👨أدخلني صديقي إلى مسجد في جانب الحرم مفروش كُلّه بالسجّاد، وفي محرابه آيات قرآنية منقوشة بخط جميل، ولفت انتباهي مجموعة من الصبيان المعمّمين جالسين قرب المحراب يتدارسون وكُلّ واحد في يده كتاب، فأعجبت لهذا المنظر الجميل ولم يسبق لي أن رأيت شيوخا بهذا السنّ أعمارهم تتراوح ما بين الثالثة عشر والسادسة عشر وقد زادهم جمالاً ذلك الزي فأصبحوا كالأقمار.
سألهم صديقي عن « السيّد » وأخبروه بأنّه يصلّي بالناس جماعة، ولم أفهم من هو السيّد الذي سألهم عنه، غير أنّني توقّعت أنّه أحد العلماء.
وعرفت فيما بعد أنّه السيّد الخوئي زعيم الحوزة العلمية للطائفة الشيعيّة، مع العلم بأنّ لقب « السيّد » عند الشيعة هو لقب لكُلّ منحدرٍ عن سلالة النبي (صلي الله عليه و آله وسلم)، ويرتدي « السيّد » العالم أو طالب العلوم الدينية عمامة سوداء، وأما العلماء الآخرون فيرتدون عمامة بيضاء ويلقّبون بـ « الشيخ »، وهناك نوع من الأشراف الذين ليسوا بعلماء فلهم عمامة خضراء.
طلب إليهم صديقي أن أجلس معهم ريثما يذهب للقاء « السيّد »، ورحّبوا بي وأحاطوني بنصف دائرة، وأنا أنظر في وجوههم وأستشعر براءتهم ونقاوة سريرتهم، وأستحضر في ذهني حديث النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) حيث قال : « يولد المرء على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه »(1)، وقلت في نفسي : أو يشيّعانه.
____________
📚1- صحيح مسلم ٨: ٥٢، كتاب القدر، باب معنى كلّ مولود يولد على الفطرة.الصفحة 111 📚______________________________
👨🏻سألوني من أيّ البلاد أنا؟
قلت : من تونس،
قالوا : هل يوجد عندكم حوزات علمية؟
أجبتهم : عندنا جامعات ومدارس، وأنهالت علي الأسئلة من كُلّ جانب، وكُلّها أسئلة مركّزة ومحرجة، فماذا أقول لهؤلاء الأبرياء الذين يعتقدون أنّ في العالم الإسلامي كُلّه حوزات علمية تدرّس الفقه وأصول الدين والشريعة والتفسير، وما يدرون أنّ في عالمنا الإسلامي وفي بلداننا التي تقدّمت وتطوّرت، أبدلنا المدارس القرآنية بروضات للأطفال يشرف عليها راهبات نصرانيات، فهل أقول لهم إنّهم ما زالوا « متخلّفين » بالنسبة إلينا؟
وسألني أحدهم : ما هو المذهب المتبع في تونس؟
قلت : المذهب المالكي، ولاحظت بعضهم يضحك، فلم أهتمّ لذلك، قال : ألا تعرفون المذهب الجعفري؟
فقلت : خير إن شاء اللّه، ما هذا الاسم الجديد؟ لا، نحن لا نعرف غير المذاهب الأربعة، وما عداها فليس من الإسلام في شيء(1).👨
__________________________________
أنت تقرأ
ثم اهتديت
قصص عامةيتكلم هذا الكتاب عن حياة دكتور محمد التيجاني السماوي ورحلته الى التشيع و اكتشافه الحقائق بكتابته لهذه الكتاب قد بين تفكيره و السبب الذي جعله يتشيع