البارت الرابع

45 2 0
                                    


البارت الرابع ج 1




في صباح اليوم التالي انطلق اياد الى عمله وهو يفكر في وضع هبة المعقد ،في ليلته التى امضاها يتقلب في سريره في منزل العائلة ،فكر كثيرا في الامر ،مرات عديدة فكر في وضع حد لهذه المهمة ،ومرات امر نفسه ان يثق في رئيسه ،اوكل الرئيس المهمة لهبة ،محاولة التدخل معناه التشكيك في قراراته ،تاسف كثيرا للوضع الذي الت اليه الامور ،كان تقريبا واثقا من فشل هبة ،فان كان هناك شك في هذا من قبل ،فقد تبخر شكه الان وتحول الى يقين ،عليه ان يحاول كبح الخسائر ،على الاقل منع وقوع الخسائر البشرية ،فكر وهو يقود سيارته في منعرج ، ان عدم وقوع خسائر في الارواح هو تفاؤل كبير،اوقف سياره عندما وصل للمركز ،دخل مكتبه وجلس على كرسيه ،اخذ نفسا عميقا ،عليه من الان ان يعتاد ،ان يعتاد على فكرة احتمال موت هبة ،لم يرحه ما وصل اليه تفكيره ،اراد بشدة ان يناقش الامر مع احد ،لكنه حتى هو كان مشتتا قلقا عاجزا عن الاجابة على سؤال ظل يؤرقه " هل سيستطيع عدم التدخل ؟"......

في الوقت الذي كان اياد محبط من افكاره ،يحتسي فنجان القهوة خلف الاخر ،كانت هبة في مكتب شركة سرار تنظم مواعيد الرئيس في اجندة خاصة ،بتركيز كبير ، فعندما وصلت مروة الزعيم الى مكتبها جاءها الرجل الذي عينها ،اوضح لها الخطوط العريضة لاعمالها ووفقا لما قاله نظمت في ورقة ما ستقوم به ،الى ان تعتاد على اعمال السكرتارية ،وتتخطي مرحلة كتابة اعمالها في ورقة ، احتارت وهي تدون اخر موعد ،عن سبب عدم اتصال اياد بها هو الذي لا يدخر وقتا لمهاجمتها واهانتها ،ساهمة عادت بافكارها ليوم الامس ،كانت شبه مصدومة مما وصلت اليه من استنتاجات حول وضعها العائلي ،في وضع مربك كلمت اياد ،في وضع محرج انهت الامر ،بحيث غادر اياد منزله دون ان يلوي على شيء ،كانت تعبث بقلم في فمها ،كما اعتادت عمله في مركز الشرطة اثناء التفكير ،تساءلت عن الافكار التى كونها عنها اياد بعد لقاء الامس ،بالرغم من كل شيء ،فهي استقبلت شروق شمس اليوم بقوة وتحد ،قررت بعد ان امضت ليلها كلها بين بكاء ومسح للدموع ،انها ستكون اقوى في عملها وفي حياتها الشخصية ،سطرت اهداف قريبة المدى ،اولا النجاح في مهمها واسقاط سرار ،وثانيا معرفة اصولها الحقيقية ،في الوقت الراهن قررت وضع سرها الخاص جانبا ،فهي وان كانت مدمرة داخليا من الامر وتتوق لمعرفة كل شيء اخفي عنها ،الا ان عقلها قادها الى فكرة ان التركيز على هذا الامر سينتهي بها بالفشل في المهمة والاتجاه بسرعة الصوت للقبر ،كانت تعرف حدود امكانياتها ،لا يمكنها التركيز على امرين في ان واحد ،هذا يفوق قدراتها وهي تعرف هذا اكثر من اي شخص اخر ،عندما كانت غارقة في بحر افكارها ،دخل عليها شاب ،لم تنتبه له ،وظلت تعبث بالقلم بفمها ،وقف امامها ولما لاحظ شرودها ناداها قائلا "يا انسة " انتبهت اخيرا ورفعت بصرها للشاب كان طويل القامة ابيض البشرة بعنين بلون السماء في يوم صحو ،تسمرت امام وجهه الوسيم ،لم ترى فيما سبق في حياتها وجها بوسامة هذا الشاب ،كان لون شعره اسود ناعم يسرحه الى الخلف بدقة واناقة لا تشبه ابدا اناقة تسريح شعرها المستعار ،الذي مهما حاولت ظل مشعثا ،كانه شعر دمية ، لاول مرة تشعر بالخجل من شكلها وملابسها التى رغم الانتقادات ارتدت سروال الجنز وقميصا بنيا باهتا ،مع تلك النظارات البشعة التى اخفت تقاسيم وجهها ، نزعت القلم بسرعة من فمها وهي تفكر "ماذا سبعتقد عني الان ؟" اخذت نفسا محاولة التماسك وقالت بصوت جاء قويا على رغم ارادتها

