البارت الخامس (ج2)

45 2 0
                                    

البارت الخامس ج 2



استطاع اياد ان يحصل من البنك على بعض العملات الاجنبية ،كانت تكفيه للاقامة في ايطاليا يومين ،هو كل ما كان بحاجته ليجد هبة ، لذلك انطلق في اول طائرة متجهة الى ايطاليا ،كان يملك في ورقة صغيرة العنوان الذي اتصلت منه هبة ، كان واثقا من نفسه ،لكن لم تكن ثقته بنفسه كثقته بعثوره على هبة بخير ،كان اكيدا ان شيءا حصل ،وهو لا يسر ابدا ،تمنى فقط ان يجدها حية ،هذا كان كل ما اراده في تلك اللحظة ،في لحطات نادرة قد تتقلص اطماع الانسان الى امنية واحدة بسيطة ، هي تلك اللحظات التى يدرك فيها الانسان ان كل ما سوى امنيته يمكنه ان ينتظر ،على تلك الهواجس والمخاوف سافر اياد ،تاركا خلفه فوضى في مقر الشرطة بسبب مغادرته المباغتة .

في ذلك المكان البعيد المنعزل ،كان لؤي يراقب شروق الشمس من سطح المنزل الكبير ،في راسه دارت الكثير والكثير من الافكار وواجهته اسئلة تنتظر اجابات سريعة فاصلة ،لقد ترك جثة اغلى انسان على قلبه خلفه ،في ايدي اجنبية بدون روح ،والده الذي كان يعلم يقينا انه كان ليطلب ان يدفن مع عائلته في ارض وطنه ، سينقل الى المشرحة وسيتم العبث بجثمانه بطريقة كريهة باردة ومؤلمة ،واضعا يديه على الدرابزين ومحدقا في تلك الاشعة البيضاء التى بدات بالظهور ،كان سيتخذ اخطرقراراته حتى الان ، لم يكن بمقدوره فعل شيء لانه كان مصابا ،لم يتمكن من الدفاع عن والده امام مهاجميه وتلقى بسبب ذلك طعنة ،بينما كان والده يتلقى سيلا من الطعنات في مناطق متفرقة من جسده ،شاهده لؤي وهو يفارق الحياة بدون ان تفارقه نظراته القوية ،كان يوجه رسالة خفية لابنه " انج بحياتك وانتقم "،تلقاها لؤي واستوعبها ،تلك النظرات لم تفارق خياله ابدا ،تمكن باعجوبة من الفرار من المهاجمين ،بعد ان اطفا نور الغرفة مستغلا حالة الفوضى ومستغلا معرفته بحدود غرفة الفندق ،تمكن من الوصول بامان نسبي الى غرفة هبه ،استعاد كل تلك اللحظات ،سؤال اخر كان يراوده من هي ما دورها ؟ ما كان واثقا منه فقط انه لم تكن لها علاقة بالرجال الذين هاجموه ،وهذا فقط لا يعني انها حليفة ، لذلك قرر ان يضع حدودا واضحة بينهما ،فحتى وان تبين انها ليست عدو ،فهي غبية لدرجة انها ستضره قبل ان تنفعه في شيء ، نظر الى الرباط في يده ،مع انها قامت بعمل جيد في اسعافه اعترف لنفسه ،لكن اي فتاة كانت لتعلم الاسعافات الاولية وهذا ليس امتياز يمكنه ان يبقيها الى جانبه ،عاد ينظر الى الشروق الذي كان يعني يوما جديدا مختلفا واكثر امنا من اليوم السابق ، كل يوم هو فرصة لاعادة تصحيح اليوم السابق وتجاوزه ، اتخذ قراره اذن ،وقف تاركا الدرابزين ،مثل شروق اليوم سيكون قويا وباهرا في اخذ حقه وحق والده ،سيستمر في التنفس الى ان يستعيد حقه ،كان هذا قراره ،فكر في والدته واخته ،سيكونان بخير مع امجد ، امجد كان يعلم ما عليه فعله في الحالات الطارئة ،كان قد اتفق مع لؤي عندما تم توظيفه على كل شيء ،لذلك كان وجود امجد الى جانبه اكثر ما يريحه ،حتى انه فكر تزويجه باخته ليطئن عليها تماما ،اخذ نفسا نظيفا منعشا مخلطا برائحة الندى عى الاشجار والاعشاب ، استعاد قوته قال مخاطبا نفسه "انا لؤي سرار ،لن ينسو اسمي ابدا " ، عاد الى الداخل قاطعا سطح المنزل بخطوات طويلة لا ابطاء فيها ،عندما صار في غرفة المعيشة وجد هبة واقفة تنظر الى صور عائلته ،والده ووالدته وهو واخته ، ظل ينظر اليها وهي تتمعن منحنية في الصورة التى كانت موضوعة بشكل متفرق متناسق ، لم تنتبه اليه عندما اخذت صورة واخذت تتمعن فيها ،كانت صورة لؤي ،كان يبدو اصغر مما هو عليه الان ،ربما كان في الجامعة فكرت هبة ،عندما قال لؤي بنفاذ صبر " ما بك ؟ " تفاجات فسقطت الصورة من يدها الى الارض وانكسر الغطاء الزجاجي ، بلهفة واحراج انحنت تلتقط الزجاج والصورة ،قال لؤي " احيانا تبدين حمقاء لدرجة تثير الشفقة " وقفت وقالت باحراج " اسفة سيد لؤي انا فقط ..." قاطعها لؤي "كنت فضولية بشان شكلي عندما كنت في الجامعة " احمر وجهها وقالت وهي تضع الصورة على الطاولة بدون اطار زجاجي " ساصلح الاطار " رد "لا داعي لذلك ،انت فقط ستخبريني كل شيء تخفيه عني ثم اذا اطماننت منك سادعك تعودين من حيث اتيت " قالت بحيرة "فقط ؟" رد "اجل ماذا تعتقدين سافعل بغبية مثلك " قالت "غبية ؟" رد "هذا واضح للاعمى " لم ترد بينما تابع لؤي "اتبعيني " ،لحقت به الى غرفة اخرى ،كان فيها مكتب خشبي كبير وارائك فخمة ،جلس لؤي على احداها وقال لها "اجلسي " جلست في اريكة مقابلة ،قال لها عندما ارتاحت على الاريكة "اذن غير ان اسمك هبة ماذا خلفك ؟" قالت "انا شرطية " ظل لؤي ينظر الى وجهها وقال "هل هذه مزحة ام ماذا قولي امرا يمكن تصديقه " ردت "انها الحقيقة ،لقد تم تعيني في مهمة في شركة والدك كون والدك كان يقوم باعمال غير مشروعة ،لكن ارى بان المهمة انتهت بموت والدك " لم يرد لؤي ظل صامتا ثم قال "هل تدنى مستوى الشرطة في بلدي الى درجة ان تكون انت شرطية " قالت "انت تتعمد اهانتي ،لا استطيع تقبل هذا ،كنت اتعرض لنفس المضايقة في العمل مع اياد ،لكن اياد هو زميل قديم يمكنني تحمل كلامه اما انت فانا لا اسمح لك " قال "بالطبع بعقلك هذا ستسمعين اكثر بكثير من زميل قديم " تنهد واتكا على الاريكة وامعن النظر في هبة ،فكر لقد وجهت الى مهمة انتحارية ،قال "هل اعتقد رئيسك ان مستوانا ضعيف لدرجة ان يكلفك انت " سكت وقال "في الحقيقة لا ارى سببا اخر ،الا اذا ارادك ان تموتي ،من البداية كنت لتفشلي بمستواك هذا " وقف وسار قليلا وقال " حسن في هذه الحال ساتركك تعودين الى الوطن واكتبي في تقريرك ما حصل لقد قتل سرار عندما كان يحاول عقد صفقة في العمل " ابتسم وقال ساخرا "ساعدتك واخبرتك ما عليك كتابته ،بالمقابل اريد منك وعدا ان تحفظي ما رايته وما سمعته سرا ،انت لا تعرفين اين انا او عائلتي " ،واقترب منها ووضع يده على شعرها الناعم وقال "افعلي هذا يا حلوتي ولن اقوم بايذاك ،لكن ان تسرب شيء " وانزل يده الى عنقها وضغط عليها بقسوة وتابع "عندها ستتحولين من صف الحلفاء المحتملين الى صف الاعداء " ،قالت وهي ترتعش "حسن لن اتفوه بشيء " تركها وقال "احسنت حافظي على نسبة الذكاء هذه وستعيشين لوقت طويل " وقفت وقالت "كيف ساغادر اين نحن " قال "سؤال وجيه ،ساترك المكان قبلك وسارسل من يقلك الى المطار لازلت تحملين جواز سفرك اليس كذلك ؟" ردت " اجل " سكتت ثم سالت "الى اين ستذهب ؟" رد "لما تريدين ان تعرفي " احمر وجهها وقالت "فلنقل اني قلقة مما ستفعله " غادر غرفة المكتب ولحقته هبة ،فقال "وماذا تتوقعين سافعل ؟" ردت "ستنتقم لوالدك " وقف والتفت اليها وقال "لماذا تعتقدين هذا ؟" ردت "لقد درست شخصيتك انك ذكي ومتعصب يمكنني ادراج شخصيتك ضمن الشخصيات النارية " حدق مطولا فيها وقال "وان كان الامر كذلك هذا ليس من شانك انت ستعودين ادراجك وتقفلي امر عائلة سرار الى الابد " لم ترد وتركها لؤي ،بعدها غادر المنزل دون ان يودعها او يقول كلمة ،بينما بقيت هي في المنزل في انتظار من سيعيدها الى بلدها وواقعها الحقيقي .

شرطيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن