الفصل السابع عشر « بريق ألماس.. »

316 9 0
                                    

     الفصل السابع عشر « بريق ألماس.. »
            

شقة أم عماد ...
مازالا (أم عماد) وإبنها (إسلام) تحت وقع صدمتهم بموت (عماد) المفاجئ فلم يصدقا ما حدث له بغربته بعيدًا عنهم ...
إستكملت (أم عماد) نحيبها على فراق ولدها ...
أم عماد:  أاااااه يا حبيبي ..... مات يا قلب أمه فى غربته وحيدفنوه هناك .... كان إيه بس إللى رماك على الغربة دى وتموت كدة بعيد عني ... يا ريته كان سمع كلامي ورجع يعيش معانا فى مصر ....
إسلام بإحتقار: ما هى لازم بنت الفقر إللي معاه دى هي إللى كانت عايزة تكمل هناك .... طبعًا ... حتلاقي فين عز وغنى زى إللي كان معيشها فيهم .....!!!
أم عماد: طبعًا هى السبب ... وإلا كنا شفناها حتى مرة فى زيارة معاه ... لكن دى كانت فى جرة وطلعت لبرة ... من يوم فرحهم وسفرهم مشفناش وشها .... طبعًا ما إحنا مش قد المقام بقى ....!!!
إسلام : أنا عارف بس (عماد) إتجوزها ليه ....؟؟؟. دى لا تليق بينا ولا بعيلتنا خالص ... نسب عره ...
أم عماد: أنا عارفة النوعية دى .... كل إللي يهمها الفلوس ... شوف (عماد) كان قوي إزاى ... بس قدرت توقعه السهتانه دى ....
إسلام: طب المحامي مقالكيش حاجة عن فلوسه وشغله إللي هناك ...؟!!
أم عماد ساخرة: فلوسه ..!!!!  ما هي دى المصيبة الكبيرة ....
إسلام: ليه ..؟!
ام عماد: أخوك طلع كاتب لها كل حاجة بيع وشرا ....
هب (إسلام) واقفًا بغضب لتتطابق ملامحه مع أخيه الكبير (عماد) بنفس الحدة والنظرات المخيفة والعيون اللامعة ....
إسلام: نعـــــــم ...... !!!!!! كتب لها كل حاجة .... دة إتجنن دة ولا إيه قبل ما يموت .... !!!!
أم عماد: مش بقولك .... دى مش سهله أبدًا .... كل إللى يهمها الفلوس ... مش بعيد تكون هي إللى قتلته ....
إسلام بغيظ : وربنا لأقتلها بإيديا دول ...
أم عماد: وحيفيد بإيه قتلها .... إحنا عايزين فلوسنا .... حقنا .....
إسلام: ودة حنرجعه إزاى بقى .... ؟!!
أم عماد: إتجوزها ....
إسلام: إيه ...؟!  أتجوزها ..... لا يمكن طبعًا ....
__________________________________________
الجريدة ....
تقابل (هشام) مع زملائه اللذين رحبوا بقدومه بحرارة فـ (هشام) محبوب جدًا بين زملائه ....
راضى :حمد الله على سلامتك .... ها .... جبت معلومات كويسة ....؟!!
هشام بفخر: جداااا .. حتتفاجئ يا (راضى) .. معلومات حتغير كل حاجة فى الموضوع بتاعنا ...
راضى: ميه ميه .... وأنا كمان لقيت هنا خيوط حتوصلنا للى إحنا بندور عليه ...
هشام : حلو أوي .... كدة بقى نتقابل آخر اليوم عشان نرتب كل حاجة عشان الموضوع دة ....
راضى :  وهو كذلك .... فين بقى ....؟؟؟
هشام: عندي فى الشقة ... عشان محدش يزعجنا ....
راضى ضاحكًا : قصدك يعنى أن إبني الصغير مش بيخلينا نقول كلمتين على بعض ...
هشام ضاحكًا : أيوة ..... كمان أنت عارف أنا قاعد لوحدي .....
راضى: خلاص .... حعدي عليك بالليل ...
هشام: صحيح كنت حنسي ..... أخبار الورد إيه ... ؟!
راضى بمكر : إيه حكاية الورد وصاحبة الورد دى معاك ..؟!
هشام : أبدًا .... قريبتى من بعيد بس ....
راضى: اااه .... عمومًا اإطمن .... زى ما وصيتني .... كل يوم بوكيه ورد أبيض ...
هشام : شكرًا يا (راضى) ...
راضى: على إيه بس ....
هشام : طيب حروح أنا أريح شوية وعدى عليا لما تخلص الشغل بقى ..  
راضى: ماشي ... مع السلامة ..
___________________________________________
طارق....
إستعد (طارق) بسعادة وقد إرتدى حلة سوداء وقميص أبيض أعطاه وسامه أبرزت بها سحره الأسمر .....
هدى: بسم الله ما شاء الله .... ملبستش البدله الميري بتاعتك ليه بدل الكلاسيك دى ...؟!
(طارق) وهو يختال بنفسه أمام المرآة ...
طارق: خليها فى الفرح ...
هدى : ربنا يتمم لك على خير ....
طارق: حسبقكم أنا أجيب العروسة من البيوتي سنتر وإنتوا حصلوني على هناك بقى إنتِ وجوزك وماما ونروح كلنا على بيتهم سوا ...
هدى: إن شاء الله ... ألف مبروك  .. أنا فرحانة أوى ... أخيرًا خطبت ....
طارق: متنقيش فيها بس ...
ترك (طارق) هدى وتوجه نحو صالون التجميل الذى قد أرسلت له (هدى) عنوانه بعدما أبلغتها (هايدى) بمكانه ....
توقف السائق أمام صالون التجميل ليترجل (طارق) من السيارة دالفًا نحو الداخل كما طُلب منه لإصطحاب العروس ...
دخوله المهيب أثار تفحص العيون بذلك الشاب القوي بإصطحاب عروسته الجميلة ....
توقف (طارق) لبرهة محاولاً إستيعاب ما يراه أمام عيناه ...
لم يكن يتخيل أن إختيار (هايدى) لفستانها كان مخجلاً إلى هذا الحد ....
فستان ذو لون أحمر صارخ مكشوف بصورة مقززة ، زاد من غثيان طلتها وضع كمية كبيرة من مساحيق التجميل يكاد لا يدرك بالفعل ملامحها الحقيقية خاصة مع وضع عدسات ملونه مفزعة أكثر منها جذابة ....
طارق بتجهم: إيه دة ...؟!
هايدى: هو إيه اللى إيه دة ....!!! المفروض تقولي كلمتين حلوين ..!!!  شكلك حلو ... قمر ... مبروك يا عروسة .. حاجة كدة ... مش إيه دة ... !!!
قالتها (هايدى) وهى تسخر من طريقة (طارق) معها...
طارق: إنتِ بتتكلمي بجد .... إنتِ حتمشي فى الشارع معايا كدة ... والناس حتشوفك كدة ....؟!
هايدى: طبعًا ... دى الموضة ... وأنا عروسة .. وخد بالك أنا ملحقتش أختار كويس الوقت كان ضيق أوى  ..
كاد (طارق) أن يصرخ بها غاضبًا ويخرج تاركًا تلك الملونه عائدًا إلى المنزل لكنه وجد أخته (هدى) وأمه قد لحقتا به مثلما إتفقا ...
إستدار (طارق) منصرفًا يزفر بغضب لاعنًا إختياره المتسرع ....
أحست والدته بما سيفعله (طارق) تاركًا الفتاة ليلة خطبتها لتقف قباله بترجي ....
أم طارق: (طارق) ... عشان خاطر أمك ... عدي الليلة على خير ...
(طارق) بغضب وهو يأشر بيده باتجاه (هايدى) التى وقفت تطالع تصرف (طارق) متكتفه بضيق فمن الواضح أنه سيحاول فرض تحكماته عليها من أول يوم وذلك ما ترفضه نهائيًا ...
طارق : إنتِ مش شايفه عامله زى البلياتشو إزاى ولابسه إيه ..؟؟ !!!!!  أنا مراتي تلبس كدة قدام الناس ...
إمتعضت (أم طارق) شفتها بإضطراب فهو محق لا شك بذلك لكن زواجه أملها بعد إنتظار طويل ...
أم طارق: حنطلع على العربية على طول وهناك أهلها وأصحابها .. عشان خاطري .... عدي الليلة يا (طارق) .... لو ليا غلاوة ....
كظم (طارق) غيظه من (هايدى) مصطحبها إلى منزلهم إرضاءًا فقط لوالدته ....
طارق: إتفضلوا ... عشان خاطرك إنتِ بس يا ماما ....
وإضطر إلى إستكمال هذه الليلة على مضض لأجل والدته فقط ..
___________________________________________
هشام..
بعدما أنهى كل أعماله بالجريدة إستقل سيارة أجرة مرة أخرى لكن هذه المره ذاهبًا نحو المستشفى ...
فأخيرًا أصبحت رؤيته لـ(نهال) وشيكه جدًا فقد أصبحت رؤياها هدفًا له لما أثارته كلماتها فى نفسه متشوقًا بالفعل لمعرفة صاحبة هذا الدفتر الذى أثار فضوله ..
__________________________________________
المستشفى .....
إنتهت (نهال) من متابعة جزء آخر من  المعلومات التى أرسلها لها (عم سلمى) لإستذكارها لهذا الإختبار القادم بعد أسبوع  ..
تناولت طعامها بشهية وإزداد وزنها بصورة ملحوظة جدًا خاصة مع بدايه إطلالتها
لحياتها الجديدة ....
رتبت بعض الأوراق التى كتبت بها بعض الملاحظات وهى تشعر بسعادة لما تقوم به
وإحساسها أن ما تفعله سيرقي من شأنها فقد خسرت التعليم ولكنها لن تترك تلك الفرصة التى آتتها أخيرًا ، فهى على إستعداد تام أيضًا لإستكمال تعليمها فور أن تستقر فى عمل تستطيع أن تجني منه مالاً ، فطموحها ليس له حدود ...
بعد مضى بعض الوقت أحست بتعب بعيناها فقررت أن ترتاح قليلا ...
وضعت الحاسوب "اللاب توب" جانبًا لتنظر من نافذتها كوقت مستقطع تلتمس به بعض الراحة ...
داعبت النسمات الباردة شعرها الثائر وهي تستنشق نسيم الهواء البارد المنعش ...
____________________________________________
هشام ...
توقفت السياره أمام بوابة المستشفى ليترجل هشام منها وعيناه معلقتان بالحائط الخرساني(السور)  المحيط بالمستشفى ...
إقترب (هشام) وكأنه يفحص أثر سقوط الدفتر بهذه الرقعة فيبدو أن هذا هو المكان الذى وصفته له أخته (سمر) حيث وجد به أصدقائها الدفتر ...
هشام بتمعن: لو فعلاً لقوه هنا يبقى أكيد أوضتها قريبة يعني ... أوضة من إللي على الشارع دول ....
تشدق (هشام) برأسه ناظرًا نحو النوافذ المتراصة إلى جانب بعضهما البعض بحيرة فجميعهم يتشابهون ...
هشام : أعرف منين بقى هى فين بالظبط ... دة كلهم شكل بعض ... كمان حدخل بصفتي إيه أسأل عليها ... بس هى أكيد مريضة ونحيفة ... يعنى ممكن أعرفها لو شفتها من أى شباك من دول ....
قطع أفكاره إطلاله فتاة رقيقة فاتنة تنظر من النافذة تنير كقطعة من الألماس البراقة
النقية كل ما فيها ينبض ويشع بالجمال والرقة ....
سلبت روحه من نظرته الأولى لها ونسي تمامًا ما جاء من أجله  ....
طار فى الخيال مع طيف هذه الفاتنة ، لقد أخرجته بسحرها من كل تفكيره وكل ما يحيط به وظن أنها أكيد خيال وليست حقيقة فهى كالملاك ، ملامحها الهادئة الفريدة تشع صفاء ونعومة ....
تعلقت عيناه بها وهى تنظر نحو السماء الصافية وهى تستنشق بعمق نسمات الهواء لتجول بنظراتها نحو الطريق والسيارات المارة ، تتابع بعيناها رؤيتهم وكأنها تشاهد فيلما مسليًا وليس نظرة من النافذة ...
رؤية إستمتاعها فقط كان كافيًا بشرود (هشام) بها وهي تتابع كل التفاصيل حولها مرسمة على شفاها تلك الإبتسامة الخفيفة التى سلبت روحه بلحظة واحدة ..
وضع يداه بجيبي بنطاله ليستكمل شرودة بملامحها الرقيقة تناسى أنه متواجد بالفعل  ويحدق بها بشدة ....
تحركت (نهال) بعينيها هنا وهناك حتى إستقرت على هذا الشاب المتوقف أمام سور المستشفى ينظر نحوها بتمعن تلوح على شفتيه إبتسامة بلهاء ...
شابًا وسيمًا ذو شعر أسود متناثر بفوضى محببه يرتدي قميصه الكاروه وجاكيت بدون أكمام حاملاً حقيبة جلدية صغيرة فوق كتفه ....
يبدو كأحد الفنانين أو شئ من هذا القبيل ،  أبعدت عيناها قليلاً لتعيد نظرها نحوه مرة أخرى رغمًا عنها لتجده مازال محدقًا نحوها بصورة غريبة ....
أخذت تنظر إلى نفسها وملابسها لمحاولة تدارك سبب تحديقه بها على هذا النحو ...
أبها شئ فى غير محله أو غير مضبوط ....
فلم تجد شئ فملابسها بسيطة وعادية جدًا لا يخولها شئ هزت كتفيها مستنكرة وهي تقلب شفتيها كالأطفال معيدة نظرها نحوه لتجده مازال على نفس وضعه ....
حتى أطلقت إحدى السيارات نفيرًا عاليًا جعله يقفز من مكانه من الفزع بسبب صوت بوقها العالي دون أن ينتبه له ، مما أثار ضحكتها بصوت عالٍ جدًا على رد فعله المضحك لتتراجع نحو المقعد جالسة تستكمل ضحكاتها التى لا تستطيع أن توقفها حتى الآن فكلما هدأت تذكرت ملامحه المفزوعة لتضحك مرة أخرى لتصيبها هيستيريا الضحك ...
هشام ...
لم يشعر بنفسه إلا وصوت بوق إحدى السيارات يخترق أذنيه ويهز كيانه لينتفض قافزاً من مكانه مفزوعاً من هذا الصوت المفاجئ ...
لكن ضحكتها البريئة جعلته يضحك على نفسه وما فعله منذ قليل ..
هشام لنفسه : ضحكتك حلوة أوى .... انتِ روحتي فين بس ...؟!!
نظر (هشام) نحو ساعته ليتذكر موعده مع (راضى) ليسرع بالذهاب حتى لا يتأخر ...

روايه "ذكريات مجهوله" قوت القلوب (رشا روميه)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن