البارت السادس عشر
واقفا عند باب الفندق حدق لؤي في السماء التى كانت تلقي على الارض تلجا ناعما باردا ،كانت الحياة تضج في الفندق ،رغم قساوة الطقس لم تتوقف الحياة ، نظر للشارع شجعته قساوة الطقس على الخروج ،كان ما يدور في قلبه اكثر قسوة ،لذا لم يهتم كثيرا من برودة الهواء ،رفع ياقة المعطف الثمين وسار مطاطئا راسه ليتجنب الهواء القارس ،وقف عند منعرج في الشارع فراى شبح رجل جالسا متكورا ويحدق الى الفندق ،شعر لؤي ان ذلك الرجل كان مالوفا تقدم اكثر عرف فيه ملامح عربية ،قال بلغته الام "هل انت عربي ؟" رفع المتشرد بصره بصعوبة وقال "ما شانك انت ......" تذكر لؤي صاحب الصوت مباشرة ،اسرع اليه وقال "هل ..هل يمكن ان تكون اياد الشرطي اياد " وقف اياد بصعوبة ،كان اصابع قدميه متمجدة تماما بسبب تسرب الماء البارد الى قدميه بسبب الحذاء الرث ،حدق لؤي بذهول اليه وقال " ماذا حصل ،اعتقدت انك تحاول العثور على هبة ؟" رد "رايتها تدخل الفندق انا اراقبها منذ ثلاث سنوات لذلك ترى حالي هكذا " اقترب لؤي اكثر وقال "الم تعرفني بعد ،انا عرفتك رغم ظروفك " رد اياد "بسبب هذه الظروف احاول الابقاء على حياتي اكثر من اهتمامي بذاكرتي " قال لؤي "سنتحدث اكثر لاحقا تعال معي " ساله "الي اين ؟" رد " الى حياتك الحقيقية " وسحبه من ذراعه وقاده الى الفندق ،استعمل لؤي الباب المخصص للخدم وصعد الدرج ،قاده للحمام واعطاه بعض ثيابه ،وجلس منتظرا ،استطاع اياد الشعور بالدفء يسري في عروقه ،دفء لم يعد يذكره كيف هو الشعور به ،عرف اخيرا ان ايام التشرد والجوع قد ولت ،بدا يستعيد كل تفاصيل حياته مع استعادة خلايا جسده للحياة ،حلق لحيته وقص شعره الكثيف ،بعد ان ارتدى ثياب لؤي عادت له صورته الشرطي البارع اياد ،خرج من الحمام ووقف امام لؤي ،نظر لؤي اليه بارتياح وقال "الان عليك تناول وجبة ساخنة " واشار الى الطاولة ،كان لؤي قد طلب حساء الدجاج والسلطة ،جلس اياد وبسرعة بدا بالاكل ،تابعه لؤي بشفقة ،عندما كان اياد يستحم كان هو يفكر في ما ال اليه حال اياد وحلل كل شيء ،عندما انتهى اياد قال له "لم اتوقع ان اراك هنا وفي هذه الظروف " رد لؤي "دهشتك لا تقارن ابدا بدهشتي " ،ابتسم اياد ووقف وقصد المدفئة مد يديه ليشعر بدفء النار وقال "مرت ثلاث سنوات لم اشعر براحة كهذه ' رد لؤي "اكنت تراقبها فقط " رد بوجوم "لم استطع غير ذلك دوما كانت محاطة برجال الحراسة ،لم تترك وحدها لثانية لكنها جاءت للفندق بدون حراسة استغربت الامر كنت انتظر خروجها " ابتسم لؤي وقال "لعلك غفوت عندما غادرت " رد اياد "ضيعت فرصة ثمينة " وقف لؤي واقترب للمدفاة ومد يده ايضا الى المدفاة وقال "ماكنت لتفعل شيءا في حالك ما كانت لتذكرك ثم لقد تغيرت كثيرا " نظر اليه اياد وقال "كنت اراها كيف تتمتع بحياة البذخ لذا لن اكذبك لقد تغيرت " ساله لؤي "هل ...هل اقامت علاقات مع رجال " رد اياد "في هذا فقط غلبها طابعها العربي الذى تربت عليه انها لم تخالط الرجال ابدا " سكت ثم ساله "وانت ماذا تفعل هنا ؟" رد "جئت لاعقد صفقة مع البارون "رد "مجددا ....؟" تابع لؤي " وجئت لاعيدها " رد اياد " اذا كنت تهدف لمجابهة البارون ساخبرك انك لن تستطيع انه اقوى رجل في اطاليا حتى اقوى من الرئيس نفسه رجال العصابات هنا هم من يحكمون...... باموالهم يكسبون سلطة لا تقهر ان لديه اموالا لا تاكلها النيران " قال لؤي "وكله لهبة " رد اياد "لما تعتقدها تغيرت الحياة التى تعيشها لا يمكنك تخيلها " تنهد لؤي ثم قال "لنعد اليك انت تقيم بطريقة غير شرعية ،سيكون علي شراء ثياب لك وساعطيك هوية مزيفة ما رايك ان تكون سكرتيري " رد اياد "حسن ساساعدك لكن ماهي خططك " رد لؤي "الان علي اقناع هبة بالرجوع " رد اياد "هل هي خطتك هبة ؟" رد لؤي "انها نقطة ضعفه الوحيدة " رد اياد "غبت لثلاث سنوات من اجل خطة تافهة كهذه انت لم تغير اسلوبك رغم انه اثبت فشله " ساله "ماذا تقصد ؟" رد اياد " الم تكن هذه هي خطتك قبل ثلاث سنوات ،استماله هبة والضغط على البارون بها ،كنت اول من عرف وحرصت على استغلال هذه المعرفة " رد لؤي بغير انزعاج ظاهر "اذن ؟" رد اياد " كنت في بلدك وفشلت هل تتوقع نجاحا في بلد البارون ؟" عاد لؤي الى مقعده وقال " علي ذلك " واغلق عينيه وقال "هناك غرفة في الجناح يمكنك النوم " رد اياد "لنلتقي لاحقا اشتقت لنوم الفراش " وتركه ،غاص لؤي في افكاره ، لم يتصل به البارون ولم تفعل هبة ،نظر الى ساعته ،كانت تشير الى العاشرة صباحا نظر الى غرفة اياد كان مسرورا ان وجده رغم انه لم يتوقع ابدا ان يجده ،كان قد نسي امره تماما ،تنهد وقف ونظر الى النافذة كانت لا تزال تتثلج ،فكر هل عليه ترك الامر برمته ونسيان امر والده والعودة ،لكن هبة ماذا عنها ،فكر صحيح انه مهتم بها لكن ليس لدرجة ان يجعلها هدفا لحياته ، فكر رغم تغيرها الباهر الا انه لا يشعر بذلك الشعور الذي عرفه مع هبة صاحبة عقل الجوزة شعور بالالفة والعطف ،التفت للحجرة التى نام فيها اياد هل عليه العودة به فقط ونسيان كل ما يتعلق بالبارون ، ناظرا الى قسوة الطقس في الخارج فكر لؤي ،كان والده من بدا كل هذا ولولا تدخله ماكان سيعرف هبة ابدا ،انها حقا في بيئتها الحقيقية هي نفسها اثبتت هذا لقد اندمجت بشكل رهيب ،هل عليه الهروب ،كان لؤي خائفا من شيء اخر انها رغم جمودها وقسوتها وبرودها انها فاتنة ،ربما ما عاد يعرف الشعور بالرافة والعطف ربما قد يعرف شعورا اخر ان بقي هو هنا ، عند هذا رن هاتف الفندق ،اخذ نفسا واسرع ليرد كان بين اتخاذ القرار والرجوع عنه خطوة واحدة لذلك اسرع لؤي بتخطيها ،كان في الجانب الاخر صوت رجالي عرف بنفسه انه سكرتير البارون كان يريد تحديد موعد معه ،رد لؤي بدون كثير تفكير " اريد ان ارسل للبارون معك خالص اعتذاري طرا امر في بلدي وعلي العودة سريعا ،لا يمكنني ابرام الصفقة اخبر البارون انه ليس معي السيولة الكافية لابرام الصفقة معه بسب المشكل الذي طرا " رد السكرتير "ماذا تقول ؟ هل تمزح معنا البارون افرغ مواعيده ليلقاك وانت تتهرب هل تعرف من هو البارون ؟" رد "اسف مجددا لكن مامن داعي لنلتقي ان كان سبب اللقاء قد انعدم انه ايضا لا يحب ان يضيع وقته الثمين ،لذلك وحرصا مني على وقته انا اخبرك بالامر " سكت الصوت على سماعة الهاتف ،ثم عاد ليتكلم "اعتقد ان عليك تحمل العواقب " واقفل الخط ،شعر لؤي وهو يقفل الخط بالندم هل تسرع ،ماذا اصابه انه عادة يفكر جيدا قبل اتخاذ القرارات انه ليس من النوع الذي يغير ارائه بسرعة ،لقد انتهى الامر عليه ان يغلق صفحة البارون وابنته للابد ان كان يريد الحفاظ على كبريائه كرجل ،اسرع بجمع اغراضه ،اجرى اتصالا ليحجز في الطائرة حجز لشخصين في الدرجة الاولى ،سينهي هذا الكابوس خسر الكثير وليس مستعدا ليخسر اكثر ،رغم ما كان يفعله فكل تفكيره كان في هبة في وقفتها في كلامها ،لم يستطع طرد خيالها بعيدا ،كانت طائرته ستقلع عند التاسعة مساءا ،نظر لساعته مايزال من الوقت الكثير ،قرر ان يخرج ليشتري هدايا لعائلته ليشغل عقله قليلا ،تاركا اياد نائما غادر لؤي الفندق ......
في سيارتها كانت هبة تقود بحذر ،محتمية بدفء سيارتها راقبت الثلج وهو يغطي كل شيء ،علمت من الارصاد ان العاصفة لن تتوقف قريبا ،كان هناك تخوف من تجمد المياه في الانابيب وحصول عجز في توزيع الغاز ،لذا لم تتوقف الاعلانات التحذيرية ،لطالما احبت هبة هكذا اجواء كانت تحيي فيها روح المغامرة وتحرك المياة الراكدة في حياتها ،تلقت اتصالا من الشركة كان السكرتير ابلغها ان الشريك العربي قد انسحب من الصفقة ، قبضت هبة بيدها على مقود السيارة وهي تصغي ،كان والدها قد امر باحضاره من الفندق عندما علم بالامر ،دارت هبة بالسيارة قاصدة الفندق عليها ان تحاول منع ايذائه ، كان هذا ما دار في خلدها ،عندما وصلت للغرفة وجدتها خالية ،كانت جامدة تنظر الى ما فعله رجال والدها بالغرفة ، اتصلت بوالدها لكنه كان قد اقفل الخط كان البارون قد وضع خطا هاتفيا يصلها به هي فقط ،عرفت انه جاد لقد غضب ،ارتعشت وهي تتخيل ما قد يفعل للؤي ..
عندما وصل لؤي الى غرفة الفندق وجد بابها مفتوحا اسرع للداخل ،فراها قد قلبت راسا على عقب وفي وسطها كانت هبة واقفة بجمود ،سالها "ماذا يحصل هنا " ارتعشت وهي تسمع صوت لؤي ،لاحظ لؤي ارتعاشها ،التفتت سريعا تماسكت بقوة مانعة نفسها من الاسراع اليه ،ردت بعد ان تحكمت في مشاعرها "لم يمسك بك اذن " رد "هل هووالدك ؟" ردت "ماذا تعتقد بعد ان تراجعت عن الصفقة " رد لؤي "ماذا يعتقد نفسه انا حر " ردت "ان والدي هو البارون كان عليك التفكير مطولا " فجاة خفق قلبه وقال "اياد هل هوهنا ؟" ردت "اياد .....هل " اسرع لؤي الى غرفته ،لم يجده هناك ،التفت لهبةوقال "رجال والدك خطفوا اياد زميلك ان كنت لا زلت تتذكرين " سالت "لكنه لم يحضر معك " رد "لا لم يكن لانه هنا منذ ثلاث سنوات يحاول الوصول اليك " سالت "ماذا تقول " اسرع لؤي وامسك بذراعها وقال "عليك منع والدك من ايذائه " ردت وهي تحاول التملص "ليس عليك امري سافعل ذلك بنفسي " تركها فغادرت بدون ان تلتفت ........
أنت تقرأ
شرطيه
Misterio / Suspenso- المقدمة - لن تعرف ما تواجهه في عملك وحياتك ،حتى بالرغم من اعتقادك انك اخترت العمل والوظيفة المناسبة ،لن تعرف انك ربما لن تتقنه وانه حقا ليس مجال اختصاصك الا بعد فوات الاون ،لم تعرف هبة انها لا تصلح كشرطية الا بعد ان واجهت صعوبات هذا العمل .