الشكّ والحيرة

229 20 2
                                    

👨كانت أجوبة السيّد محمّد باقر الصدر واضحة ومقنعة، ولكن أنّى لها أن تغوص في أعماق واحدٍ مثلي قضى خمسةً وعشرين عاما من عمره على مبدأ تقديس الصحابة واحترامهم، وخصوصا الخلفاء الراشدين الذين أمرنا رسول اللّه‏ بالتمسّك بسنّتهم والسير على هديهم، وعلى رأس هؤلاء سيّدنا أبو بكر الصدّيق، وسيّدنا عمر الفاروق؟!

وإنّي لم أسمع لهما ذكراً منذ قدمت العراق، وإنّما سمعت أسماء أُخرى غريبة عنّي أجهلها تماما، وأئمّة بعدد اثني عشر إماما، وادّعاء بأنّ رسول اللّه‏ (صلي الله عليه و آله وسلم)قد نصّ على الإمام علي بالخلافة قبل وفاته.

كيف لي أن أصدّق ذلك، أي أن يتّفق المسلمون، وهم الصحابة الكرام خير البشر بعد رسول اللّه‏، ويتصافقوا ضد الإمام علي كرم اللّه‏ وجهه؟!

وقد علّمونا منذ نعومة أظافرنا بأنّ الصحابة رضي اللّه‏ عنهم كانوا يحترمون الإمام عليّا، ويعرفون حقّه، فهو زوج فاطمة الزهراء، وأبو الحسن والحسين، وباب مدينة العلم.

كما يعرف سيّدنا علي حقّ أبي بكر الصدّيق الذي أسلم قبل الناس جميعا، وصاحب رسول اللّه‏ في الغار، ذكره اللّه‏ تعالى في القرآن، وقد ولاّه رسول اللّه‏ إمامة

الصّلاة في مرضه، وقد قال (صلي الله عليه و آله وسلم) : « لو كنت متّخذا خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً »(1)،

ولكُلّ ذلك اختاره المسلمون خليفة لهم.

كما يعرف الإمام علي حقّ سيّدنا عمر الذي أعزّ اللّه‏ به الإسلام، وسمّاه رسول اللّه‏ بالفاروق الذي يفرّق بين الحقّ والباطل(2)👨

______________________________

📚1- صحيح البخاري ١: ١٢٠ كتاب الصلاة، باب الخوخة والممر في المسجد، صحيح مسلم ٢: ٦٨ كتاب الصلاة، باب فضل بناء المسجد والحث عليها، و٧: ١٠٨ كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر الصديق، مجمع الزوائد ٩: ٤٣.

2- لا يوجد أي دليل على أنّ النبيّ (صلي الله عليه و آله وسلم) سمّى عمر بالفاروق، بل هي أغلوطة سنيّة
زورقتها السياسية وطعمها الوله بابن الخطّاب، صاحب الغلظة الشديدة، والأخلاق الهمجية، حتّى وصفه ابن أبي الحديد بقوله: «شديد الغلظة، وعر الجانب، خشن الملمس، دائم العبوس..» شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦:٢٢٧.
وقال المغيرة واصفاً عمر: «كان ممّا تميز به عمر.. عنه الرعب، إنّ النساء كانوا يفرقونه» تاريخ المدينة لابن شبة ٢: ٦٨٠.
وفي مصنّف ابن أبي شيبة ٧: ٤٨٥: «لمّا حضرت أبا بكر الوفاة أرسل إلى عمر ليستخلفه قال: فقال الناس: أتستخلف علينا فظاً غليظاً، فلو ملكنا كان أفظّ وأغلظ، ماذا تقول لربّك وقد استخلفته علينا»؟!
وفي تاريخ الطبري ٣: ٢٨٦ وغيره يتحدث عمر عن نفسه فيقول: «لا إله إلاّ اللّه‏ العظيم العلي، المعطي ما شاء من شاء، كنت أرعى إبل الخطّاب بهذا الوادي في مدرعة صوف، وكان فظّاً يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصّرت..».
فمن هذه، صفاته وأخلاقه، وهذا حاله في حلّه وترحاله، وقبل خلافته وبعدها، كيف يكون فاروقاً، بل الأولى أنّ يسمّى بغير تلك الأسماء المصطنعة.
والأسى كُلّ الأسى على ضعاف المسلمين وعامّتهم كيف يتلاعب بهم من قبل خطباء المساجد وغيرهم بذكر هذه الأوصاف المصطنعة لمن بعد عن أنّ يتّسم بجزء منها.📚
______________________________

ثم اهتديت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن