"الوقاية من تطاير الرغبة خيرٌ من عبث التجربة." كان هذا هو مبدأه فيما يخص أمر الحب..
هو رجلٌ قست عليه الحياة وهو مازال يافعًا.. اقتص منه المقربون عنوةٍ على ذنبٍ لم يرتكبه..
كرهه البشر من حوله؛ لذا لا تتوقعوا منه أن يؤمن بما يدعى الحب!
انتهى من عمله لليوم.. استقل سيارته متجهًا نحو ذلك المكان الذي يبغضه ولكن مع الأسف هو مجبرٌ!
وصل لقصرٍ فاره.. ترجل من السيارة وخطى نحو الداخل بتثاقل..
اليوم ذكرى وفاة والده المبجل.. ذلك الرجل الذي كان سببًا رئيسيًا في تشتته وتشرده حتى بعد موته.. تزوج بعد وفاة والدته العزيزة وأتى له بإمرأة من المفترض أن تكون أمه، هكذا أخبره يومها! ولكن السيدة ثريا لم تكن سوى زوجة أبٍ شريرة أجادت دورها بإقتدار.. لم تبالْ بكونه يتيمًا.. بخلت عليه بمشاعر أمٍ بديلة كان في أمّس الحاجة إليها وقتها.. اهتمت بطفلتها التي لم تكن تبلغ من العمر وقتها سوى ما يقرب من الثلاثة أعوام، والناتجة عن زيجة أخرى سبقت زيجتها بوالده.. ثم اكتمل بطشها حين توفي والده، وقتها أخبرته أن والدها قد كتب لها جميع ممتلكاته قبل أن يتوفى وقامت بطرده من القصر! نبذه جميع أقاربه وأصبح مراهقًا شريدًا على أعتاب المرحلة الجامعية ولا يجد قوت يومه! انتشله مصطفى وعائلته من ضياعه.. أقام بمنزلهم طوال سنوات دراسته بينما كان يعمل ليغطي مصاريفها ومصاريفه الشخصية.. استعاد زمام السيطرة على حياته مجددًا وبدأ بشق طريقٍ جديد.. تناسى كل ما في ماضيه ولكنه حافظ على عادةٍ وحيدة! اعتاد أن يعود لذلك المكان مجددًا مرةً في العام؛ وتحديدًا في ذكرى وفاة والده.
عاد لواقعه حينما وصل للبوابة الداخلية للمنزل وظل واجمًا.. طرق الباب وانتظر أن تفتح له الخادمة كما العادة، أو ربما تتكرم عليه زوجة أبيه وتفتح له تلك المرة.. لم يدر أن ظنونه ستخيب؛ فمن فتحت له الباب لم تكن زوجة أبيه الشمطاء، كما أن تلك ليست هيئة خادمة بالطبع! ظهرت أمامه فتاةٌ متشحةٌ بالسواد.. ترتدي فستانًا بدون أكمام من اللون الأسود يعانق جسدها بإغواء.. عيناها بهما مكرٌ فطري وتنظر له بإنشداه.
نطقت أخيرًا بصدمة:
-علي!!
حسنًا، يبدو أن تلك الفتاة تعرفه! سألها بإستنكار:
-أنتي تعرفيني؟!
اتسعت إبتسامتها فجأة، ثم مدت كفها لتصافحه بزهو:
-أنا ساندي.. نورتنا يا دوك!
والموقف هنا يحتمل صدمة..!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الزواج بالنسبة لها قيدٌ مخيف..
أسطورةٌ واهية كتبها المجتمع ككاتبٍ هاو ود أن يصنع منها رواية وردية تختم بجملة" وعاشا بسعادةٍ إلى الأبد."
كاتبٌ فشل في إنهاء أسطورته بحالميةٍ لا تناسب الموقف، فأنهاها بلعنةٍ سطورها تحرق الجميع!
والدها لم يتزوجا عن قصة حب، كان زواجًا مدبرًا بإمتياز؛ لذا ربما هما يعيشان حالة مستقرة نسبيًا.
الحب يفسد الزواج كما تعتقد هي؛ وهدى صديقتها تعد مثالًا يحتذى به في هذا الأمر بالذات! تزوجت بمحمد عقب قصة حبٍ عظيمة كانت هي بنفسها أحد شهودها العيان، والآن ماذا؟ تعيش تتمة حكايتها بأبشع طريقةٍ ممكنة!
وأما عن عشق.. هي وهاني يحبان بعضيهما؛ الأمر واضح ولا يمكن إنكاره، ولكنها رغم ذلك ترى بوادر شجاراتٍ بدأت تلوح بينهما في الأفق!
تعلم أن عز يكن لها بعض المشاعر، وهذا ما يربكها؛ فهي تخاف أن ينتهي بها الأمر ذليلة لمشاعر لن تستطيع التخلص منها بسهولة إن أرادت!
طلب أن يقابلها ووافقت.. ارتدت ملابسًا بسيطة.. قميصًا أنثويًا من اللون الأبيض، وبنطالًا من الجينز الداكن، وغطت شعرها بحجابٍ أرجواني ثم وضعت لمسةً خفيفة من أحمر الشفاه..
خرجت من المنزل واستقلت سيارة أجرة تتجه بها للمقهى الذي اتفقا على أن يلتقيا به.. وصلت للمكان المقصود، وترجلت من السيارة ثم دلفت للداخل بتردد.
بحثت عنه بعينيها حتى وجدته يلوح لها من بعيد.. ولكن مهلًا! هو ليس بمفرده؛ بل ترافقه فتاةٌ ما.
وصلت إليهما وهي توجه له سؤالًا صامتًا عن هوية تلك الفتاة.. ابتسم لها يهديها طمأنينة.. صافحها بود، ثم قدم لها الفتاة موضحًا:
-دي نسرين أختي يا ندى اللي حكتلك عنها..
اتسعت إبتسامتها بإدراك ثم صافحتها ببشاشة:
-أهلا يا نسرين
صافحتها الفتاة ببرودٍ واضح:
-هاي ازيك..
استشعر هو التوتر الحادث فدعاهما لمعاودة الجلوس.. بدأ حديثه:
-قولت لازم تتعرفي على أختي يا ندى عشان لما نتجوز إن شاء الله
نطقت بإستنكار:
-بس أنا لسة موافقتش!
ابتسم برقة يغمرها ثقة:
-خدي وقتك بس متأكد إنك هتوافقي ف النهاية.. رفعت حاجبيها بدهشة؛ فهو يثق بنفسه كثيرًا!
كانت شقيقته ترمقها بضيقٍ صامت ولم تتحدث أبدًا.. خمنت ندى الأمر أنها مجرد غيرة طبيعية وتحفظ سيزولان مع الوقت؛ فكما أخبرها عز أن شقيقته هي كل عالمه منذ الصغر، بالطبع الفتاة لا تريد من يشاركها فيه!
قضت يومها معهما، وحاولت إذابة الجليد بينها وبين الفتاة، ثم أوصلها عز في المساء إلى منزلها برفقة شقيقته، بعد أن جعلها تعده أن تخبره بموافقتها في أقرب وقت..
تملكت منها الحيرة؛ فالأمر بالنسبة لها مصيريٌ بحت! ترى ماذا ستفعل!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
طالما لازال في العمر بقية فلنعتبر ونتغير!
لنتعلم من تجاربنا وأخطائنا.. لنجرب ترك منطقتنا الآمنة اللعينة بحثًا عن الحياة التي نستحق أن نعيشها..
لننهض من ثباتنا بحثًا عن الذات.. وبحثًا عن أبسط حقوقنا التي فرطنا بها بدافع الحب!
انتهت من أعمال المنزل، وأعدت له الطعام وقد حسمت أمرها في التحدث معه أخيرًا؛ فهي قد اكتفت من معاملته البائسة لها.
أنت تقرأ
للنساء فقط
Romanceالنساء.. لغزٌ كبيرٌ عجزت الكتب عن تفسيره على مر الزمان، وعجز العالم عن فهمه. أن تفهم ما تريده المرأة لهو ضربٌ من الخيال يا عزيزي؛ فكيف ستفهم من عجزت هي شخصيًا عن فهم نفسها!