👨جاء صديقي منعم وسافرنا إلى كربلاء، وهناك عشت محنة سيّدنا الحسين كما يعيشها شيعته، وعلمت وقتئذٍ بأنّ سيّدنا الحسين لم يمت، فالنّاس يتزاحمون ويتراصّون حول ضريحه كالفراشات، ويبكون بحرقة ولهفة لم أشهد لهما مثيلاً، فكأنَّ الحسين استشهد الآن.
وسمعت الخطباء هناك يثيرون شعور الناس بسردهم لحادثة كربلاء في نواح ونحيب، ولا يكاد السامع لهم أن يمسك نفسه ويتماسك حتّى ينهار، فقد بكيت وبكيت وأطلقت لنفسي عنانها، وكأنّها كانت مكبوتة، وأحسست براحة نفسية كبيرة ما كنت أعرفها قبل ذلك اليوم، وكأنّي كنت في صفوف أعداء الحسين، وانقلبت فجأة إلى أصحابه واتباعه الذين يفدونه بأرواحهم.
وكان الخطيب يستعرض قصّة الحرّ(1)، وهو أحد القادة المكلّفين بقتال الحسين، ولكنّه وقف في المعركة يرتعش كالسّعفة، ولمّا سأله بعض أصحابه : أخائف أنت من الموت؟👨
__________________________________
📚1- الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي: ترجمه الزركلي في الأعلام ٢: ١٧٢ فقال: «قائد، من أشراف تميم، أرسله الحصين بن نمير التميمي في ألف فارس من القادسية لاعتراض الحسين ـ رضي اللّه عنه ـ في قصده الكوفة، فالتقى به.
ولمّا أقبلت خيل الكوفة تريد قتل الحسين وأصحابه أبى الحرّ أنّ يكون فيهم، فانصرف إلى الحسين، فقاتل بين يديه قتالاً عجيباً حتّى قُتِل».
وفي الأعيان ٤: ٦١٢: «وفي أبصار العين: كان الحرّ شريفاً في قومه، جاهلياً وإسلامياً، فإنّ جدّه عتاب كان رديف النعمان، وولد عتاب قيساً وقعنباً ومات، فردف قيس للنعمان ونازعه الشيبانيون، فقامت بذلك حرب يوم الطحفة.
قال: الحر هو ابن عمّ الأخوص الصحابي الشاعر، وهو يزيد بن عمرو بن قيس ابن عتاب»📚
__________________________________👨
أجابه الحرّ : لا واللّه، ولكنّني أخيّر نفسي بين الجنّة والنّار، ثمّ همز جواده وانطلق إلى الحسين قائلاً : هل من توبة يا بن رسول اللّه(1).
ولم أتمالك عند سماع هذا أن سقطّت على الأرض باكيا، وكأنّي أمثّل دور الحر وأطلب من الحسين : هل من توبة يا بن رسول اللّه، سامحني يا بن رسول اللّه؟!
وكان صوت الخطيب مؤثّرا، وارتفعت أصوات الناس بالبكاء والنّحيب، عند ذلك سمع صديقي صياحي، وانكبّ علي معانقا باكيا، وضمّني إلى صدره كما تضمّ الأُم ولدها وهو يردّد يا حسين، يا حسين.
كانت دقائق ولحظات عرفت فيها البكاء الحقيقي، وأحسست وكأنّ دموعي غسلت قلبي، وكُلّ جسدي من الداخل، وفهمت وقتها حديث الرسول : « لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا »(2).
بقيت كامل اليوم مقبوض النفس، وقد حاول صديقي تسليتي وتعزيتي، وقدّم إليّ بعض المرطّبات، ولكن شهيتي انقطعت تماما، وبقيت أسأله أن يعيد عليّ قصّة
![](https://img.wattpad.com/cover/197649335-288-k16234.jpg)
أنت تقرأ
ثم اهتديت
General Fictionيتكلم هذا الكتاب عن حياة دكتور محمد التيجاني السماوي ورحلته الى التشيع و اكتشافه الحقائق بكتابته لهذه الكتاب قد بين تفكيره و السبب الذي جعله يتشيع