"نعم بما اخدمك ؟"
،استرخى الشاب في وقفته ،واضعا يديه في جيبة ،اخذا كل وقته في التمعن بهذه المخلوقة التى راى انها لا تشبه شيء ،قال بعدما كاد صبر مروة ينفذ في انتظار رده ،
" لا تقولي انك السكرتيرة الجديدة "
ردت وقد شعرت ان كرامتها قد مست " لا حاجة لايضاح ماهو واضح اصلا "
ابتسم بابنسامة سخرية وقال "مع انك تبدين عاملة شؤون اجتماعية تقترب من سن التقاعد" كبحت لجام غضبها وقالت "بما اخدمك سيدي "
رد قائلا " سيسافر والدي بعد قليل لحضور اجتماع عمل ،للاسف عليك مرافقته "
ردت " ماذا تقول ؟"
رد "لا غير معقول وغبية ايضا "
فجاة انتبهت ملاحظة الشبه الكبير بين الشاب الواقف امامها ورئيسها سرار ،انه ابنه فكرت ،احمر وجهها حتى اذنيها خجلا ،وقالت بارتباك
"لكني جديدة ،بدات العمل امس ،لا اعرف شيءا ،والسيد سرار لديه اليوم عدة اجتماعات "
اخذت المذكرة ،وبدات بقراءة الاجتماعات امامه ،
قال الشاب بعد ان انهت القراءة "اعرف كل ذلك لكن ابي قرر فجاة الغاءها ،كان عليه اخبارك من اجل تولي الامر ،لكنه كان على عجل ،عاد للمنزل واخبرني ان انقل اليك كل هذا "
فكرت هبة وقالت اخيرا "الى اين السفر " رد "الى الخارج بعد ساعتين " فكرت لا حل لديها ،ردت "حسن سيدي " قال الشاب " بما انك جديدة فقد كلفني والدي بالاهتمام بوثائق الصفقة " ردت "حسن " سار الشاب عندما وصل الى الباب قال "تجهزي" لم ترد عندما اقفل الباب خلفه ،اسرعت للحمام ،وبدات بالاتصال باياد ،الذي رد عليها قائلا "ماذا ما الامر ؟" قالت "هناك امر طارئ ،تعال الى شقتك " واقفلت الخط ،وغادرت الشركة بحجة تجهيز نفسها للسفر بعد ان الغت كل مواعيد ذلك اليوم .

بعد ان تلقى اياد اتصال هبة ،اسرع بمغادرة المكتب ،لم يعجبه الامر ،ولم يسمح لعقله في وضع تاويلات ،فقط سيذهب ويرى ، بينما كان ابن السيد سرار لؤي يكلم مدير الموارد الاجتماعية ،دخل مكتبه بسرعة دون ان يطرق الباب ،وبكل غرور ابن مالك الشركة قال له "هل انت اعمى ام ماذا ؟" وقف الرجل باضطراب واخرج منديله وبدا يمسح عرق جبينه وقال "ماذا سيدي ؟" رد لؤي "كيف تعين تلك الفتاة سكرتيرة شركات سرار " رد مدير الموارد البشرية " لماذا سيدي ان ملفها لا يضاهى ابدا ،انها بارعة والتوصيات المرفقة تثبت جدارتها " رد لؤي "انك غبي جدا ،ماذا ينفع ملفها ان كان مظهرها اشبه بعجوز عانس ،ثم لو كانت بهذه البراعة لما تخلى عنها مديرها السابق ،انهم يمنحون التوصيات بلا تردد حتى يريحوا ضمائرهم عند تسريح العمال ،مثلا يمكنني منحك توصية مذهلة وتسريحك مع انك لست بهذه البراعة " ارتجف الرجل وقال "لكن سيدي ،ان السيد سرار لم يعترض " رد "والدي ليس لديه وقت للتدقيق في هذه الامور ،لماذا في اعتقادك انت موظف هنا ،انه لتعفي والدي من هذا الامر " رد عليه "حسن سيدي يمكنني تسريحها حالا " ازداد غضب لؤي وقال "لو كان الامر بهذه البساطة هل كنت تجدني بهذا الغضب "احتار الرجل كيف يرضي سيده وقال بعد مدة "بما تامرني ؟" اخذ لؤي نفسا وقال "لا شيء لا تتدخل ،لقد فات الاوان الان على فعل شيء " ساله الرجل "لما لم تعجبك سيدي ،ان كان بمقدوري السؤال " رد لؤي وقد احتار هو في الرد ،فهو نفسه لم يعلم لما لم يعجب بتلك الفتاة صاحبة النظارات البشعة ،قال ما وجده على لسانه "هناك شيء فيها لا يعجبني " رد عليه مدير الموارد البشرية "انه شكلها اليس كذلك انها بالتاكيد ليست جميلة " فكر لؤي انها بالتاكيد ستعجب امه ،تلك المخلوقة التى لا تشبه شيء ،غادر المكتب وقصد مكتب والده وبدا بترتيب ملف الصفقة ...

في شقته اياد كان جالسا على الاريكة يفكر ،عندما دخلت هبة الشقة ،تقدمت لغرفة المعيشة وجدته جالسا هناك ،قالت وهي تتنهد "سعيدة لانك وصلت قبلي ،كان القلق سيقتلني " رد اياد وهو يقف "ما الامر ؟" قالت " لقد تقرر سفري مع رئيس الشركة لحضور اجتماع مهم في الخارج ،وقد تعرفت على ابن السيد سرار ،انه رجل مقلق " دارت المعلومات في راس اياد وقال "الى اين ؟" ردت "لا ادري ابن السيد سرار لم يحدد المكان ،قال فقط الى الخارج " اخذ اياد يسير في الغرفة ويفكر ،ثم قال "لذلك انت قلقة " ردت "لا ،انما ذلك الشاب كان في نظراته سطوة لم تعجبني اانه يقلقني ،شعرت انه ذكي ومراوغ " رد اياد " ليس كوالده طبعا ،جمعت بعض المعلومات عن عائلة سرار ،لديه ابن وحيد وهو الوريث ،يقال انه حاد الذكاء وانه يفوق والده براعة ،حسب معلومات مؤكدة فقد انقذ شركة والده عدة مرات ،فحتى سرار لديه منافسين ،ان المنافسة في هذ المجال تعني الحرب " وضعت هبة ابهامها في يدها وقضمته وقالت "اشعر انه لم بعجب كثيرا بي " رد اياد "طبعا بمظهرك هذا لن تعجبي احدا " سالت "اعتقد انه سيقوم بتحريات عني ،ماذا لو دقق ووجد انه لا وجود لمروة الزعيم "رد اياد "ببساطة ستكسبين ثقته في سفرك هذا حتى لا يحتاج للبحث عن خلفيتك ، انك محظوظة بهذا السفر ،فهكذا سيؤجل تحرياته عنك " ردت "تجد الامر بسيطا ،انت تعلم ان تم كشفي فسانتهي بالموت " ابتسم اياد وقال "هبة انت شرطية ولست سكرتيرة لا تنسي هذا " ردت " ماذا تقصد ؟" رد "الثقة بالنفس ،القوة ،التحدي هو ما يعنيه ان تكون شرطيا " نزعت اصبعها من فمها وقالت "انك محق تماما " رد اياد "جيد ،ستسافرين من دون رفقتنا عليك ان تكوني حذرة وذكية ،حاولي على الاقل ان تفكري قبل ان تتحركي " غضبت هبة وقالت "تعتقد اني لا افكر " رد اياد " ربما ،حسن علي ان اعود الى المكتب واخبر الرئيس " سار الى ان وصل للباب والتفت وقال " كوني حذرة " ،ردت " انك لا تثق بي " رد "لانك زميلتي " قطبت حاجبيها وقالت "سترى هذه المرة سانجح بدونك " ،فتح الباب وغادر ،قال وهو يتكا على باب شقته "لا تعلمين كم اتمنى ذلك ".

في فيلا سرار ،كان السيد سرار الاب يجهز حقيبة صغيرة ،تحوي كل ما يحتاج لسفره ،وكانت زوجته رفاه تراقبه قالت "ستسافر فجاة كالعادة " رد "لا تبدئي مجددا " قالت له " سترافقك سكرتيرتك اليس كذلك " رد دون ان يلتفت "تعرفت عليها ابنتك اساليها ان كانت من النوع الذي يغويني " ردت "لكنها تبقى امراة " رد وهو يغلق الحقيبة "تذكري اني لست اي رجل " غادر سريعا فقد مل كثيرا من شكوك زوجته وغيرتها التى لا تنتهي ،رغم انهما متزوجان من اكثر من ثلاثين عاما ،الا انها لا تثق ابدا به ، من اجل ولديه فقط لم يحاول ان يطلقها ،لكن في الاونة الاخيرة بدا جديا يفكر في الامر ،كانت ابنته واقفة اسفل الدرج ،ابتسمت وقالت "ابي لما لا تاخذني في احد سفرياتك ،هكذا لن تزعجك امي بتطفلها " ابتسم لابنته وقال "عزيزتي ،انه سفر عمل ،ام انك التقطت العدوى من والدتك "، ردت "لا انما انا ضجرت كثيرا ،وانت ترفض توظيفي في شركتك " رد "لا تحتاجين للعمل ،اتركي العمل لمن يحتاجه "وضع يده عى راسها وقال "الى اللقاء ".....

شرطيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن