الفصل الحادي والعشرين «عبد الله ... »

352 10 0
                                    

الفصل الحادى والعشرون «عبد الله ... »

بيت رحمه....
لم تستطع منع نفسها من الإنتظار مرة أخرى ناظرة من النافذة تُمنى عينيها برؤية ولدها فقلبها يحدثها بأنه قادم ....

حاول زوجها وإبنها أن يثنياها عن تلك الجلسة لكنها أبت وقررت إنتظار قدومه ....
ليزفر (إبراهيم) بضيق فقد عادت مرة أخرى لجلستها بإنتظار (عبد الله) ...
إبراهيم: وبعدين معاكِ بقى ... ما هو طمنا عليه وكلها كام يوم وتلاقيه هنا ...
ام رحمه: قلبي بيقولي إنه خلاص جاى ...
إبراهيم: طيب إستهدي بالله وإدخلي جوه من البرد ...
ام رحمه: حستناه شويه بس ...
إبراهيم بضيق: لا حول ولا قوة إلا بالله ... أنا خلاص مش قادر عليكِ ... خليكِ لما تيجي (رحمه) هى إللى بتعرف تقنعك ... أهى خلاص على وصول ....
__________________________________________
رحمه وهاجر...
فى طريق عودتهما من الجامعة ذلك الطريق الذى تقضيان به كل حديثهما لتُخرج كلاً منهما ما بقلبها لصديقتها ...

وها هما أوشكا على الوصول بإتجاه الحي الذى يقطنان به ، أوقفهما وقوف سيارة تقطع عليهما الطريق وقبل أن تصيح به أحداهما أو إنهما يتراجعان للخلف ، تفاجئا بـ(عبد الله) يخرج لهما من السيارة بلهفة وإشياق مختلف لكل منهما .....
رحمه بتفاجئ : (عبد الله) ..!!!! (عبد اااااالله) ..... حمد الله على السلامة يا أخويا .....حمد الله على السلامة .....
عبد الله : (رحمه) .. إزيك وأخباركم إيه كلكم ؟!! .... وحشتيني يا بت الإيه إنتِ ...
رحمه ببكاء: انت اللي وحشتني .... وحشتني أوى يا (عبد الله) .....

لم تبالي (رحمه) بالمارة والطريق فالجميع بالحي يعرفهما جيدًا لتلقى بنفسها بين ذراعي (عبد الله) مربتًا فوق كتفها بحنان فقد إشتاق لها بالفعل ...
ليست هى فقط .. ليرفع عيناه بإتجاه (هاجر) فأخيرًا رآها بعد أيام قاحله كانت ذكراها فقط هى التى تبعث به بريق أمل وتصبره على التحمل لأجلها يومًا ....

هاجر...
ظنت لوهلة أن ما تراه هو حلم آخر من أحلامها ...
لم تصدق عيناها برؤيته مرة أخرى وأن هذا ما هو إلا واقع أجمل من كل الأحلام ...
أهذا هو (عبد الله) يقف أمامها بعد غياب طويل ...؟!!
هذا الإشتياق بعيناه حقيقته أجمل بكثير من كل أحلامها بعودته ....
توقف الزمن من حولهم ليخبرها كم إشتاق لها بنظرة واحدة لم تكن تدرى وقتها أن ما تظهره عيناها ورجفتها بعودته إعلان صريح بمدى إشتياقها له دون وعى منها لكن (عبد الله) أدركه على الفور ليبتسم لها إبتسامته الجذابة ...
تلك الإبتسامة التى تخصها هي وحدها ... نعم رأته بيتسم للكثير إما شكر أو مجاملة وحتى بسعادة ...
لكن تلك الإبتسامة لم تراها سوى لها فقط وكأنه يخصها هى عن الجميع بإنفعالات تظهر معها هى وليس لأحد آخر ....
نكست عيناها بخجل عندما إبتعدت (رحمه) عن أخيها وهى تدرك تمامًا أن عليها الإنسحاب الآن ...
رحمه: أنا حطلع أقولهم إنك جيت .... دول مش حيصدقوا أبدًا....
أسرعت (رحمه) نحو بيتهم لتترك (عبد الله) و(هاجر) بحرية لبعض الوقت ....
عبد الله: وحشتيني يا (هاجر) ... وحشتين جدًا ....
تلجمت (هاجر) تمامًا لتكتفي بإبتسامة فقط كرد على كلماته وإحساسه فإضطرابها أفقدها القدرة على الكلام ....
عبد الله مستطردًا : انتِ كنتِ الأمل الوحيد ليا إنى أرجع ....
أين ذهب كل تلك التساؤلات التى دارت بعقلها ...
أين غضبها المكنون بظنها أنه ربما إرتبط بغيرها ونسيها ...
أين لومها وعتابها له بتركه لها بهذه الصورة دون أى محاولة منه لطمأنتها عليه وعلى أحواله ...
أكُل ذلك نُسى بلحظه بمجرد عودته ، لم تتذكر سوى شي واحد فقط ....
أنها تشتاق إليه ....
أنها سعيدة بعودته ....
عبرات خفيه تساقطت فرحًا من عينيها لتمسحها بطرف إصبعها برفق ....
عبد الله : بتعيطي ليه دلوقتِ .... مش أنا خلاص رجعت ...؟!! من النهاردة مفيش حزن تاني .... أنا حطلع أطمن على بابا وماما وأخواتي وعلى طول حاجي لوالدتك وأطلب إيدك رسمى وأحقق حلمي إللى كان نفسي أحققه من زمان ....
هاجر: بجد يا (عبد الله) ....؟؟؟
عبد الله: بجد يا روح (عبد الله) .... روحي دلوقتِ وبلغي والدتك إننا جاين النهاردة نطلب إيدك ....
هاجر بسعادة: حاضر .. حاضر .. حستناك ... أوعى تتأخر ...
عبد الله: على فكرة أنا مستعجل أكتر منك..... إستنيني ....
أسرعت (هاجر) نحو شقتهما لتبلغ والدتها تاركه (عبد الله) يصعد لوالديه فقد إشتاق لهم جدًا ..
___________________________________________
رحمه ...
صعدت مسرعه نحو شقتهم تتعثر بخطواتها من شدة سرعتها ...
فتحت باب الشقة لتجد والدتها جالسة إلى جوار النافذة تنتظر كالعادة عودة (عبد الله) ....
أقبلت (رحمه) نحو والدتها بسعادة ... عيناها تشعان بفرحة وإبتسامتها تتسع الكون كله ....
رحمه: ماما ..... ماما .... (عبد الله) رجع يا ماما ....
ام رحمه: هو فين ....فين إبنى ....فين ..؟!!
دارت (أم رحمه) بلهفة لتشير لها (رحمه) بإتجاه النافذة فتعود (أم رحمه) مرة أخرى ناظرة منها حتى كادت أن تسقط من النافذة فقط لرؤية طَلة ولدها الغائب ...
إقترب (عبد الله) من بيتهم ليجد والدته تنتظره تطُل من نافذة شقتهم نحو الشارع وهى تبكي فَرِحة لرؤيه ولدها وعودته إليها ....
ركض (عبد الله) درجات السلم مسرعًا متلهفًا بعودته إلى وطنه ..
فليس هناك وطن أحن من أحضان أمه ...
لحظه إنتظرها لعام كامل ... تظاهر فيها بالقوة والتماسك ...
إقترب من حافة الإنهيار التى يحتاجها .... نقطة الطمأنينة خاصته ....
لحظة أن دلف من باب الشقة وجد والدته فاتحه ذراعيها فى إستقباله بشوق ليركض نحوها مرتميًا بإستكانة داخل أحضانها الحنونة الدافئة ....
ليترك العنان لصلابته وقوته باكيًا كطفل صغير أضناه الزمن .....
ربتت (أم رحمه) بحنو على كتفيه وهي تمسح على رأسه بغير تصديق أنه قد عاد أخيرًا ....
ام رحمه: (عبد الله) ... إبنى حبيبتي ... نور عيني ..... حمد الله على سلامتك يا إبنى ....
إنحنى (عبد الله) يقبل يديها ، لم يكن يظن أن للغربة ثمن قاسي بهذا الشكل إعتقد أن تحمل بعده عن أحبائه أمر هين لكن ما شعر به كان بالفعل مؤلم وقاسي غير ما توقعه بالمرة ...
لكنه هنا الآن بين أحبائه فيجب أن يفرح ويفرحهم معه .....
ام رحمه: كدة برضه يا (عبد الله) ... تهون عليك أمك .... كل دة غياب ومتطمناش عليك ....؟!!
عبد الله: المهم إنى وسطكم دلوقتِ ... سامحيني يا أمى .. أمال فين بابا ....؟!
إبراهيم بشوق: كنت مستني لما تخلص وتسلم على أمك .....
عبد الله: بابا ....!!!
ابراهيم: تعالي يا (عبد الله) .... حمد الله على السلامة ...
أسرع (عبد الله) نحو والده معانقًا إياه مستمدًا منه قوته مرة أخرى ....
ام رحمه: زمانك على لحم بطنك .... يلا يا (رحمه) .... حضرى الأكل لأخوكِ ....
رحمه: حالاً يا ماما .....
أسرعت (رحمه) نحو المطبخ لتحضر الطعام لـ(عبد الله) ....
إبراهيم: ليه يا إبنى طولت الغيبة ومطمنتناش عليك كل دة ..؟!!
عبد الله : ظروف شغل خلاني غصب عني مقدرتش أكلمكم والله ..
ابراهيم: وناوي تسافر تاني ....؟!
ام رحمه بفزع: لا خلاص يا (إبراهيم) ... بالله عليك كفاية كدة ما تجيب سيرة السفر تانى ....
ابراهيم: مش بسأله ناوى على إيه ..؟!!
عبد الله: لا اطمنوا ... مش مسافر تاني ...حستقر هنا وأعمل مشروع صغير وأتجوز ....
ام رحمه: تتجوز ...؟!! تتجوز مين ...؟!!
عبد الله : (هاجر) ... صاحبة (رحمه) .... عاوز أطلبها ....
ام رحمه بفرحة : يا ألف بركة .... يا زين ما أخترت والله .... دة إنت لو مكنتش إختارتها كنت حختارهالك أنا .....
عبد الله: بس بعد إذنكم أنا عاوز أروح لهم النهاردة أطلبها .... إبن عمتها مُصر عليها وأنا مش حستنى ....
ابراهيم: طب مش ترتاح لك كام يوم الأول ...؟!!
عبد الله: دى زيارة مش حتتعبنا يا حاج ....

روايه "ذكريات مجهوله" قوت القلوب (رشا روميه)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن