كان التحوّل بداية السّعادة الروحيّة، إذ أحسست راحة الضّمير، وانشرح صدري للمذهب الحقّ الذي اكتشفته، أو قل للإسلام الحقيقي الذي لا شكّ فيه، وغمرتني فرحة كبيرة واعتزاز بما أنعم الله تعالى عليّ من هداية ورشاد.
ولم يسعني السّكوت والتكتّم على ما يختلج في صدري، وقلت في نفسي : لابدّ لي من إفشاء هذه الحقيقة على النّاس، ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ (١) ، وهي من أكبر النّعم، أو هي النّعمة الكبرى في الدنيا وفي الآخرة، و« الساكت عن الحقّ شيطان أخرس »، ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاّ الضَّلاَلُ﴾ (٢) .
والذي زاد شعوري يقيناً بوجوب نشر هذه الحقيقة هو : براءة أهل السنّة والجماعة الذين يحبّون رسول الله وأهل بيته، ويكفي أن يزول الغشاء الذي نسجه التاريخ حتّى يتّبعوا الحقّ، وهذا ما وقع لي شخصيّاً، قال تعالى : ﴿كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾(٣) .
ودعوت أربعة أصدقاء من الأساتذة العاملين معي في المعهد، كان اثنان منهم يدرّسون التربية الدينيّة، والثالث يدرّس مادّة العربيّة، والرابع كان أستاذ الفلسفة الإسلامية، لم يكن أربعتهم من قفصة بل كانوا من تونس ومن جمّال وسوسة.
دعوتهم إلى البحث معي في هذا الموضوع الخطير، وأشعرتهم بأنّي قاصر عن إدراك بعض المعاني، وقد اضطربت وتشكّكت في بعض الأمور، وقبلوا المجيء إلى بيتي بعد إنهاء العمل، وتركتهم يقرأون كتاب المراجعات على أنّ مؤلّفه يدّعي أشياء عجيبة وغريبة في الدّين، وقد استهوى الكتاب ثلاثة منهم، أمّا الرابع الذي يدرّس اللغة العربيّة فقد قاطعنا بعد أربع جلسات أو خمس قائلا : « إنّ الغرب الآن يغزو القمر وأنتم ما زلتم تبحثون عن الخلافة الإسلامية ».
وما أن أتممنا الكتاب خلال شهر واحد حتّى استبصر ثلاثتهم، وقد أعنتهم كثيراً للوصول إلى الحقيقة من أقرب الطّرق، بما تكون عندي من سعة الاطّلاع خلال سنوات البحث.
وذقت حلاوة الهداية، واستبشرت بالمستقبل، وأخذت أدعو في كلّ مرّة بعض الأصدقاء من قفصة، والذين كانت تربطني بهم حلقات الدّرس في المسجد، أو العلاقات المنجرّة من الطرق الصوفيّة، وبعض تلاميذي الذين كانوا يلازمونني، وما مرّت سنة واحدة حتّى أصبحنا بحمد الله عدداً كبيراً نوالي أهل البيت، نوالي من والاهم، ونعادي من عاداهم، نفرح في أعيادهم، ونحزن في عاشوراء، ونعقد مجالس تعزية.
وكانت أولى رسائلي التي تحمل خبر استبصاري إلى السيّد الخوئي والسيّد محمّد باقر الصدر بمناسبة عيد الغدير، إذ احتفلنا به لأوّل مرّة في قفصة، وقد اشتهر أمري لدى الخاصّ والعام بأنّي تشيّعت، وأني أدعو إلى التشيّع لآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله)، وبدأت الاتهامات والإشاعات تروّج في البلاد، على أنّني جاسوس لإسرائيل، أعمل على تشكيك النّاس في دينهم، وبأنّني أسبّ الصحابة، وبأنّني صاحب فتنة.. إلى غير ذلك.
أنت تقرأ
ثم اهتديت
Ficción Generalيتكلم هذا الكتاب عن حياة دكتور محمد التيجاني السماوي ورحلته الى التشيع و اكتشافه الحقائق بكتابته لهذه الكتاب قد بين تفكيره و السبب الذي جعله يتشيع