البارت الاول ج2
استقبلت هبة يومها التالي بصداع رهيب ،وقفت تنظر الى حالها امام مراة كبيرة في غرفتها ،كانت ترتدي قميصا ارزق مع سروال فضفاض اسود ،نظرت لشعرها الاشعث ،تذكرت انها بعد خروجها من الحمام استلقت في سريرها ،لتستيقظ الان ،وضعت يدها على راسها ،مغمضة عينيها ،انها بداية رشح خريفي ،ادركت ذلك بسرعة ،جسدها اضعف من ان يقاوم نزلة برد ،سرحت شعرها قبل مغادرة الغرفة ،فكرت ان هي خرجت بهذا الشكل فستخيف بدر وزينة ،بدت كشبح بوجهها الشاحب وعينينها المتورمتين ، بعد ان اغسلت بالماء البارد قصدت المطبخ وهي لا تزال ترتعد ،كانت اماني تعد الافطار بحيوية ،قالت لها "صباح الخير "وجلست على الكرسي ،الفتت اليها وقالت "صباح اخير "رمقتها بنظرة وعادت لعملها ،قالت لها هبة "السخان تعطل " ردت "هذا ما ينقصنا " قالت وهي تتنحنح بسبب ثقل حنجرتها "لا عليك "ردت "هذا سيكلفنا مالا اضافيا " ابتسمت هبة وقالت "اعلم انك تشعرين بالسوء لكن اصلاح السخان لن يفلسني اليس كذلك ؟" ،تنهدت اماني ووضعت الافطار امام هبة وقالت "انت لم تتناولي عشاءك كنت مسستغرقة في نوم عميق عندما جئتك ،وشحوبك واضح جدا تناولي افطارك ،ويمكننا الاستغناء عن السخان "ردت وهي تشرب حليبها الساخن "لا علينا اصلاحه اتصلي بعمي اسحاق واخبريه ان يحضر من يصلح السخان ،ساترك لك مالا لذلك " جلست اماني الى جانب اختها وقالت "علي ان ابحث عن عمل منزلنا كبير ومكلف جدا ،مصاريفه كبيرة " ردت هبة "لن تجدي عملا بسهولة ،واولادك اين ستركينهما "كانت اماني متحصلة على لسانس في الادب ،واولادها بعمر ثلاث سنوات ،بلعت اماني ريقها وقالت وهي تمسح عرقها "اذن ما رايك ببيع المنزل " ،اكملت هبة شرب حليبها ،والتهمت الخبز بالزبدة ،ووقفت كانت تشعر ان صداعها يزداد اكثر ،ردت على اماني "علي ان اسرع للعمل "،كانت اماني تعلم مدى تعلق هبة بالمنزل ،كان جنتها لكنها بدات تفكر لابعد من سنة وسنتين ،كانت تفكر في ولديها مصاريفهما ،وفي ذلك السعر الذي عرضه عمها اسحاق ،لم تكن قد فتحت هذا الموضوع مع هبة ،كانت تريد ان تكلمها عند العشاء لكن هبة استغرقت في نوم عميق حتى الصباح ،تنهدت وهي تحمل كوب هبة لغسله ،قال لها عمها الياس ان بامكانها اجبار هبة على البيع فان رفضت على هبة ان تدقع لها ثمن حصتها هي ويكون المنزل لهبة بالكامل ،هذه طريقة لم تفكر اماني في استعمالها حتى ،كانت تعلم يقينا ان هبة لا تملك الا راتبها الذي تصرفها وتبقى مفلسة في اخر الشهر ،ولولا حسن تدبيرها في الامور المالية لكانتا عرضة للاستدانة ،التى كانت ترفضها هبة تماما ، في النهاية كانت تعلم ان بامكانها اجبار هبة على البيع ،هذا ما وضحه الياس تماما،العم الياس اخبرها ان المشتري موافق تماما على اي سعر ،لم تعلم كيف حصل ورغب الشاري بالمنزل من دون ان تعلن هي او اختها رغبتهما في بيعه ، غسلت الكوب جيدا واعادته لمكانه ،لكنها فرصة رائعة لتريح اختها من عبئها وعبء اولادها للابد ،سمعت باب المنزل يقفل بعنف ،عرفت ان هبة منزعجة ،كانت هبة تكره ان تظهر ضعفها امام اختها ، والغضب كانت هبة تعتبره ضعفا ،لذلك تعاملت مع اقتراح اختها الذي اغضبها ببرود يثير الاعجاب .
خرجت هبة للشارع ،الى جانب منزلها كانت حيها محاطا بالعمارات السكنية ، سارت هبة ببطا وهي تلف وشاحا زهري اللون حول عنقها ،كان الطقس قد تغير وبدا الجو يبرد ،بدات اخيرا تفكر فيما قالته لها اماني ،تريد بيع المنزل اذن ،فكرت في وضعها القانوني ان حتمت عليها ذلك ،ستفوز عليها ،شيء ما عاد الى ذاكرتها ،ان المنزل لم تتم قسمته كتركة ، ان كان ارثا فسيكون لعمها الوحيد الياس حصة منه ،هذا ما درسته في كلية الحقوق ،ليس لديهما اخ ذكر ، وضعت يدها على راسها وقد زاد صداعها اكثر ،ان بيع فسياخذ هو ايضا من المال ،انزلت يدها بضعف لكنها لن تبيعه لن تفرط في منزل والدها ابدا ،وصلت لموقف الباص ،وقفت كان التفكير يزيد من صداعها ،عليها شرب مهدا للصداع ،امامها يوم طويل ،كانت ستتجه الى الشركة التى تعمل فيها ابنة عمتها ،لكنها في اللحظة الاخيرة غيرت رايها ستقصد عملها ،العلبة الطبية في المكتب تحوي دواء الصداع ،هي بحاجة لايقاف الالم ،لتفكر جيدا ،القانون مليء بالثغرات ،عليها ايجاد واحدة لمنع بيع منزل والدها ،وقف الباص ركبت وجلست الى جانب النافذة ،اوقفت نفسها عن التفكير ،انطلق الباص وسريعا وصلت لعملها ،دخلت منكسة الراس تمنت ان لا تجد اياد او زهية ،لم تكن في مزاج يسمح لها بتبادل التحيات ،جلست الى كرسيها كان الملف لا يزال كما تركته بالامس ،شعرت بالغثيان هي لن تبدا عملها الان ،كانت تخفي راسها بيدها عندما وقف اياد امامها قال ببرود "انت هل جئت لتكملي نومك هنا؟" سمعت كلماته ولم ترفع راسها له ،قال لزهية ساخرا "الانسة في غيبوبة يا زهية ،سنعقد اجتماعنا بدونها " ردت زهية "ربما كانت متعبة "اجاب اياد "لا يهم كثيرا فوجودها كعدمه " جاءه صوتها ضعيفا ومتغيرا "اتهزا بي ،انه وجبتك اليومية يجعلك تشعر بتحسن اليس كذلك " قشعريرة مست عموده الفقري ،رد "لايمكنني اخفاء الامر اليس كذلك " رفعت راسها وقالت "يوما ما ،ستشهد بقدراتي كشرطية " قال وهو يلاحظ شحوبها " اسرعي اذن قد اموت قبل ان ارى هذا " ضحكت زهية ضحكة صغيرة ،قالت "نحن شركاء هنا لكنك وزهية اكثر ما تشتركان فيه التهكم والسخرية علي " رد اياد "اهي مشاعر شفقة على الذات ما تفوح منك الان " ردت وهي تقف "للاسف انا مصابة بالزكام لا استطيع الاعتماد على حاسة شمي ، لعلها مشاعر اشمئزاز " ابتسم لتهكمها وقال "مادمت قد وقفت اخيرا فلنذهب الرئيس في انتظارنا " سارت خلفه لكنها قصدت اولا العلبة الطبية في المكتب ،اخذت حبتان لدواء وجع راس ،شربتهم دون ان تلاحظ نظرات اياد اليها ،تركها قبل ان تراه عندما دخلت وجدت اياد وزهية قد اخذا مكانهما ،كان الرئيس جالسا على كرسي مكتبه ،قالت "عذرا للتاخر "وجلست على اقرب كرسي في انتظار كلمات رئيسها .
رمقها الرئيس بنظرة وقال "هل حضر الجميع ؟" رد اياد "كل من حددتهم في طلبك " ابتسم لدقة جواب اياد وقال "صحيح ،انكم انتم الثلاثة فقط من ستكلفون بهذه المهمة ،انها سرية جدا لا احد في المركز عليه ان يعلم ،للسيد جابر سرار اعوان في كل مكان ،رؤسائي حتموا علي اغلاق القضية ،لاني لم اجد دليلا كانوا قد تركوا لي مساحة للعمل ،لكنها مساحة محدودة جدا ،لانهم ايضا لايريدون ان تثار ضجة كبيرة حول هذا الرجل ، السياسة مرتبطة بالاقتصاد ،الساسة يفكرون في مصلحة البلد الاولى ،لذا يرون ان امثال جابر سرار يخدمون الوطن اكثر مما يؤذونه ،لانهم يوفرون فرص عمل ،وبهذا ينقصون الضغط من الساسة ،يوفرون العملة الصعبة وامور اخري تساعد الاقتصاد الوطني ،هذا هو رايهم انا لا اوافقهم ،لاني عشت اضرار سرار هذا اكثر فهو يدمر شبابنا بالمخدرات غدا لن يجد من يوظفة لانه يحولهم الى مدمنين ،ارى ان خطره اكبر ،لذلك انا اتابع هذه المهمة وحدي " كانت نظرات الثلاثة مركزة عليه تفكر في حجم الخطر المحدق ان تم كشفهم قبل اتمام المهمة ، بصعوبة ادركت هبة مدى خطورة الامر ،كان صداعها قد بدا يخف تدريجيا لذا تمكنت من التركيز مع كلمات الرئيس ،فكرت سيعمل وحده ،تابع الرئيس "لذا لا احد غير الحاضرين هنا يعلم بهذا ،نظر الثلاثة لبعضهم ،وعادوا للنظر للرئيس ،سالت هبة "لكنك لم تخبرني بالامر امس اعني ماذا لو تحدثت لبقية الزملاء " رد " اجل عندما جاءني اياد انتبهت لضرورة السرية لذا اوضحت انه عليه افهامك حفظ الامر " فكرت هبة انه لم يقل ذلك ،لكنها احجمت عن التكلم في الامر مع البقية خوفا من استهزائهم ،فماعدا زهية لا احد اخر يعلم ،ارتاحت فقد كادت ان تفسد الامر ، قال الرئيس "انت تعلمين ان اعمالنا على العموم تعتمد على الكتمان ،لذا لم افكر انك ستسرعين في نشر الخبر ،على كل الخطا كان خطئي لعدم تنبيهك ،المهم لقد مرت بسلام " نظر الى اياد وقال "انت ستتولى ادارة العملية ،سامنح هبة اجازة مرضية ستدوم ثلاث اشهر ،في هذه المدة سيكون عليكم اتمام العملية بنجاح " سالت زهية "لماذا ثلاث شهور " رد الرئيس "بعد ثلاث شهور ستنضم انتخابات مجلس الشيوخ ،علمت من خبر مسرب ان سرار ينوي ترشيح نفسه ،مع ما يملكه من مال لابد انه سيفوز "رد اياد "المال السياسي " رد الرئيس "اجل لذا وجب منعه من الترشح وهذه هي الطريقة الوحيدة لذلك... وضعه في السجن" اومات زهية وقد ادركت خطورة الامر ،وصوله الى هناك او رغبته في الوصول تعني ان له خيوطا في كل مكان ، تابع الرئيس "انت يا زهية ستهتمين بكل الامور التقنية ،كونك خبيرة في الحاسوب يمكنك اختراق حواسيبه وكاميرات المراقبة ،سنحتاج لكل ذلك عندما تبدا هبة بعملها الحقيقي "ردت زهية "افهم "قال الرئيس "ستعملين وهبة تحت امرة رائد ستنفدان كل اوامره امنحه كل السلطات " سال اياد "ماذا ان وصل الامر لمرحلة الخطر او الموت " رد "سيكون لك السلطة التقديرية في ايقاف العملية ،سيكون اسم العملية الحوت الازرق ،وسيكون لها ملف خاص لن يكون له وجود هنا حتى تنتهي " سكت ونظر للجميع وقال "هل الكل مستعد ؟" وقف الجميع وقالوا بصوت واحد "اجل سيدي " ابتسم الرئيس فخر الدين واسترخى على كرسيه وقل "لقد بدات العملية ،زهية هل انهيت مهمتك الاولى ؟"ردت "اجل " نظر الى هبة وقال "ستعطيك زهية ملفا كاملا يحوي كل وثائق التى تحتاجينها لطلب الوظيفة مع هويتك الجديدة " ردت "اجل سيدي " نظرت زهية لهبة وقالت "غيرت شكلك في الصورة قليلا نظارات شعر اشقر عدسات لن تتعرف عليك اختك "تذكرت هبة اختها لوهلة وعادت لزهية قائلة "لكني احب لون شعري الكستنائي لن اصبغه باي لون صناعي بشع " ردت زهية "لن تحتاجي جهزت لك شعرا مستعارا " ابتسم الرئيس وقال "عليك ان تكوني لينة هبة انت في مهمة خطيرة طباعك هذه اتركيها هنا " قال رائد ساخرا " تلك لن تتغير اخاف ان تتسبب في فشلنا سيدي "رد عليه "لن اغيرها ان كنت تهدف بكلامك الى هذا ،اخبرتك امس بذلك هبة هي الانسب لهذه المهمة ولا احد غيرها " تنهد اياد وقال "لقد انتهينا اذن "ردت هبة "يمكنك الانسحاب ان اردت " نظر اليها ببرود وقال "لن تحلمي بهذا ،لم اهرب من مهمة ولن تكوني انت من سيدفعني لهذا " وقف الرئيس وقال "حسن اتفقنا اذن عليكم الحذر والسرية نفذوا اوامر اياد وانا من سيتصل باياد سيكون اياد وسيلة اتصال بيننا انت يا هبة اما زهية فستعمل في مكتبها بشكل عادي وعندما يحين دورها سانقل عملها لمكان اخر هبة وزهية ستبقيان على اتصال مباشر باياد . " وافق الجميع فقال اخيرا "يمكنكم المغادرة ،هبة خذي الملف وما ستعطيك اياه زهية وغادري المكتب مهمتك بدات اليوم ،جهزت اجازة مرضية لك بثلاث شهور وتذكري حتى اختك لا يجب ان تعلم بالامر " اومات براسها ،بعد لحظات تبادلوا نظرات وداعية وانصرفوا.وقفت هبة مع زهية تاخذ عنها الملف ،جاء اياد وقال بصوت بارد "ضعي الجهاز الصغير في اذنك لا تنزعيه الا عند النوم هذا امر " نظرت اليه وقالت بنفس درجة البرود "حاضر سيدي ،اي اوامر اخرى " رد "ليس الان على الاقل " ردت "تحب ذلك ....... التسلط انت مريض سلطة ؟" لم يجبها وتركها وغادر ،نظرت زهية لهبة وقالت "اهتمي بنفسك جيدا ،وانتبهي جيدا عليك ان تكوني شبيهة بالصورة ونفذي كل اوامر اياد " تنهدت وقال لنفسها "كل ما تتقنونه القاء الاوامر علي ،لدي عقل ايضا وسترون جميعا هذا " ،غاردت هبة بعد ان اخذت الملف ،عليها ان تفكر جيدا ،وامامها الكثير من الامور
وكان نهارها ثقيلا من بدايته .....
أنت تقرأ
شرطيه
Misterio / Suspenso- المقدمة - لن تعرف ما تواجهه في عملك وحياتك ،حتى بالرغم من اعتقادك انك اخترت العمل والوظيفة المناسبة ،لن تعرف انك ربما لن تتقنه وانه حقا ليس مجال اختصاصك الا بعد فوات الاون ،لم تعرف هبة انها لا تصلح كشرطية الا بعد ان واجهت صعوبات هذا العمل .