البارت الثاني عشر

43 1 0
                                    


البارت الثاني عشر ج 1
وقفت هبة امام رجل بدين قصير يسرح شعره الى الوراء ،كان افضل شيء فيه هو ذلك الشعر الرمادي الناعم الذي يبدو انه كان يضفي عليه اهتماما زائد ، وجهه كان يعكس قسوة ،تجاعيده كانت تروي حياة طويلة محطات التعب فيها اكبر من محطات الراحة ،كان جالسا على اريكة ضخمة ،لكن عندما وصلت لاسفل الدرج وراها وقف بهدوء وكبرياء واضحين ،عرفته كان البارون الشهير ،احنت راسها تدقق في تفاصيل هذا الرجل الغريب ،اقترب بدوره منها نظر اليها من راسها حتى اخمص قدميها ،ابتسم وقال "انت اجمل من الصور بكثير " نظرت الى وجهه بصدمة لقد كان يتتبعها هي التى لا علاقة ظاهرة بعائلة عدوه تساءلت هل يعرف من تكون؟ ،اقتربت اكثر فكرت عليها ان تظهر قوة حتى وان لم تمتلكها ،بعد هذا بقاؤها على قيد الحياة هو انجاز فمن ماذا تخاف ،ثم الم تحاول الانتحار اولئك الذين لا ينتظرون شيءا من هذه الحياة هم الذين يقدمون على الموت ،هي الان ليس لديها ما تخسره ،فكرت كم احبت هذه الكلمات في الافلام السنمائية هي الكلمات التى تظهر دوما قوة البطل ،لذلك رفعت راسها وركزت عيونها على وجه البارون وقالت "ما الذي تريده مني ؟" ،قال وهو يعود للاريكة ويجلس فيها "انت تشبهين والدتك كثيرا مثلها تظهرين قوة لا تملكينها " سالت وهي تقترب بدون خوف فقد طغى الفضول على كل شيء"من اين تعرف امي ؟" اخرج سيجارا من جيبه واشعله اخذ نفسا عميقا فحتى هو كان بحاجة لتلك الدفعة الصغيرة قال وهو يخرج نفسا مخلوطا بدخان السيجار " لاني والدك " ،هل ما سمعته صحيح ؟ اقتربت اكثر حتى صار ما يفصلها عن الرجل الجالس على الاريكة اقل من متر وسالت هامسة "ماذا قلت ؟"ابتسم وهو يرى صدمتها قال بعد صمت "انت ابنتي امك كانت عشيقتي عندما انجبتك تم اختطافك انا امضيت كل سنين عمرك بالبحث عنك اخيرا عرفت ان سرار هو من خطفك من والدتك ،امك توفيت من زمن " شعرت هبة ان الوقت قد توقف جمدت تماما ،ثقب اسود شعرت به في قلبها ،قالت كانها تهذي "انك تمزح وذلك سرار كذلك كذب لست ابنتك او ابنة سرار " قال لها "اصغي لي لا ادري اي كذبة قالها لك ان لم تصدقيني يمكنك اجراء تحليل طبي ،انا واثق حتى بدون اجراء التحليل انت تشبهين والدتك تماما " قالت "ما تقوله اشبه بقصة خرافية " رد "اعرف ان الامر اكبر من ان تصدقيه بسهولة لكنه الحقيقة " سالته "الذلك اختطفتني ؟"رد "ابن سرار اخفاك عني لقد اكمل ما قام به والده لست اطيق لعب الاولاد " قالت "الذلك قتلت كل اولئك الاشخاص والد لؤي والدة امجد شقيق سرار " قال بهدوء " اعلم انك لست مثلي لكن في قانوني كل من يخطا يدفع حياته ثمنا " قالت "لقد كنت شرطية كيف تعتقد رد فعلي " رد "تحملين جناتي رغم شبهك بوالدتك كل ما عليك القيام به ازالة القشرة التى شكلها من رباك وستظهر حقيقتك كابنة البارون " قالت "ماذا تقول انا لا اصدق انك والدي انا ارفض ان اكون ابنتك افضل مئة مرة ان اكون ابنة سرار على ان اكون ابنتك " اخذ نفسا من السجار وقال "حتى وان رفضت التصديق انها الحقيقة والواقع انت ابنتي انت وريثتي " اقتربت اكثر منه وقالت "انت لا تعتقد اني قد المس فلسا من مالك الملوث بالدماء اليس كذلك " تنهد البارون وقال " لا خيار لك الا ان تكوني ابنتي وريثتي " ردت "يمكنك انجاب وريثك انا ساغادر وساعتبر هذا الحديث الذي دار بيننا حلما مزعجا " وقف امامها تماما تقابلت العيون وتقابل التحدي المشترك ،ظهر ذلك الشبه بين هبة والبارون نفس النظرات نفس قوة التحدي ،شعر البارون بذلك الشبه انها ابنته بالتاكيد ،قال لها "تخلصي من اثار التربية الاسلامية انت ابنة مسيحيين عليك ان تعرفي هذا اعرف انك ترفضين اكل مال حرام جمعت ما يكفي من معلومات لاعرف شخصيتك مالي هو مالك لا شيء اسمه مال ملوث او نظيف " قالت "انت تمزح بالتاكيد " رفع صوته وقال "انا لا امزح انت لن تغادري منزلي وستتحملين اعباءك كوريثة البارون لمن ساترك مالي في رايك ؟ "ردت "قلت لك انجب وريثا لم يفت الاوان بعد " رد "هل انت غبية لو كنت اقدر لما انتظرت " قالت "هل تقصد .....؟ " رد "انا ما عاد بامكاني الانجاب انت ابنتي الوحيدة " ازدادت الهوة في قلبها شعرتن بان راسها يدور وانها ستقع ارضا قالت "ارحمني ارجوك " قال "اعرف ان الامر مفاجئ لا باس كل ما تحتاجينه هو بعض الوقت وستهدئين وتستوعبين " قال هذا وانصرف قبل ان يصل لغرفة المكتب تذكرت هبة امرا فسالته " هل ....هل ...لؤي سرار هل علم اني ابنتك ؟" التفت اليها حائرا لما تسال سؤالا كهذا وهي بهذه الحالة وقال "كان يعلم لذلك حرص على اخفائك " اختفى خلف الباب وظلت هي مسمرة في مكانها ،شعرت هبة انها تلقت اقوى الضربات في حياتها ،سقطت على الاريكة اخفت وجهها بيدها تحاول ترتيب افكارها ،كان هذا اقوى من قدرة استيعابها ،شعرت ان عقلها ثقيل ويرفض القبول ،كان قلبها يخفق بشدة مجددا ابنة غير شرعية ،ابنة رجل عاش حياته بالحرام اكل حرام ولبس حرام وانجب بالحرام ابنة مسيحي ومسيحية ،ولؤي عرف وتطاول على قلبها واذاها حتى انها حاولت الانتحار بسببه وشاهد المها ورفض وضع حد له ،سقطت دموعها كل شيء كان خداعا لا شيء حقيقي في حياتها كل شيء كذبة شرطية ابنة مجرم زعيم عصابة .
بعد ساعتين من القيادة وصل لؤي الى العنوان ،كانت الفيلا تبدو قديمة تقع في نهاية طريق غير معبد ،اوقف سيارته عند الباب الحديدي ،نزل من السيارة ،وقف يعاين المكان ،رفع راسه للسماء كان الليل قد زحف سريعا ،السحب الداكنة زادت من عتمة المكان ،قال "كنت لاتفاجا لو كانت هنا تغطية " اقفل الباب ،وبدا يفكر كيف سيدخل ويكلمها ،لم يطل الامر فقد فتح الباب الحديدي ،بحت بعينيه فراى كاميرا مراقبة ،قال وهو يبتسم "انهم يرحبون بي " لم ينظر طويلا ودخل وسار في طريق ترابة محاطة بحشائش ونباتات كانت نامية بطريقة عشوائية ،وصل للباب ،امسك المقبض وفتحه ففتح الباب ، دخل تساءل هل هو البارون ؟ ،تقدم للداخل كانت الفيلا بوضع جيد من الداخل ،لم يجد احدا لاسقباله ،فاعتمد على حدسه وتقدم اكثر قاصدا غرفة المعيشة ،في تلك الغرفة الواسعة الفارغة الا من اريكة جلدية فخمة .....وجد هبة جالسة ،كانت مسندة ظهرها الى الاريكة ،جالسة بارتياح ظاهر ،واضعة رجلا على اخر ،لم يبتسم فلم تعجبه بتاتا تلك الجلسة ،اقترب اكثر منها حتى لاحت له ملامحها بشكل واضح راى عيونها المحمرة ،وتلك الابتسامة الزائفة ،كانت ترمقه بنظرات مختلفة تماما ،تساءل كم ساعة امضتها تبكي ،كم احتاجت من وقت حتى تظهر هذه القوة الزائفة وهذا التماسك المفكك ،قالت قبل ان يتكلم "لقد جئت " رد "هل اعتقدت اني لن افعل " ردت "اعتقدت انك ستضع خطة اولا لكنك جئت من الباب " ،كان بينهما مترين كان واقفا وهي جالسة باعتداد ،اقترب وقال " كيف انت ؟ " ردت "ماذا تتوقع ؟" رد " كنت قلقا " ردت "لماذا تقلق انا مع والدي اولا تعلم "رد "اخبرك " ردت "متى كنت تنوي اخباري ؟ ام لعلك لم تكن لتفعل ابدا " علم ما كانت تقصده بتلميحها لقد علمت ولا يدري كيف انه كان يعلم انها كانت تحبه هكذا فكر ،لقد علمت انه تعمد تركها تتالم باعتقادها اخته ،لكنه سالها "ماذا تقصدين ؟ اعتقدت انك ستكونين افضل لو لم تعلمي انك ابنة البارون " ضحكت ضحكة قوية عمت المكان الفارغ وقالت "التفاصيل الست من قال ان السر في التفاصيل" انحت على الاريكة وضعت مرفقها على يد الاريكة وقالت "الم تعلم اني كنت احبك " وقفت واقتربت منه حتى لم يفصل بينهما الا بضع سنتمترات وتابعت "تذكرت كل التفاصيل الصغيرة عندما اخبرني البارون انك كنت تعلم من اكون عادت لذاكرتي كل تلك اللحظات التى كنتها معك وتلك النظرات التى ترمقها لي ذلك الاستغلال الفج لمشاعري كانت تعلم اني لن ارفض لك طلبا لقد احسنت استغلالي ،امن اجل ذلك انقذتني ومنعتني من الانتحار والقيت علي تلك المحاضرة السخيفة لعلك اعتقدت انه من الظلم ان انتحر بسبب كذبة لكنك لا ترى انه من الظلم ان اتالم بشكل لا يحتمل بسبب كذبة " سارت ابتعدت عنه قليلا وقالت "لقد قلت لا تحاولي ان تقاومي التغيرات التى تعترض سبيلك و لا تقلقي اذا قلبت حياتك راسا على عقب فكيف لك ان تعرف ان الجانب الذى تعيش فيه افضل من الجانب الذى يأتى" الفتت اليه وجدته ينظر اليها صامتها ابتسمت ساخرة وقالت "ماذا قلت ايضا اغبى ما قد تفعلينه هو الانتحار لا حدود للحياة هناك لحظات للعذاب ولحظات للسعادة وانها موزعة بالتساوي ،عندما اتذركر هذه الكلمات اتاكد انك كنت تعلم لماذا كنت اتالم ولم تحاول وقف الالم كل ما كان يهمك ان تتغلب على البارون حتى وان باستخدامي كدرع لك اتعلم اكثر ما المني " تماسكت وسكتت قليلا اخذت نفسا "الامر مؤلم ان اعلم اني ابنة غير شرعية وان عائلتي التى تربيت معها لا تمت لي بصلة ،الامر مؤلم ان اعلم ان سبب وجودي في هذه الحياة البائسة هو رجل كل معيشته حرام ،لكن الاكثر ايلاما انك كنت تعلم اني كنت اموت من الداخل بسبب كذبة ولم تتدخل ،اعلم انه لا علاقة لك بحبي الغبي لك لكني كنت اذوب من الداخل الما لاني اعتقدت اني عشقت اخي الا تدرك هذا " ظل صامتا امام كلماتها بل امام المها ،كانت تتماسك بكل قوتها حتى تظهر بمظهر القوية امامه لكنه كان يعلم انها هشة وان نسمة هواء قد تسقطها ،قالت "لما لا تتكلم ،لقد سمحت لك بالدخول لاسمع تبريرك هيا انا اصغي " سالها "هل هل تفكرين بالبقاء هنا ؟" ردت "لا افكر بالبقاء معك في مكان واحد ابدا " سكتت ثم تابعت "يبدو انه لا اجابة لك على سؤالي ،يمكنك المغادرة "قالت هذا وانصرفت ،سارت تصعد الدرج بوقار كاذب ،تابعها بعينيه الى ان اختفت ،خرج من الباب الذي دخل منه وهو يفكر على الاقل هي بخير قليلا ، ركب سيارته وقادها عائدا ،كان يفكر في هبة وضعها كان مشتت كانت ضائعة لا تعرف ما تفعل لكن كلماتها كانت دقيقة تماما كانت تتكلم من المها فكر لؤي بل كان المها من تكلم ،فكر ما العمل معها الان ،هي لن تصدق اي كلمة يقولها عن حب قد يشعر به ،فجاة تذكر مقولة ما كانت مخباة في ذاكرته من قالها اهو والده "اننا نتالم مما نحرم منه مما لا نستطيع حيازته دوما تعلم ان تجعل الاخرين هم من يسعون وراءك اخلق لهم شعورا بالحرمان وعدم الامان بمجرد جعلهم يشكون فيك ايقظ املهم من جديد جاعلا اياهم يعتقدون انهم مرغوبون هذا سيجعلهم يتمسكون بك سيهربون اليك من خوفهم من الحرمان والالم الذي سينتج عنه سيسعون هم خلفك كل ما سيكون عليك فعله لاحقا هو انتظارهم " فكر لؤي ان كلماته قاسية وطريقة تفكيره قاسية فكر لؤي ترى هل هذه كانت طريقته التى اتبعها مع البارون ؟ زاد من سرعة السيارة مهما كان هو بالتاكيد سينجح في اغواء هبة ،ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يخطط في خطوته التالية .

شرطيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن