بدأ الزوجان بالاستعداد للسفر وهم كبير يعلو صدورهم، في العادة كانوا يحسبون الايام لعودتهم لقريتهم ولكن ليس هذة المرة، حتى مها تشعر ان هناك حجر على صدرها، لا ترغب بالسفر هذا العام،لا تريد رؤية نادر مرة أخرى.
ليلة السفر لم يستطع الأفندي النوم ونهض فجلس ينتظر صلاة الفجر في الصالون وهو يقرأ القرآن، استيقظت زوجتة رحمة وتوضأت وجلست بجواره، أغلق المصحف والتفت إليها لتقول ما يتحاشون قوله منذ ظهور نتيجة الامتحانات، رحمة :- هتعمل اية السنة دي؟
مصطفى :- اللي رايدُه ربنا هيصير.
رحمة:- يعني هتجوزها ابن اخوك؟
مصطفى :- انا بعتّ اسأل اخواتي عن عمايله طول السنه، ومحدش مدح.
رحمة :- يعني كنت بتفكر تجوزه البت؟
مصطفى :- لا ماينفعش، ده أخلاقه ردية زي أمه ده مش واخد حاجة من ابوه، وهي حية والحية ما تجيب الا حوية
رحمة :- طب وهتخلص منه ازاي؟
مصطفى :- هو الوحيد اللي عايز البنت؟ ، ما الحج عبد التواب ابن عمي عايزها لولده وطلبها مني للمرة التانية، قالي المرة الجاية مش هيقبل الرفض، حتى لو ما طلبهاش حد، هعرف ابعدهم عنها، بنتي ماتقدرش تعيش معاهم.
وصلوا البلد وتزاحم الجميع للترحيب بهم وتفاجئوا بحجاب مها واصرارها على عدم مصافحة احد من أبناء اعمامها وعمتها بحجة انهاعلى وضوء، ولم تصافح الا اعمامها،الأمر الذي اسعد الاعمام.
بعد وصولهم بيومين قضوهم باستقبال ألاقارب، تفاجئ مصطفى بإبن عمه عبد التواب بيدعوه لحفل زفاف ولده الذي كان يريد تزويج مها له، وقد لاحظ زوغان عيني ابن عمه وهو يخبره عن فرح ابنه الأمر الذي ضايقه قليلا، وشعر ان عبد التواب محرج، فتدارك الموضوع ومازح ابن عمه وضاحكه حتى زال الاحراج بينهم، وكانت ليله صعبة عليه، لا لشيء فقط إلا لأن المجال أمام نادر صار اكبر.
يوم الفرح تبرع نادر بتوصيل حريم العائلة لبيت اهل العريس، خرجت مها اخر وحدة من السيارة، فسحبها نادر جانبا بطريقة غير واضحةمستغلا ادعاء والدته وقوعها، واستنجادها بسلافاتها ليساعدنها على النهوض قائلاً لها وعيناه تلتهمها التهاماً:- اتوحشتك يا مها، انتي داريتي شعرك ليه عني، ولا اچولك احسن مش عايز حد يناضروه غيري لما نتجوز، انا هطلبك من عمي الأفندي وهتبچي حلالي السنادي وانا اللي اتمتع بيكي وبشعرك الحلو.
وكما قال كلماته الهامسه بسرعة، ابتعد عنها اسرع بينما يده تمر بمسحة سريعة على ظهرها وخصرها لتنتفض، وجرى نحو امه مدعيا الخوف:- انتي بخير يمه؟ چومي يا غالية.
لتنهض بخيتة عن الأرض، مستندة على ذراع ولدها وهي تبادله النظرات وهو يبتسم بإنتصار بينما مها جامدة مكانها في حالة صدمة من كلماته ولمسته التي أرعبها، لاتدري كيف سحبتها إحدى بنات عمها ولا على من سلمت، ولكنها جلست ملاصقة لأمها ولحظها السيء جلست بخيتة بجوارها، لتحتضنها بين فترة واخرى وتقبلها وتربت تارة على كتفها وتارة على فخذها وتوزع نظراتها على النساء بمعنى انها لي ولولدي، تريد الجميع أن يفهم ويعرف ما ترغب به، فتضايقت امها و زوجة عمها من تصرفها؛ مع حضور عمتها التي بعد أن سلمت عليهم؛ قامت بسحب مها من كرسيها قائلة:- معلش يا مها يا حبيبتي چومي چعديني جار امك ومرات عمك، و أچعدي هنكه جار البنتة.
لتقفز مها مسرعة متجهة نحو الفتيات لتجلس عفاف؛ لتبتسم رحمة براحة وشكر لها وتتبادل أعينهم مع سلفتها ام علي (زوجة التيجاني) بنظرات ذات معني ومغزى.
وسعى مصطفى للتهرب من لقاء بخيتة وحدهم باي شكل، تارة بالخروج قبل حضورها، وتارة بإعطاء إشارة لزوجته و لزوجة أخيه لتمتليء المندرة بأهل الدوار، فلا تستطيع مفاتحته باي موضوع.
اما مها فكانت تساعد فتيات الدوار في التنظيف والترتيب واعمال المطبخ، ولكن بمجرد ان تشعر بدخول احد من رجال الدوار إلى أي مكان هي فيه ، تغادر المكان فورا غير تاركة المجال ليكلمها اي منهم وبشكل فض استغربوه، ولكن اعادوه لحسن تربيتها وحيائها.
حاولوا الفتيات في إحدى الحفلات سحبها لتجاريهم بالغناء والرقص كما كانت تفعل فيما سبق ولكنها رفضت ذلك بحجج كثيرة، ولازالت عينيها تراقب النوافذ ورفضت خلع الحجاب الا في المكان الذي تكون امها فيه معها.
جائت ابنة عمها نادرة لزيارتهم مع زوجها و طفلها في حجرها، و ذكرتها بدون قصد يوم المزرعة وسقوطها بالوحل ودعتها لزيارة المزرعة لترى المهر الذي كبر، رفضت مها وخيالها يعيد أحداث ذلك اليوم المشؤوم، وهي مستغربة من جلافة ابنة عمها، فهي لازالت تضحك على سقوطها بالوحل وكأن الأمر مضحك.
قالت مها لأمها وهي في قمة ضيقها بعد انصرافهم :- انا مش مصدقة الجلافة اللي فيها نادرة، دي بجد مابتحسش، دة الملافظ سعد يا ماما.
رحمة :- معلش يا حبيبتي هي قلبها طيب بس ما تعرفش تتكلم، كبري دماغك، ولا كأنها قالت حاجة
مها:- طالعة لمامتها.
رحمة بحزم:- مها تأدبي، لو الناس تغلط احنا مانغلطش.
مها:- ماما
رحمة :- انا قلت ايه؟
مها :- انا اسفة يا ماما.
رحمة:- المهم ما تتعدش، يلا روحي جهزي الفرش للنوم.
قالت فاطمة وهي تعطي امها طفلتها ذات العامين :- ايوة يامرات عمي انا عايزة اشوف ازاي بتجهزي اوض النوم، كل ما اسمعك تچولي كده لمها اكون عايزة أسألك.
رحمة متبسمة:- خشي يا فاطمة مع مها وشوفي بنفسك يا حبيبتي.
... يتبع...كلما سمعت اغنية جميلة ذات كلمات رقيقة اتفاجئ انها لمأمون الشناوى، اما عند اقتران الشعر الجميل بالصوت العاطفي الموثر فإنه ينقلك فوق الغمام، مع فريد الأطرش ومأمون الشناوى أحلق في عالم من الالحان والكلمات المتطايرة حولي🎶 🎶
جميل جمال.. ملوش مثال..
ولا في الخيال.. صدق اللي قال..
زي الغزال جميل جمال..
ليه الدنيا جميلة وحلوة.. وأنت معايا..
ليه تخلي القلب بنشوة.. وانسى اسايا.. تسألني ليه.. ماعرفشي..
والسر إيه مافهمشي..
عطف وحنان من الزمان..
ولا عشان جميل جمال...
ليه لما بعنية.. روحي تغني..
وتغني الاحلام حوالية وتطمني..
نظرة عينيك تسحرني..
والشوق إليك حيرني..
عطف وحنان من الزمان..
ولا عشان زي الغزال جميل جمال..
لية كل الازهار بتحبك.. والطير والناس.. عشان الرقة اللي في قلبك ولا الاحساس..
ولا القوام والخفة.. والابتسامة على الشفة.. عطف وحنان من الزمان ولا عشان زي الغزال جميل جمالاذا شفتوا كلمة ولا لحن طاير اعرفوا انهم جايين من حفلات عالم خيالي 🎼
أنت تقرأ
ظله الرمادي
Romance.. كلما اقترب منها اختفت ملامح وجهه ولا ترى سوى ظله الرمادي. .. ليست واحدة ولا اثنتان بل ثلاث ينجبن باستمرار وهي وعاء معطوب لا يقدر على الانجاب. .. قالت لا فائدة مني، طلقني. قال انت السكينة لي التي ذكرها الله في القرأٓن. .. لم تبدأ حكاية مها بمشكل...