البارت الثاني ج2
اشترت هبة مناديل ورقية بسبب الرشح الذي بدا اخيرا بافرازاته ،وقصدت محطة الحافلات ،وجهتها كانت الى مقر الشركة ،كانت ستلتقي بالمحامي عند نهاية دوامها ،مسحت دموعا من عينيها تسربت بفعل الزكام وهي تعيد على نفسها اسم "مروة الزعيم " الاسم الموضوع في الهوية المزيفة ،كان الامر صعبا عليها ،هكذا شعرت ،بدات اخيرا تشعر بالخوف مما ينتظرها ،لم تكن قد تناولت فطورها ،لذلك الى جانب القلق والمرض كانت جائعة ،كانت هبة تتحدى اختها بهذه التصرفات ،هي لن تضعف صحيح انها تمر باسوء لحظات حياتها ،لكنها قررت ان تكون اقوى من كل شيء ،جاءها صوت زهية عبر الجهاز قائلا "صباح الخير هبة " ردت وقد بدات تكره هذا الجهاز الذي يسمح لاخرين بمقاطعة وحدتها ،"اهلا " كات صوتها جافا باردا ومريضا ،ردت هبة "كيف حالك معنوياتك الان ؟" ردت "بخير " شعرت زهية انها ليست بخير ،فسالت "هل هناك شيء ما ؟" ردت "لا ،انما انا في المحطة " لم تفهم زهية من معنى انها في المحطة الا انها تريد ان لا تكلمها ، ردت زهية "حسن " واقفلت الجهاز ،اخذت هبة تفكر الان عليها الى جانب اياد والعم الياس واماني ان تتحمل زهية ايضا ،تنهدت ،ولتشغل ذهنها اخذت تراقب المشرد سيفو ،الذي كان يسير على غير هدى في الطريق ،كانت هبة تعرفه منذ كانت طفلة ،زيرو هو مشرد القرية التى تسكنها ،لا احد يعرف تحديدا عمره او عائلته ،فجاة من دون مقدمات جاء لهذه القرية واستقر فيها ،كان يرتدي ما يتصدق به عليه الناس ،وكان ياكل ما يجده يؤكل امامه ،لكنه فكرت هبة لم يعان يوما من الزكام ،رغم انه يعيش في الشارع يفترش الارض ويلتحف السماء ،بدا لها الامر غريبا ،لكن عندما فكرت ،المسكين فقد عقله لعل الله عوضه بصحة جسمه ، لم تكن تخافه كباقي رفاق جيلها ، وقف امامها تماما ،فغيرت نظراتها ،لم تكن ترديه ان يشعر بوجودها ،كما يعتقد هو ان الناس لا تشعر بوجوده ،او هذا ما اعتقدته ،تفحصها زيرو بنظرات ثاقبة لا تظهر من حاجبيه الغليضين ،مسحت انفها بتوتر ،شعرت بانها تسخن من راسها حتى اطراف اصابعها قدمها ،فكرت اتراه يريد صدقة ، مدت يديها الى جيبها واخرجت قطعة نقدية ،نظرت اليه ومدت له يدها ،ابتعد زيرو ساخرا وقال " الدينار سيد من يعبده " وانصرف تاركا هبة في دهشة بالغة ،لاول مرة منذ سنوات طويلة يكلمها زيرو ،عندما كانت طفلة كانت كباقي اقرانها تلاحقة بالصراخ عليه "زيرو المجنون " ثم عندما كبرت قليلا تعقلت وتوقفت عن تلك التصرفات ،وعوض السخرية كانت هبة تشفق عليه كثيرا ،كررت هبة كلماته التى بدت لها قمة في الحكمة " الدينار سيد من يعبده " ،لاحقته بنظراتها وهو يبتعد في الطريق ويختفي بين المنازل القرميدية ،ولم تعد لوعيها الا على صوت الحافلة تقف عند المحطة ،ركبت بسرعة واضطراب واضحين ،اعادت القطعة النقدية لجيبها ،وهي تحاول ان تركز على ما ينتظرها في الشركة .
عندما نظرت لزجاج الحافلة ،تذكرت انها لم تغير شكلها ،مجددا اثبتت لنفسها كم انها غبية ،فكرت في مكان ما تغير شكلها فيه ،المطعم لا ينفع دائما ،عليها ان تجد مكانا مناسبا سريعا ،عندما جاءها صوت اياد قائلا" اين انت ؟" ردت بسرعة "احاول الاتصال بك ،عليك ان تجد لي مكانا لاغير شكلي فيه بكل حرية "،فكر اياد من الجانب الاخر ،ثم قال "حسن تعالي الى شقتي انها لا تبعد عن مقر الشركة الا بشارعين "ردت بانزعاج " لا يعجبني حلك هذا " رد "عليه ان يعجبك ،شقتي قريبة من الشركة وانت تحتاجين الى تغيير هندامك عندما تتنكرين ،اذا كنت قد نجحت بالامس فلانك بعد لم توظفي في الشركة ،عندما تصبحين سكرتيرة رسمية فالسيد سرار سيفرض رقابة صارمة عليك ،اذا غفلت وبخطا واحد قد تنتهي المهمة بالفشل " ردت "كان عليك ان تفكر في الامر قبلا "رد "ولما لم تفكري انت " ردت "لانك من يفكر هنا ما انا الا الة تنفد الاوامر " انزعج اياد من هبة ،لكنه قال "اعتقد انه عليك الاقامة هناك " ردت "انت بالتاكيد تمزح ،ماذا ساقول لاختي ؟" رد "اي كذبة ستفي بالغرض " فكرت هبة ان اقناع اياد سيحتاج وقت لذلك قالت "يجب ان نلقتي " رد "انا انتظرك في الشقة " واعطاها العنوان بدقة فردت "حسنا " .
بعد ربع ساعة كانت هبة تقف عند الباب تقرع الجرس ،فتح لها اياد وقال وهو يلاحظ احمرار عينيها وانفها "هل تاكدت ان احدا لم يلاحقك " رد "لا اعتقد انه تمت ملاحقتي " ،ابتعد عن الباب سامحا لهبة بالدخول ،كانت هبة ترتدي سترة سوداء مع سروال جنز ،وتلف عنقها بالوشاح الزهري ،نظر اليها اياد من راسها الى اغمص قدميها ،ثم قال "هذا ليس مظهر سكرتيرة السيد سرار " قالت وهي تبتعد عن الباب لتدخل للصالة الواسعة "اذا كنت تعتقد اني سارتدي القصير والضيق فقد اخطات العنوان " لسبب ما ابتسم اياد ،وقال "لكن هذا لا يساعد " ردت هبة "لكن المؤهلات هي التى تحكم وليس المظهر " سالها وهو يجلس على الاريكة الوحيدة في الغرفة " لقد رايت المرشحات ،كيف كان مظهرهن ؟" ردت هبة "اكيد المظهر الذي يسيل لعابك ولعاب كل الرجال جميلات متبرجات ،بدوت امامهن كعانس عجوز بتلك النظرات ،لكن الرجل وظفني انا " رد اياد وقال "ذلك ليس المظهرالذي يسيل لعابي وان كنت اعتقد انه يسيل لعاب بقية بني جنسي " ووقف وتحرك للنافذة ،كان اياد يرتدي سروالا كلاسيكيا وقميصا صوفيا ازرق داكن ، كان يتحرك بحيوية مذهلة ،كانت هذه المرة الاولى التى تفكر هبة بهذا الشكل في اياد ، قال وهو ينظر الى النافذة موليا ظهره الى هبة " عليك من اليوم ان تقيمي هنا وتغيري قليلا من طريقة لباسك ،انت لست شرطية بل سكرتيرة عليك ان ترتدي التتانير والفساتين ،لست بالطبع اجبرك على ارتداء القصير والضيق وافضل ان لا ترتدي تلك الملابس التى تظهرك كساقطة ،لكن مظهرك الان هو مظهر شرطية لا انوثة فيه " انزعجت وقالت "اياد انا لن اسكن هنا " رد "بل عليك هذا حتى تتمكنى من متابعة مهمتك باريحية ....وانا لا استشيرك " والتفت اليها واضاف "انه امر " ردت بغضب "انا لدي مشاكلي في المنزل التى علي ملاحقتها ،لست في مزاج لاناقشك انا..... " رد بصوت حاد مقاطعا هبة " انت ستنفدين اوامري ،اجلي مشاكلك وركزي على العمل ،حياتك قد تكون على المحك " ردت "لكن انه منزلي في المحك " دمعت عينيها الحمراويين ،وتماسكت وقالت "لا استطيع " سالها بغضب "انت لا تركزين على مهمتك اليس كذلك ؟" لم ترد ،فقال "لقد تقرر الامر ستخبرين اختك انك ستسافرين في مهمة ،وستشترين ملابس اكثر انوثة ولا تنسي الماكياج وشكرك المستعار حسنيه قليلا " لم ترد ومسحت انفها بغضب ،وتابع " ولا تقلقي على اختك "،ارادت هبة ان تقول انها ليست قلقة عليها بل قلقة منها ،لكنها شعرت انها قالت كل ما يجب ان يقال ،رفض اعتراضها وانتهى الامر ،ردت "حسن لكني لن اشتري ملابس جديدة لن اغير ملابسي ،لن اعمل عارضة جسد " تنهد بنفاذ صبر وقال "تعالي " لحقت به بغير كثير رغبة ،قال لها وهو يدخلها للمطبخ الصغير المليء باواني وسخة "هذا المطبخ كل ما قد تحتاجينه للاكل في الثلاجة والخزانة هناك ،من حظك اني تبضعت بالامس " وخرج من المطبخ كانت لا تزال مصدومة من حجم الفوضى في المطبخ ،عندما هاجمتها فوضى اكبر في غرفته ،قالت "هل اندلعت هنا حرب " اخفى ابتسامته وقال "هذه غرفتي وهناك غرفة للضيوف لكنها فارغة من الاثاث لذلك ستضطرين للنوم هنا ،والصالة انت رايتها اما الحمام " اسرعت هبة للقول "لا ..لا اريد رؤيته في الوقت الحاضر " ضحك اياد وقال "لا تقلقي انه نظيف " والتفت اليها وقال " اقيم هنا منذ عامين ،لااهتم كثيرا بالاعمال المنزلية ،اختي تاتي احيانا لتنظيفها ،لذلك ترينها على تلك الحال " وغادر غرفته وقال "ساخبرها اني اجرت الشقة ،وانا ساعود للاقامة في منزلي العائلة ،وتماما كما اوضحت عليك المكوث هنا حتى انتهاء المهمة " لحقت به بعبوس ولم ترد ،اخيرا قال وهو ياخذ مفاتيح الشقة من المعلاق امام الباب "هذه المفاتيح ، المدفاة والسخان يعملان ،التلفاز في غرفتي ،ولا تلمسي جهاز الحاسوب في غرفة الضيوف نكل شيء يعمل جيدا الغاز والكهرباء والماء ،الان ساتركك ابقيني على علم بكل شيء عن سرار " وغادر الشقة دون ان يلتف وراءه ،اقفلت هبة خلفه الباب وهي تفكر ماذا عليها ان تفعل ،وضعت شعرها المستعار باتقان ووضعت النظارت ،نظرت الى المراة في غرفة اياد ،لا تبدو بشعة بهكذا مظهر ،قررت بحزم هي لن ترتدي ما يامرها به اياد على الاقل ،وغادرت الشقة وهي تزداد توترا ،كيف ستحافظ على المنزل ان كانت هي بعيدة عنه ،سارت بين الشوارع حتى وصلت اخيرا الى مقر الشركة ،رفعت بصرها الى ذلك البناء الهائل وتساءلت "ماذا ينتظرها داخل هذه الجدران العالية ".وببسسسس
رائيكوووم

أنت تقرأ
شرطيه
Misteri / Thriller- المقدمة - لن تعرف ما تواجهه في عملك وحياتك ،حتى بالرغم من اعتقادك انك اخترت العمل والوظيفة المناسبة ،لن تعرف انك ربما لن تتقنه وانه حقا ليس مجال اختصاصك الا بعد فوات الاون ،لم تعرف هبة انها لا تصلح كشرطية الا بعد ان واجهت صعوبات هذا العمل .