الفصل الرابع عشر « فتاة العسل... »

331 13 5
                                    

                     الفصل الرابع عشر
                     « فتاة العسل... »

حوريه...
أطبق (عماد) يداه القويتين فوق عنق (حوريه) محاولاً خنقها وزهق روحها على يديه ...
ألم رهيب تشعر به وقد ضاق تنفسها وهي تحاول التحرر من يديه المطبقتان على مجرى تنفسها لكن قوته أكبر بكثير منها...
حاولت الصراخ بكل ما أوتيت من قوة لكنها لم تستطع فقد شعرت بإنهيار قواها بتلك اللحظة وهى ترى عيناه التى إتسعتا بملامح الفرحة والإبتسامة وهى تنازع الموت بين يديه ...
أغمضت عيناها بإستسلام فقد حانت نهايتها لتفتح عيناها فجأة ثم نظرت حولها ولم تجده ...

رفعت جسدها وهى تتلفت باحثة عن (عماد) وهى تتحس أثر يده القوية فوق عنقها وسط تسارع أنفاسها لتدرك أن ما مرت به ما هو إلا حلم مخيف ....
حوريه: أستغفر الله العظيم ... كابوس .... كابوس .... الحمد لله ...
ثم رددت بخوف: بس هو لو جه فعلاً حيموتي ... أنا عارفة ... ومش قادرة أمشي .... حلها من عندك يا رب ... يااااااااا رب .
__________________________________________
عبد الله...
إضطرب من هذا الإنتظار الطويل ليحفز (عبد الله) هذا الشاب للدخول إلى البيت للتأكد من أن (عماد) مازال بالداخل ، فربما لحقهم إلى المستشفى فيتوجب عليه الذهاب إليه للقاءه المنتظر ....
عبد الله:(شريف)... بقولك إيه .... ما تدخل تطمن كدة ... أنا أصلي مستعجل وعايز أمشي ....
السائق : أحسن يقول كلمتين ملهمش لازمه وهو لسانه طويل ....
عبد الله بأسى : عارف ... عارف ... بس أهو تتأكد بدل واقفتك دى ....
السائق بقلة حيلة : الأمر لله ....
تقدم السائق نحو البيت ليدلف إلى الداخل ، يغيب عن نظر (عبد الله) لثوانٍ قليلة ليخرج إليه بوجه شاحب مذعورا ، يركض بإتجاه (عبد الله) الذى تحفز بقلق لرؤيته يخرج بهذا الشكل المفزع ....
عبد الله: فيه إيه ...؟!!
السائق: إلحق ... يا نهار أسود ... يا نهار أسود ....
عبد الله: وحد الله .... إيه إللى حصل بس .... زعق لك ولا إيه ...؟!!
السائق: (عماد) بيه .... ااااا....اااااا..
أخذ يشير بارتجاف نحو البيت مما يدل على حدث عظيم بالداخل ، أثار ذلك قلق (عبد الله) ليحثه على الحديث عما رآه وسبب له تلك الفزعة ...
عبد الله: إيه إللي حصل له ...؟؟!
السائق: تعالى ... تعالى ...
لم يجد (عبد الله) بُد من أن يدلف إلى الداخل مع السائق لتفقد (عماد) وما حدث له بالداخل .....
تقدم السائق الطريق ليحجب الرؤية عن عينا (عبد الله) حين إستدار إليه فزعًا يفغر فاه بقوة ....
السائق: شوف ....!!!
تحرك السائق إلى اليمين قليلاً ليظهر (عماد) ملقى على الأرض غارقًا فى بركة من الدماء ، عيناه مفتوحتان مثبتتان يبدو أنه قد فارق الحياة ...
صُدم (عبد الله) لرؤيته فما زال للموت رهبة حتى مع العدو ....
عبد الله: لا حول ولا قوة إلا بالله .... إنا لله وإنا إليه راجعون ....
تقدم خطوتين حتى أصبح إلى جوار (عماد) ليغلق عيناه الجاحظتان وهو يهمس ....
عبد الله: فين قوتك دلوقتِ إللي كنت بتتباهى بيها .... سبحان الله .... حقيقي ربنا هو المنتقم ..... إنت دلوقتِ فى دار الحق ... والله وكيلي وحسبي على إللي عملته فيا وظُلمك ليا ....
إستقام (عبد الله) وهو ينظر بعدم تصديق نحو السائق قائلاً ...
عبد الله: إتصل بالشرطة تيجي ضروري ...
السائق: أه .... أه طبعًا .... لازم أتصل بالشرطة ....
أبلغ السائق عما حدث لـ(عماد) لتطلب منه الشرطة البقاء لحين حضورهم والذى لم يلبث دقائق قليلة لتعم سيارات الشرطة والإسعاف بباحة المنزل لمعاينة الواقعة والتحقيق فى هذا الحادث ....
وبعد المعاينة وتصوير الحادث بكل تفاصيله تم نقل جثمان (عماد) والتحفظ على كل من السائق و(عبد الله) لإتمام التحقيقات ، أصيب (عبد الله) بحالة من القلق ، فهو حتى بمماته سيلحق به الأذى ...
__________________________________________
تركيا....
أمسكت برشاش الماء لتسقي نبتة الياسمين خاصتها فهى عاشقة للياسمين برقته وعذوبته لتقطع (سيلا) خلوتها بصوتها المميز ...
سيلا: تعرفي إنك شبهها أوى ...!!
اميمه: شبه إيه ...؟!
سيلا: الياسمينة دى ... بحسها شبهك .... رقيقة وهادية زيك ... كمان نفس البرفيوم بتاعك ...
اميمه: كان نفسي بابا يسميني ياسمين من كتر ما بحبه ....
سيلا: عارفة إنتِ فيكِ حاجة كمان واضحة أوى ...!!!
(أميمه) وهى تضيق عيناها بتساؤل عن ذلك الشئ المميز بها ...
اميمه: إيه بقى ....؟!؟
سيلا: أقولك ... إنك مش بتحبي التغيير ... يعنى ثابتة على أكلات بتحبيها .. حاجات بتعمليها .. البرفيوم بتاعك مثلاً ...و...
أميمه وهى تستدير بالكامل وهى تضع كفيها بتعجب فوق خصرها ...
اميمه: وإيه ... كملي ...؟!!
سيلا: وبتحبي نفس إللى بتحبيه مهما إتظاهرتي إنك مش بتحبيه ...
إرتبكت (أميمه) من كلمات (سيلا) لتجفل عيناها بإضطراب وهى تستنكر كل ما قالته (سيلا) بتهرب رافضه ذلك قطعًا ....
اميمه: لا طبعًا ... إنتِ ولا تعرفي عني أى حاجة .... أنا بتغير و بنسى وبحب وأكره وبحب التغيير ....
سيلا: إنتِ واضحة وضوح الشمس ... بتضحكي عليا ولا على نفسك ....
اميمه: أنا اتغيرت ... وبتغير ... مش ثابتة على حاجة أبدااااااا .....
(سيلا) ضاغطة على (أميمه) لتعترف بحبها لهذا المجهول صاحب الذكريات وقصة الحب العاشقة بين الحبيبين والتى لا يمكن أن تنتهي هذه النهاية بفراق كل منهما .....
سيلا: بتتغيري وبتحبي التغيير ... هاه .... يعنى ممكن توافقي بـ(ضيا) ....؟!؟
أميمه بتجهم: ماله (ضيا) ...؟!!
سيلا: (ضيا) بيحبك يا (أميمه) إنتِ مش حاسة ولا إيه ...؟!؟
تهزمها (سيلا) للمرة الثانية بصدمتها بالواقع الذى ترفضه تمامًا ، تتهرب منه دومًا دون مصارحة نفسها بهذه الحقيقة الموجعة ....
هى تدرك أن تقرب (ضيا) إليها ليس بدافع الصداقة أو الإخوة لكنها تُكذب نفسها بأنه كذلك ....
اميمه: أنا داخله أشوف (مينو) .... لازم يتغدي دلوقتِ .....
تركتها (أميمه) وقد كشفت لها (سيلا) عن نقاط حاولت أن تتناساها وكأنها غير موجودة بالمرة ....
___________________________________________
نهال ...
لليوم الثالث على التوالي يصل إلى (نهال) باقة الزهور البيضاء لتستشعر رسائل منبعثه إليها بوجود من يساندها ويرسل لها تحيته وأشواقه كل يوم ....
وضعت تلك الباقة الصغيرة إلى جوار الباقتين السابقتين لها والتى تعتني بهم كأطفالها الصغار ....
جلست فوق مقعدها لتشعر بأنها تعيش بحديقة غناء لتتصفح جهاز الحاسوب "اللاب توب" مستكملة إستذكارها إستعدادًا للإختبار المقبل لتغلق الجهاز من وقت لآخر ناظرة من النافذة على عالمها الذى تحبه لمراقبة المارة والسيارات العابرة على الطريق أمامها .....
___________________________________________
فى المساء.....
طوت (رحمه) آخر قطعة بيدها لوضعها على الرف بعناية وهى تنادي (هاجر) لتحثها على الإنتهاء إستعدادًا لنهاية يوم عملهما ليعودوا إلى المنزل ....
رحمه: أنا خلصت ... ها ... قربتي ...؟!
هاجر: خلاص أهو .... يلا بينا ....
رحمه: طيب أنا عايزة أعدي على السوبر ماركت إللي فى آخر الشارع أجيب لماما من عنده عسل نحل أحسن صدرها تعبها أوى من قاعدة الشباك إمبارح والهواء كان شديد ....
هاجر بأسف: يا حبيبتي يا خالتي ... تعبت أوى من بُعد (عبد الله) ....
غمزت (رحمه) تجاه (هاجر) وهى تردف قائله ...
رحمه: مش لوحدها ...
خجلت (هاجر) من تلميح (رحمه) بتأثرها بغياب (عبد الله) ...
هاجر: (رحمه)... متخلينيش أندم إنى قلت لك ...!!!
رحمه ضاحكة : خلاص خلاص ... إيه الكسوف دة كله ... يلا بينا طيب عشان منتأخرش ....
تحركتا نحو السوبر ماركت يتناولون أطراف الحديث لتظهر أمامهم (عمة هاجر) صدفة ...
هاجر بتفاجئ : عمتي !!! .... إزيك ... بتعملى إيه هنا ....؟!
عمة هاجر: كنت جايه لك شوية المحل ... إيه دة أنا إتأخرت ولا إيه .. ؟!.
هاجر: دة إحنا كنا حنجيب حاجة من السوبر ماركت ونروح على طول ....
عمة هاجر: طيب كنت عايزاكِ فى كلمتين يا (هاجر) ....
(هاجر) وهى تدرك سبب هذا اللقاء الذى ليس محض الصدفة فقد أتت اليوم للحديث عن خطوبتها لـ(خالد) التى تؤجلها كلما إستطاعت ...
أدركت (رحمه) ذلك لتفسح لهما المجال بالحديث قائله ...
رحمه: طيب خدوا راحتكم أنا حروح أنا أجيب العسل وأرجع لكم تاني ...
عمة هاجر: وماله حبيبتى براحتك ....
لتنتهز (عمة هاجر) الفرصة بالإلحاح على القيام بخطوبة ولو بسيطة فى القريب وسط رفض (هاجر) التام لكل هذا الضغط المستمر ....
دلفت (رحمه) إلى داخل السوبر ماركت الكبير تبحث عن نوع العسل المناسب لإمكانياتها المادية والمفيد لوالدتها بنفس الوقت لتتمعن فى إختيار الإناء الزجاجي المناسب لها ...
__________________________________________
طارق...
دق هاتفه أثناء عودته إلى البيت ليضع الهاتف على مكبر الصوت أثناء قيادته للسيارة فى طريق عودته ...
طارق: أيوة يا ماما ... أنا جاي فى السكه أهو ....
ام طارق: طيب هاتلي معاك شوية طلبات للبيت من السوبر ماركت وأنت جاي ...
طارق: حاضر ... إبعتيلي كل إللي إنتِ محتاجاه وأنا حجيبه معايا ....
ام طارق: ماشي حبيبي ....
أنهى (طارق) المكالمة لتصله رسالة من والدته بها طلبات المنزل التى طلبت منه إحضارها ليتوقف أمام السوبر ماركت القريب من بيتهم لقضاءها ....
تابعت (هاجر) (طارق) بعينيها دالفًا إلى داخل السوبر ماركت الذى تتواجد به (رحمه) ....
حاولت كثيرًا التهرب من تشبث عمتها بها لأخبار (رحمه) والخروج بها من هذا المكان قبل لقاءها به لكن عمتها لم تيح لها تلك الفرصة أبدًا ، لتقف بتوتر وعيناها معلقتان على باب الخروج فى إنتظار خروج (رحمه) وسط كلمات عمتها التى لا تنتهي ....

روايه "ذكريات مجهوله" قوت القلوب (رشا روميه)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن