الفصل الثاني والعشرون

69 7 0
                                    

الحب يعطي لحياتنا نكهة مميزة..
البعض يعتبره هدفًا أسمى لحياته، والبعض الآخر لا يأخذ أمره بحساسية كما يفعل الباقون..
ولكن الحب يشكل ركيزة أساسية في حياة النوعان بطريقةٍ ما، حتى ولو حاولوا إدعاء العكس..
معظم الإناث يتنفسن بالحب..

يعشن به ومن أجله..
يظنون أنهم خلقوا فقط ليعشقوا، وأن من لم تتذوق الحب بعد وترفض أن تعيشه فهي ليست أنثى!
من ترفض الحب في عرفهم تعد يابسة، صلبة كالصخر، ولا تتحلى بالأنوثة.
وفي الواقع هن جبناء يهابون المرأة القوية؛ فالأنثى تعلم أن القلب هو مكمن ضعفها، وأن من تحرص على قلبها لا تمتلك ضعفًا؛ فيخشون قوتها الكامنة، التي وإن ظهرت فستغرقهم تحت ركام ضعفهم!
كانت محط سخرية صديقاتها دومًا؛ فهي لم تعايش الحب مثلهن، ولم تجرب جراحه أو عذابه على حد تعبيرهن.
كنّ يظننها بلا مواطن ضعف ولكنهم كانوا مخطئين..
هم كانوا نقاط ضعفها وقوتها..
كانوا عزوتها في هذه الدنيا..
ثروتها الوحيدة والنفيسة..
بعض البشر يعتبرون أصدقائهم هم جيشهم الوحيد، وحين يخسرونهم يغدون بلا حماية كقشة كانت بين كومة قش، ثم وجدت نفسها فجأة في مهب الريح!
هي من استعاضت عن الحب بالصداقة، وحينما بدأت تؤمن بوجوده خسرت كلاهما!
استفاقت من غيبوبتها الإجبارية، فتحت عينيها ببطء، وطالعت المكان من حولها بتشوش؛ تحاول أن تخمن أين هي ولكن دون جدوى.
شعرت بألمٍ شديد يعصف برأسها؛ فأمسكتها بتأوه وهي تحاول النهوض.
نهضت ببصرٍ غير واضح، تحسست الجدران بيديها تدعم جسدها في الوقوف، ثم سمعت صوت حركة آتية من الخارج، تلاها دخول رجلٌ لا تعرفه، ولم تره من قبل.
جابهته بوقفة متحفزة؛ استعدادًا لأي هجوم أو محاولة اعتداء منه.
طالعها بسخرية؛ فالفتاة تظن أنها ستستطيع مجابهته لو أراد فعل شيء!
-بصي يا ست أنتي هما كلمتين ورد غطاهم..
شعرت بالإشمئزاز من لهجته السوقية، ولكنها آثرت أن تصمت بفضول لتستمع لبقية حديثه، انتظرته يكمل:
-هتقعدي عاقلة هتمشي سليمة ومحدش هيقربلك، لكن هتتشاقي بقى وتعمليلي قلبان وقتها متلوميش غير نفسك!
شرعت في التفكير عن سبب إختطافها إذا لم يكن الهدف هو سرقة أو قتل أو أي سبب إعتيادي آخر، إذًا فخطفها مدبر!
أتاها حل اللغز على لسانه كطبق من فضة حينما أخبرها:
-هما أسبوعين تقعدي بأدبك لحد ما قضية الواد اللي أنتي مسكاها دي تاخد حكم نهائي وبعدين هطلعك.
أنهى حديثه ووضع لها بعض الطعام، ثم غادر.
ضربت رأسها بيأس تلعن حظها البائس؛ فسجينها المظلوم الآن -بسببها- لن ينال براءته!
جلست أرضًا بقلة حيلة وقد تزاحمت الأفكار برأسها..
تفكر بطريقة آمنة للهروب، وبحالة منار عندما تعلم بإختفائها؛ فهي الوحيدة التي تسأل عنها الآن بإستمرار.
هل علم مصطفى؟ ستزيد همًا آخر فوق همومه الكثيرة، وهذا ما لا تريده!
وفي مكان آخر كان آخران يحتفلان بإنتصارهما المبدأي؛ ففريستهما المشتركة قد سقطت!
-مبروك علينا النصر يا غادة..
بادلته الابتسامة الماكرة بأخرى تشبهها، ثم تعالت ضحكاتها السعيدة وهي تجيبه:
-مكانش هيتم لولاك يا عز حقيقي!
أهداها إيماءة زهو، وناولته هي قدح القهوة، ثم بدأت تتناول خاصتها.
قررا الإحتفال بمعملها الطبي؛ بعيدًا عن الأعين.
-ها هتطلع مصطفى امتى؟
سألته بجدية ليرفع حاجبيه بتلاعب، ثم أجابها بمماطلة لم تعجبها:
-قريب متقلقيش..
-أيوة القريب اللي هو امتى يعني؟!
سألت بعناد؛ فارتشف قهوته بهدوء ثم أجابها:
-متقلقيش صدقيني؛ الجلسة الجاية هيطلع.
اومأت بإطمئنان دون أن يزول شكها كاملًا، ولكنها آثرت الإنتظار لترى هل سينفذ جزءه الخاص من الإتفاق أم لا..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الحب لدى الرجال شيءٌ ثانوي..

للنساء فقطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن