دخلت فاطمة الغرفة مع مها لتجدها تتبع سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من نفض الفراش وتعطيره، ثم تجهيز ملابس النوم لوالديها وتعطيره بعطر يختلف عن معطر الفراش، ثم توجهت لحجرتها وفعلت مثلما فعلت لوالديها فقالت فاطمة، انتي مش متجوزة بتعطري فرشتك لية؟
لتقول لها مها:- ماما علمتني سواء متجوزة ولا لأ ، لازم فرشتي وهدمتي يبقوا متعطرين. ليقول العم التيجاني الذي قدم مع الأفندي وأبنائه من المندرة :- يازين ما ربيتي يا ست رحمة.. تعالي يابنتي.
تقدمت نحو عمها بخجل كون أبنائه خلفه وينظرون لها، فلم ترفع عينيها عن الأرض، ليضمها عمها ويقبل رأسها، ويردف :- يا بخت اللى تكون البندرية دي ببيته.
فتقول مها بوجه محمر من الخجل برجفة في شفتها وصوتها، والتي احبهاأحدهم :- انا صعيدية وراسي لفوق يا عمي.
ضحك التيجاني بصوت مرتفع وتبسم الجميع :- راسي فوق (قالها مثلما لفظتها) صعيدية ناعمة كيف الغريبة.
جاء اليوم الذي استطاعت بخيتة استغلال خروج رحمة و إبنتها فحضرت لمقابلة الأفندي دون إرسال احد لاعلامه، وفاتحته بطلب يد مها مرة أخرى لأبنها نادر وهي تقول :- اديها مها خلصت علام زي ما طلبت، وجه وچت جوازها، عمرها زين، و عچلها زين، وولدي زين ليها.. ولدي جاهز.
مصطفى :- مين الجاهز؟ هيچدر ولدك على مهر بتي والدين راكبه وراكب مزرعته؟!
بهتت بخيته لمعرفته بديون ولدها فجادلته:- انت عمه ان ما ساعدته مين يساعده؟ ولا نسيت فضل ابوه عليك؟
مصطفى :- لع مانسيتش، بس انتي عايزة اسدد ديون ولدك، و لا عايزة مها تبچى مرات ولدك ؟!
بخيتة:- انا رايدة البت، عجباني لولدي.
مصطفى :- وولدك مش جاهز للجواز
بخيتة :- يجهز، اديه فرصته
مصطفى :- كيف؟ اعمل ايه؟
بخيتة:- اكتب الكتاب والجواز السنة الجاية، المهم البت توبچى لينا.
مصطفى بتوتر وهو يعلم انه يحاور عقربة:-
عايزاني اربط البت سنة كاملة؟
بخيتة :- السنة تعدي چوام، المهم انها تكون على اسم ولدي، دة لو عليه رايد يتجوزها طوالي، و مش دارية هچنعه يأجل الجواز للسنة الجاية كيف؟ بس لو كتبنا الكتاب هيسكت ويشد حيله ويتجدعن ويحوش ويسد ديونه.
مصطفى :- انا ما اربطش بتي على اسم حد، اللي يتچدم ليها ويبچى جاهز ويعجبني اجوزه البت طوالي، ما عنديش خطوبة انا.
بخيتة :- دي بت عمه وهو أولى من الغريب، ده بقالو سنين مستنيها تكبر، لو خدها غيره هيحصله حاجة، وانت عشمتنا النوبة اللي فاتت.
مصطفى :- انا ما عشمتش حد، البت ما هتتجوز الا اللي ربنا چاسمه (قاسمه) ليها.
حاورته مرارا وتكرارا ولكن لم يجيب الا بعبارة حسم بها الكلام
مصطفى :- ربنا يسهل والنصيب غلاب.
غادرت تجر ساقيها بيأس وهي تضمر تجديد أعمالها على البنت.
عادت رحمة ومها لتتفاجا بمصطفى يجمع حاجياتهم داخل الشنط، ليخبرهم برغبته بالعودة لعملة، خرجت مها لحجرتها، وسمعت والدها يقول لوالدتها:- بخيتة طلبت البنت رسمي وبالعافية چدرت أتهرب للسنة الجاية.
رحمة:- هو احنا راجعين السنة الجاية؟ ده أحنا بننزل كل سنتين مرة
مصطفى :- ده اللي خطر ببالي وانا بأجل بالموضوع، بتچولي رأح تحاول تچنع ولدها يأجل للسنة الجاية
رحمة :- ومستعجل نمشي لية؟
مصطفى :- نادر مخه اعوج مش مريحه، واخاف يزّن على امه؛ وهي بخيتة ماتصدچ وتتحنجل علينا لحد ما تعملنا مشاكل، وتدبسنا بالخطوبة، في حاجة مخوفاني منها چوي.
اكتفت مها بما سمعت، وجرت إلى حجرتها وقلبها يدق بعنف خوفا من بعض خيالات بدأت تجتاحها ،وباشرت فورا بجمع حوائجها و لا تدري لم تخيلت ان نادر قد يدخل الحجرة في اي لحظة صائحا (خلاص يا مها اچنعت ابوكي وكتبنا الكتاب وبچيتي مرتي) شعرت بدموعها تتساقط من عينيها على ثيابها داخل الحقيبة، لا تدري لم لا تستطيع التحكم بدموعها بمجرد تذكرها لنادر، تضرعت لله (الهي لاتجعل نادر عقدة في حياتي) اغلقت باب حجرتها بالمفتاح واجهشت بالبكاء حتى هدأت نفسها، وخضعت لسلطان النوم بعد أن اطمأنت ان لا أحد يستطيع فتح بابها عليها.
بعد يومين رحل الأفندي وعائلته، بحجة عودته لعمله لأمر طارئ، وبعد وداعهم دعا التيجاني اخته عفاف للحديث في المندرة لوحدهم، وبمجرد دخولهم، التفت إليها بضيق وقال:- انتي اتفچتي معاية على اية يا ام عاصم؟ اتفچنا تطلبي البنت السنادي... ايه اللي حصل؟
عفاف :- والله ما اعرف ايه اللي حصل، كل ما أنوي اتكلم حاجة تربطني عن الكلام، ولاچي لساني يتلجم عن الموضوع.
التيجاني :- ياخوفي يأم عاصم تكون بخيتة عملت حاجة ربطتك ولا ربطت البنت
عفاف بنظرة فزع:- لع، الله لا يچدر.
التيجاني:- هيبان ان كانت عملت.
... يتبع...
أنت تقرأ
ظله الرمادي
Romance.. كلما اقترب منها اختفت ملامح وجهه ولا ترى سوى ظله الرمادي. .. ليست واحدة ولا اثنتان بل ثلاث ينجبن باستمرار وهي وعاء معطوب لا يقدر على الانجاب. .. قالت لا فائدة مني، طلقني. قال انت السكينة لي التي ذكرها الله في القرأٓن. .. لم تبدأ حكاية مها بمشكل...