قلت لأحد علمائنا : إذا كان معاوية قتل الأبرياء، وهتك الأعراض، وتحكمون بأنّه اجتهد وأخطأ وله أجر واحد، وإذا كان يزيد قتل أبناء الرسول، وأباح المدينة لجيشه، وتحكمون بأنّه اجتهد وأخطأ وله أجر واحد، حتّى قال بعضكم : « قُتل الحسين بسيف جدّه » (١) لتبرير فعل يزيد.
فلماذا لا اجتهد أنا في البحث وهو ما يجرّني للشك في الصحابة وتعرية البعض منهم، وهذا لا يقاس بالنسبة للقتل الذي فعله معاوية وابنه يزيد في العترة الطاهرة، فإن أصبت فلي أجران وإن أخطأت فلي أجر واحد.على أنّ انتقاصي لبعض الصحابة لا أريد منه السبّ والشتم والّلعن، وإنّما أريد الوصول إلى الحقيقة لمعرفة الفرقة الناجيّة من بين الفرق الضّالة، وهذا واجبي وواجب كُلّ مسلم، والله سبحانه يعلم السرائر وما تخفي الصدور.
أجابني العالم قائلا : يا بني لقد أُغلق باب الاجتهاد من زمان.
فقلت : ومن أغلقه؟
قال : الأئمّة الأربعة.
فقلت متحرّراً : الحمد لله إذ لم يكن الله هو الذي أغلقه، ولا رسول الله، ولا الخلفاء الراشدون الذين أُمرنا بالاقتداء بهم، فليس عليّ حرج إذا اجتهدت كما اجتهدوا.
فقال : لا يمكنك الاجتهاد إلاّ إذا عرفت سبعة عشر علماً، منها : علم التفسير، واللغة، والنحو، والصرف، والبلاغة، والأحاديث، والتاريخ وغير ذلك.
وقاطعته قائلا : أنا لن اجتهد لأبيّن للناس أحكام القرآن والسنّة، ولا لأكون صاحب مذهب في الإسلام.. كلاّ، ولكن لأعرف من على الحقّ ومن على الباطل، ولمعرفة إن كان الإمام عليّ هو الحقّ أو معاوية مثلا، ولا يتطلّب ذلك الإحاطة بسبعة عشر علماً، ويكفي أن أدرس حياة كلّ منهما وما فعلاه حتّى أتبيّن الحقيقة (١) .
قال : وما يهمّك أن تعرف ذلك : ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (١) .
قلت : أتقرأ ولا تسألون بفتح التاء أم بضمّها؟
قال : تسألون بالضم.
قلت : الحمد لله، لو كانت بالفتح لأمتنع البحث، وما دامت بالضم فمعناها أنّ الله سبحانه سوف لن يحاسبنا عمّا فعلوا وذلك كقوله تعالى : ﴿كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ (١) ، و﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ (٢) .
وقد حثّنا القرآن الكريم على استطلاع أخبار الأمم السابقة ولنستخلص منها العبرة، وقد حكى الله لنا عن فرعون وهامان ونمرود وقارون وعن الأنبياء السابقين وشعوبهم، لا للتسلية ولكن ليعرّفنا الحقّ من الباطل، أمّا قولك : وما يهمّني من هذا البحث؟
![](https://img.wattpad.com/cover/197649335-288-k16234.jpg)
أنت تقرأ
ثم اهتديت
General Fictionيتكلم هذا الكتاب عن حياة دكتور محمد التيجاني السماوي ورحلته الى التشيع و اكتشافه الحقائق بكتابته لهذه الكتاب قد بين تفكيره و السبب الذي جعله يتشيع