البداية..
البدايات هي أعظم ما يمر على الإنسان؛ فهناك بدايةٌ تعرفنا بأشخاصٍ جدد..
وهناك بدايةٌ تنهي علاقتنا بآخرين..
بدايةٌ تقودنا نحو الحلم..
وبدايةٌ تسلبه منّا!
بدايةٌ سعيدة، وأخرى تأتي بعد نهايةٍ تعيسةٍ فتشبهها..
علينا فقط أن ننتبه إلى أين ستقودنا هذه البداية؛ كي نتجنب نهايةً قد تودي بنا إلى الجحيم..
الصداقة كنزٌ، فاختر جواهرك بعناية، اختر دومًا النفيس والغالي منها، دع المزيف والمقلد لأصحاب الثمن البخس..
الصديق؛ كلمةٌ بأحرف قليلة ولكنها تجمع الكثير من المعاني.
اختر أصدقائك بحكمة؛ فهم سيرافقونك طوال رحلتك، سيكونون صفًا من المصلين عليك في جنازتك، سيشاركونك نجاحاتك وإنتصاراتك، سيتلقون معك هزائمك بروحٍ صلبة، الصداقة هي صلة قرابة لا تساهم الدماء في تكوينها..
في مقهىٍ يطل على شاطئ البحر كان اللقاء..
قارئةٌ نهمة، تقابل اثنتين أخرتين تعرفت عليهما بإحدى مواقع التواصل الإجتماعي في مجموعةٍ لمحبات القراءة الإلكترونية، وحان وقت اللقاء..
كانت تتناول مشروبها الأثير الذي تعشقه في إنتظارهما، رفعت رأسها على صوت أنثوي رقيق:
-ندى؟
نظرت لها المدعوة ندى ثم سرعان ما اتسعت إبتسامتها وهي تنهض، صافحت الفتاة بترحاب ثم عانقتها هي والأخرى:
-منار.. غادة أخيرًا
وهنا كانت بداية صداقة كُتب لها أن تستمر..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الصدفة..
كلمةٌ تذهب بعقلك إلى موقف بعينه..
مقابلةٌ مع أحدهم..
إعلانٌ يتضمن وظيفةً كنت تحلم بها في إحدى الجرائد التي لا تتصفحها في العموم..
كتابٌ لكاتبٍ مغمور تجده أثناء تصفحك للإنترنت فيغير حياتك..
الصدفة قد تكون لقاءًا مزعجًا أيضًا..!
منزلٌ فخم.. مكونٌ من طابقين يشبه في تصميمه الڤيلات الأمريكية.. تحديدًا في غرفة الصالون تجلس في إنتظار صديقتها، تتلذذ بعصيرها المميز وتتصفح مواقع التواصل التي تدمنها، كانت تقرأ روايةً ما واندمجت به لدرجة أنها لم تشعر بالذي تسلل للغرفة ووقف خلفها، نطق بنبرةٍ متسلية:
-اووه شكلها رواية ممتعة!
انتفضت بذعر، قهقه هو بمشاكسة:
-اهدي اهدي ده أنا..
هي تكره الأغبياء.. وخاصةً الرجال منهم! رفعت حاجبها وهي تنظر له بإستهجان:
-أنت مين؟
قالتها بحدة فابتسم هو بسحرٍ يعلم تأثيره جيدًا على من هم مثلها، مد يده يرغب في مصافحةٍ ودية:
-أنا أخو منار.. وأنتي مين بقى يا قمر؟
كان شابًا عابثًا بإمتياز وهذا ما كانت تتوقعه؛ خاصةً بعد أحاديث منار وغادة العابرة عنه، ولكن ما لم يتوقعه هو ذلك السائل اللزج الذي لوث ملابسه فجأة..!
رفع عينيه لها بصدمة، تحركت ببرود لتضع الكأس على المنضدة الكريستالية بجوارها بعد أن نثرت محتواه بوجهه..
أهدته تحذيرًا صامتًا بعينيها أنها لن تسمح له بالتلاعب معها، ابتلع هو التحذير بصمتٍ مبهم وابتلع معه الإهانة التي أعلنت خسارته بجدارة أمام تلك الجميلة الشرسة.. لتكون سقطته الأولى في عالم النساء..
بعض البدايات كارثية؛ كبدايةٍ تحمل صدفةً منكهةٍ بطعم التوت..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
البداية قد تأتينا في مكانٍ لا نتوقعه..
عمل، مقهى، مشفى، أو حتى في إحدى الشوارع! والبداية هنا كانت في صالة الألعاب الرياضية..
جاءت مرغمة؛ بعد أن زاد وزنها بطريقةٍ ملحوظة وقررت أن تستعيد السيطرة عليه مجددًا..
دلفت للمكان برهبة، رأت رجالًا عاريين الجذع يتدربون بخشونة، المكان رجوليٌّ بحت! فكرت في التراجع، تحركت قدميها خطوتين للخلف بالفعل، حتى ارتطمت به! استدارت بسرعة، همت أن تعتذر ولكن ألجمها ذلك الحائط البشري الذي ارتطمت به، كان ضخمًا! لم تر رجلًا بهذا الحجم من قبل! اعتذرت بتوتر:
-امممم آسفة!
انفجرت شفتيه بإبتسامةٍ لطيفة تناقض مظهره:
-ولا يهمك.. خير شكلك تايهة!
لمعت عينيها بالدموع، ودت أن تبكي كطفلةٍ تاهت من والديها في الزحام..
سألته بيأس:
-كنت جاية الچيم أنا أعرف إنه مختلط بس معرفش مكان السيدات فين! ومش لاقية حد اسأله..
اتسعت إبتسامته ثم أشار لها نحو الدرج:
-اطلعي من هنا هتلاقيه..
نظرت له بإمتنان، تمتمت بخجل:
-شكرًا
وهذه بداية..
بدايةٌ خجولة في المكان الأغرب على الإطلاق..!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الحب..
الشعور الأروع في العالم..
معظم النساء تبحث عن شخصٍ ينبض قلبها له، شخصٌ يسرقه، وفي المقابل يتوجها ملكة على عرش قلبه وعقله..
أما بعضهن فينظرن للحب على أنه لعنة!
الحب يصيب المرأة فيجعلها مخبولة، راكضةٌ خلف ذكرٍ أحمق ينتشي بسيطرته الواهية عليها..
وهي كانت من النوع الأول..
أنثى حالمة..
عاشقةٌ حمقاء..
تزوجت من حبيبها بعد عناء؛ فوالديها لم يكونّا متقبلين لهذه الزيجة لأسبابٍ رأتها هي واهية..
وافقا أخيرًا بعد ضغط منها، وها هي الآن تدلف معه لعش زوجيتهما الصغير، بعد عرسٍ بسيط في منزل أهل زوجها ارتضت هي به نظرًا لضيق حالته المادية..
حملها برومانسيةٍ معتادة في هذه المواقف، خطى بها لداخل الشقة المستأجرة وهو يهمس لها بحب:
-نورتي بيتك يا عروسة..
أخفت وجهها في صدره خجلًا ثم نطقت بسعادة:
-أنا مش مصدقة إننا أخيرًا اتجوزنا يا محمد!
وتلك بدايةٌ جديدة، بدايةٌ لزواج مختومٌ بصك العشق..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الخيانة..
أبشع ما في الوجود..
خنجرٌ ثلم يخترق القلب فيمزق نياطه بقسوة..
الخيانة بشعة..
تكسر أعتى القلوب..
هناك لحظة لا نستطيع بعدها العودة للماضي، أو إلى ما كنت عليه حينها..
هي كانت امرأةً قوية، صلدة، تجيد التحكم في مشاعرها، تعرف كيف تقوم بتطويع مشاعرها، لم تسقط أبدًا من قبل، كانت هي من تحمي رفيقاتها من سقطات قلوبهن، ولكنها سقطت..!
كانت تأكل الدرج ركضًا.. أصابها الجنون منذ أن وصلتها تلك الرسالة مجهولة الرقم.. حبيبها خائن! الوحيد الذي تنازلت وفتحت له قلبها المفيض بالعشق خانها!
كانت تكذب نفسها حتى اللحظة الأخيرة، وصلت أخيرًا لباب شقته، طرقت الباب بعنف حتى فُتح لها، تراجعت مصعوقة مما رأت.. فالخائنة كانت آخر فتاةٍ قد توقعت رؤيتها هنا والآن وبهذا الوضع! نطقت الآخرى بذعر:
-ندى!!
وهنا كانت بداية..
بداية كسر..!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الحب أعمى..
النساء غالبًا ما يتغاضين عن أخطاء من يحبون..
يبررون كل شيءٍ بدافع الحب..
في الحب كل شيءٍ متاح؛ حتى الخيانة يمكن تبريرها..
كانت تتحمل..
تقنع نفسها أنه يحبها وهذا يكفي..
حذرها أصدقائها من التساهل معه كثيرًا ولكنها لم تقتنع..
استنزفت نفسها معه، حتى انتهى مخزونها بأكمله..
انتوت الرحيل وحان وقت التنفيذ..
كانا يجلسان في إحدى المقاهي، كانت صامتة، تململ هو في جلسته قائلًا بتأفف:
-يابنتي ما تنطقي بقى طلبتي تقابليني فجأة ليه! قولتلك مش فاضي مقدرتيش تستني ليوم الجمعة يعني!
تنهدت بوجوم، امتدت كفها بتردد لتمسك بأصبعها الذي كانت ترتدي به خاتمه، خلعته بيدٍ مرتعشة ثم وضعته بكفه، رفع عينيه لها بصدمة يطالبها تفسيرًا، نظرت له بخواء:
-أنا آسفة بس أنا مش قادرة أكمل.. إحنا لازم نسيب بعض..
اشتدت قبضته على الخاتم الذهبي، قال بغضب:
-نسيب بعض؟! أنتي مستوعبة أنتي بتقولي إيه!!
تحشرجت نبرتها وهي تجيبه:
-مش قادرة استحمل.. مش هقدر أكمل!
بدأت تبكي.. غطت كفها بيديها لتحجب عنه دموعها.. أزاح كفيها وهو يقول بحنان:
-اهدي بس يا شوشو.. دي لحظة شيطان يا حبيبتي أنا بحبك وأنتي عارفة.. اغزي الشيطان والبسي دبلتك
نظرت له بحنق، ازاحت يده بعنف:
-أنت إيه يا أخي!! بقولك مش طيقاك مش عايزة أكمل.. مبقتش أحبك
تركت المكان وفرت من أمامه راكضة قبل أن تتراجع عن قرارها الذي تأخر كثيرًا..
وتلك بدايةٌ أيضًا..
بداية إدراك..!
أنت تقرأ
للنساء فقط
Romanceالنساء.. لغزٌ كبيرٌ عجزت الكتب عن تفسيره على مر الزمان، وعجز العالم عن فهمه. أن تفهم ما تريده المرأة لهو ضربٌ من الخيال يا عزيزي؛ فكيف ستفهم من عجزت هي شخصيًا عن فهم نفسها!