياضي ولاعب كرة سلةٍ ماهر.. يمتلك صالة الألعاب الرياضية التي تتمرن بها مؤخرًا.. تعثرت به في يومها الأول فدلها على الطريق بلطف.. تصادفت طريقها معه بعدها عدة مرات علمت فيها أنه هو صاحب هذا المكان.. أخبرته بيأس أنها تود أن تفقد وزنها ولكنها تحب الطعام.. أخبرها بحنكة أن وزنها مناسب ولكنها تحتاج فقط لبعض التمارين كي تحافظ على رشاقتها.. اتفق مع مدربتها على نظامٍ تدريبيٍّ معين لها.. توالت أحاديثهما بعد ذلك حتى أصبحا صديقين.. قرر مكافئتها اليوم على فقدان اثنان كيلوغرام من وزنها؛ فدعاها لتناول الغداء معه.
طلب لنفسه ولها الطعام وجلس يتسامر معها لحين إعداده، هو صديقٌ لطيف، ليّن الإبتسامة، سلس المعاملة، طيب المعشر، صحبته تجبرك على الإبتسام، وتجعل شعورًا بالراحة يتسلل إلى داخلك..
وصل الطعام، تناولته بشراهة وهو شاركها إياه بنفس العبث، سألته بدهشة:
-بس غريبة يعني أنت شاب رياضي ورغم كدا بتاكل زينا عادي!
قهقه بشدة وأجابها بجملةٌ كوميدية سمعها بفيلمٍ ما:
-يخربيت دكاترة التخسيس اللي بوظوا سمعتنا!
ضحكت بخفة فأردف هو بغموض كأنه يخبرها بسرٍ حربي خطير:
-السر ف الحرق يا لبنى..!
رفعت حاجبيها بدهشة فأكمل موضحًا بغمزةٍ عفوية:
-يعني كلي اللي نفسك فيه بس اجري كتير أو العبي رياضة وقتها وزنك مش هيزيد..
أردف مشيرًا لنفسه:
-وطبعا أنا بلعب رياضة تكفيني وزيادة.. فآكل براحتي بقى
قال جملته الأخيرة وهو يشرع مجددًا في تناول طعامه، بينما ابتسمت هي بخفة وأكملت طعامها هي الآخرى..
الطعام يجعلنا أسعد.. يطرد الطاقة السلبية ويحفز خلايا السعادة.. وربما الخلايا المسؤولة عن الحب أيضًا!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هي امرأةٌ اعتادت الخطر.. استساغت طعمه حتى بات معتادًا.. شعور الإدرنالين أصبح يشبه شعور الجوع عندها؛ تشعر به بصفةٍ دورية.
اختارت مهنتها عن حب، كانت تتمناها منذ الصغر، التحقت بكلية الحقوق وفقًا لرغبتها ال شخصية بالرغم من مجموع الثانوية العامة المرتفع خاصتها والذي كان يؤهلها لكليةٍ مرموقة، أنهت دراستها بتفوق ثم التحقت بمهنة المحاماة، وها هي الآن محاميةٌ ذاع صيتها في الوسط القانوني؛ اشتهرت بردها الحقوق لأصحابها مهما كانت ظروفهم المادية أو ظروف الخصم، اعتادت التعرض لمحاولات إبتزازٍ وتهديد، وبالأمس حاولوا قتلها!
مختار فراس.. رجل الأعمال الشهير.. صاحب مزارع البطاطس.. والمتورط في قضية فساد.. كان هو سبب الحادث بالطبع! كانت تعلم.. والرسالة التي وصلتها للتو كانت أكثر من كافية لتتأكد..
"المرادي قرصة ودن المرة الجاية بموتك يا ندى..!"
رسالةٌ تفوح منها رائحة الخطر.. رائحةٌ أدمنتها هي حتى الثمالة!
أنت تقرأ
للنساء فقط
Romanceالنساء.. لغزٌ كبيرٌ عجزت الكتب عن تفسيره على مر الزمان، وعجز العالم عن فهمه. أن تفهم ما تريده المرأة لهو ضربٌ من الخيال يا عزيزي؛ فكيف ستفهم من عجزت هي شخصيًا عن فهم نفسها!