ـ الأحاديث الواردة في علي توجب اتّباعه:

57 10 1
                                    


من الأحاديث التي أخذت بها ودفعتني للاقتداء بالإمام علي (عليه السلام)تلك التي أخرجتها صحاح أهل السنّة والجماعة، وأكّدت صحّتها، والشيعة عندهم أضعافها، ولكن ـ وكالعادة ـ سوف لا أستدلّ ولا أعتمد إلاّ الأحاديث المتّفق عليها من الفريقين، ومن هذه الأحاديث :

أ ـ حديث : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » (٢) .

وهذا الحديث وحده كاف لتشخيص القدوة الذي ينبغي اتّباعه بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، لأن العالم أولى بالاتّباع، أولى أن يُقتدى به من الجاهل، قال تعالى : ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٣)، وقال ـ أيضاً ـ : ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ (١) ، ومن المعلوم أنّ العالم هو الذي يهدي والجاهل يستحق الهداية، وهو أحوج إليها من أيِّ أحد.

وفي هذا الصدد سجّل لنا التاريخ أنّ الإمام عليّاً (عليه السلام)هو أعلم الصحابة على الإطلاق، وكانوا يرجعون إليه في أمهات المسائل، ولم نعلم أنّه (عليه السلام) رجع إلى واحد منهم أبداً، فهذا عمر يقول : « لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن » (٢) ، ويقول :

« لولا علي لهلك عمر » (٣) .

و هذا ابن عبّاس يقول : ما علمي و علم أصحاب محمّد في علم علي إلاّ كقطرة في سبعة أبحر » (٤) .

وهذا الإمام علي نفسه يقول : « سلوني قبل أن تفقدوني، والله لا تسألونني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلاّ أخبرتكم به، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل » (١) .

بينما يقول أبو بكر عندما سئل عن معنى الأبّ في قوله تعالى : ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ﴾ قال أبو بكر : أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم (٢) .

وهذا عمر بن الخطّاب يقول : « كلّ النّاس أفقه من عمر حتّى ربّات الحجال » (٣) . ويسأل عن آية من كتاب الله، فينتهر السائل ويضربه بالدّرة حتّى يدميه ويقول : ﴿لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ (١) وقد سئل عن الكلالة فلم يعلمها.

أخرج الطبري في تفسيره عن عمر أنّه قال : « لئن أكون أعلم الكلالة أحبّ إليَّ من أن يكون لي مثل جزية قصور الشام » (٢) .

كما أخرج ابن ماجة في سننه عن عمر بن الخطّاب قال : « ثلاث لئن يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيّنهنّ أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها : الكلالة، والرّبا، والخلافة » (٣) .

ثم اهتديت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن