حديث الثقلين

58 10 1
                                    

(١) حديث الثقلين

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « يا أيها الناس! إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي »، وقال ـ أيضاً ـ : « يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب، وإنّي تارك فيكم الثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي » (١) .
وإذا تمعّنا في هذا الحديث الشريف الذي أخرجه صحاح أهل السنّة والجماعة، وجدنا أن الشيعة وحدهم هم الذين اتّبعوا الثقلين : « كتاب الله والعترة النبويّة الطاهرة » بينما أتّبع أهل السنّة والجماعة قول عمر : « حسبنا كتاب الله ».

وليتهم اتّبعوا كتاب الله بغير تأويل حسب أهوائهم، فإذا كان عمر نفسه لم يفهم منه معنى الكلالة، ولا عرف منه آية التيمّم وعدّة أحكام أخرى، فكيف بمن جاء بعده وقلّده بدون اجتهاد، أو اجتهد برأيه في النصوص القرآنية؟! وبطبيعة الحال سوف يردّون عليّ بالحديث المروي عندهم وهو : « تركت فيكم كتاب الله وسنّتي » (١) .
وهذا الحديث إن صحّ وهو صحيح في معناه، لأنّ معنى العترة بقوله (صلى الله عليه وآله)في حديث الثقلين المتقدّم هو الرجوع إلى أهل بيتي ليعلّموكم أولا سنّتي، أو لينقلون إليكم الأحاديث الصحيحة; لأنّهم منزّهون عن الكذب، وإن الله سبحانه عصمهم بآية التطهير.

وثانياً : لكي يفسّروا لكم معانيها ومقاصدها; لأنّ كتاب الله وحده لا يكفي للهداية، فكم من فرقة تحتجّ بكتاب الله وهي في الضّلالة، كما ورد ذلك عن رسول الله عندما قال : « كم من قاريء للقرآن والقرآن يلعنه » (١) .

فكتاب الله صامت ؛ و حمّال أوجه , و فيه المحكم و المتشابه ، و لا بدّلفهمه من الرجوع إلي الرّاسخين في العلم حسب التعبير القرآني ، و إلي أهل البيت حسب التفسير النّبوي (٢) .
فالشيعة يرجعون كلّ شيء إلى الأئمّة المعصومين من أهل البيت النبوي، ولا يجتهدون إلاّ في ما لا نصّ فيه.

ونحن نرجع في كلّ شيء إلى الصّحابة، سواء في تفسير القرآن، أو في إثبات السنّة وتفسيرها، وقد علمنا أحوال الصحابة وما فعلوه وما استنبطوه واجتهدوا فيه بآرائهم مقابل النصوص الصريحة وهي تعدّ بالمئات، فلا يمكن الركون إلى مثلهم بعد ما حصل منهم ما حصل.

وإذا سألنا علماءنا : أيّ سنّة تتبعون؟

لأجابوا قطعاً : سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)!

والواقع التاريخي لا ينسجم مع ذلك; فقد رووا بأنّ الرسول نفسه قال : « عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ » (١) .

إذن فالسّنة التي يتّبعونها هي في أغلب الأحيان سنّة الخلفاء الراشدين، وحتى سنّة الرسول التي يقولون بها فهي المرويّة عن طريق هؤلاء.

على أنّنا نروي في صحاحنا أنّ الرسول منعهم من كتابة سننه لئلا تختلط بالقرآن، وكذلك فعل أبو بكر وعمر إبّان خلافتيهما، فلا يبقى بعد هذا حجّة في قولنا « تركت فيكم سنّتي » (٢) .
والذي ذكرته في هذا البحث من الأمثلة ـ وما لم أذكره هو أضعاف ذلك ـ كاف لردّ هذا الحديث; لأنّ من سنّة أبي بكر وعمر وعثمان ما يناقض سنّة النبي ويبطلها، كما لا يخفى.

ثم اهتديت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن