تعالت الزغاريد أكثر وأكثر وكأن النساء في صحن الدوار يتبارين من تزغرد أكثر، بذهول من الاسم (مش نادر، مش نادر، اه بابا ماقالش إسم نادر، بس مين ده.. ايه المصيبة دي؟ أنا ماعرفوش من بينهم)،
رحمة:- أحمدك واشكر فضلك يا رب، مروان كويس.
همست بذهول:- مين فيهم مروان؟
دخل مصطفى الصغير والابتسامة تملأ وجهه:- عمي وصل الشيخ المأذون، و بدا كُبارات البلد يصلوا.
قبضت مها على يد والدها بشدة همست بفزع:- بااابا..
مصطفى :- ماتخافيش يا چلب(قلب) ابوكي.. لازم نكتب الكتاب چبل(قبل) ما نادر ولا أمه يعملوا حاجة عفشة.
خرج مصطفى وحضنت رحمة مها وهي تقبلها فرحة، وبدأن النساء بالدخول عليهن وهن يزغردن، ولم يكن النسوة السابقات فقط؛ بل نسوة اخريات... كيف إمتلأ الدوار بالرجال والنساء بهذة السرعة؟!! سارعت العمة لتقول :- يلا يا فاطمة ويلا يا فايزة خدوا مها زوچوها (زوقوها) وزبطوها، ويلا يا رحمة تعالي وضبي نفسك.
ما الذي جرى في المندرة بين نادر و اعمامه؟ وكيف تغير العريس من نادر لمروان؟ وكيف قَبِل نادر ذلك؟.. هل شرح والدها الأمر وهي لم تستوعب؟!! .
اما ما حدث فكان كالآتي.. بعد دخول نادر، وتدفق أبناء الأعمام خلفه حتى إمتلأت بهم المندرة، كانوا جميعهم ينظرون لنادر بغضب حتى الصغار منهم؛ للجوء نادر للحيلة لإجبار عمه الأفندي على تزويجه مها، حيث سأله مصطفى :- إنت إزاي تعزم الناس على فرحك ع بنتي؟ وازاي أمك تشنع و تچول(تقول) إنك هتتجوز بنتي العيانة جبران خاطر ليا؟
نادر بكل وقاحة:- أعملك إيه يا عمي ما أنا بچالي( بقالي) سبع سنين بطلبها منك، وحضرتك كل مرة تچول(تقول) حجة شكل، والبت لولد عمها وأنا رايدها وأحچ (أحق) واحد فيها.
مصطفى :- لو أنا راضي بيك كنت وافچت (وافقت) من أول مرة، وكنت وصلتهالك لحد عندك، بس انت ناچص(ناقص)وانا مارضاش بواحد ناچص لبنتي.
نادر:-ليه ماترضاش؟ هو أنا ناچصني (ناقصني) ايه؟ دانا ولد اخوك الوحيد والمفروض تديهاني .
التيجاني :- مافيش حاجة اسمها المفروض في الجواز، في چسمة(قسمة) ونصيب.
نادر :-عوايدنا ياعمي التجاني إن البنت لإبن عمها وأنا أكبر واحد وأول من طلبها.
حمدون :- شرعنا چبل (قبل) عوايدنا، تتچدم (تتقدم) وإن كان في موافجة(موافقة) من الأب تنسأل البت، إحنا مش هنعمل زي الجاهلين بكلام ربنا وسنة نبيه، مافيش واحدة إنجبرت في عيلتنا على عريس، ومش هنجبر لا مها ولا ابوها عليك ولا على غيرك.
نادر يوجه كلامه لعمه الأفندي :- بس ابوي له فضل ودين عليك، ولازمن تسده.
مصطفى :- إن اجوزك بنتي؟ !!
التيجاني :- الأفندي عمره ماچصر(قصر) بحچ ( بحق) الحج عبدالله, الله يرحمه .. هو ابوك حج بيت الله ازاي؟ ولا نسيت؟ ده انت كنت كبير وواعي وعمك مصطفى هو إللي بعتلو التزكرة والمصاريف كُليها، وكنت چاعد(قاعد) معانا وشايف وسامع، والفلوس اللي سديت فيها الدين اللي على مزرعتك السنة اللي فاتت كانت مننا إحنا التلاتة.
نادر :- ده واجبكم انتو عمامي وابويا ياما شالكم.
مصطفى :- طول عمرنا اخوات وبنشيل بعض، مش هتيجي إنت وتطلعنا ناكرين جميل أخونا الكبير الله يرحمه.
نادر :- أهو بان يا عمي ومستخسر فيا بنتك.
مصطفى بقهر:- لإنك خسيس ومتستهلهاش لبنتي.
نادر بضيق:- ساعة تچول ناچص وساعة تچول خسيس، مالكش حچ تچول كده...
قاطعة التيجاني بحدة:- اسكت يا واد، انت ماحدش مالي عينك مِلّلي چاعدين(قاعدين).
نادر :- مآني مش مالي عينيكم كمان، هو انتو بتعملوا ليه إكده ؟
التيجاني :لإن خستك انت وامك وصلتنا(صدم نادر) إياك معرفناش إنك إنت وأمك كنتوا بتلفوا البلد كل عام تمنعوا الناس يطلبوها، الحج عبد التواب چالي(قالي) بعد ما استغرب انك ماتجوزتش مها لحد دلوچتي وانت چاري (قاري) فاتحتها وهي بنت 16، ده اللي سأل على عينك يا تاجر علني، واللي ما سألوش كُتار .. يا ظالم تچول للراجل عمي مكسوف منك مش عايز نسبك؟ ، كنت هتوچع(هتوقع) بين ولاد العم وصُحاب العمر.
نادر :- ماهو إللي عمال على بطال بيچول (بيقول) هاخد بنت صاحب عمري المتعلمة لولدي المتعلم وناسي اني ولد عمها، وماحدش يتخطى ولد العم حتى لو مش متعلم، طيب أنا خسيس وهاخدها يعني هاخدها والتحدي علني مش هاخلي حد يچربلها(يقربلها) من البلد، الكل عارف إني رايدها لنفسي، واللي كنت بعمله من وراكم هاعمله من چدامكم.
التيجاني :- هي وصلت للدرجادي؟!
نادر:- ايوة وصلت للدرجادي، لما تكونوا رايدين تحرموني من اللي رايدها، أنا راجل وعند چولي ماحدش واخدها غيري.
قال حمدون:- واللي عملتوا العام لول و چولته عن بنت عمك لعاصم دي رجولة برضك؟
بهت نادر وتعالت أنفاسه ليكمل حمدون :- رحيم چالنا(قالنا)كل حاجة.. مها ريداك يا نادر؟
(( قبل عدة ساعات عندما تعب الأفندي واحضروا له الطبيب، وعاد عاصم ورحيم لدوار العيلة، وعلموا بما قالته بخيتة، وإنهيار مها وبكاها، ثار رحيم وغضب وأخبر اعمامه إنها غلطتهم حين صدقوا نادر وصمتوا؛ ولم يخبروهم عندما قال ان مها ريداه؛ إلا مروان الذي صاح في لحظتها إنه لم يصدقه وقال:-چولتلكم(قولتلكم) يوميها إنه كداب وماصدچتونيش(ماصدقتونيش).
وكأن تلكع نادر وتأخره جاء بمصلحة مها))
اصفر وجه نادر وزاغ بصره مرة أخرى بين الجالسين وهو يعلم جيداً إنه سيقتل بين لحظة واخرى، فكر في نفسه (هو معچول (معقول) يكون عاصم چالهم (قالهم) عن الحسنة .. دي فيها موتي..أنا شفتها يوم المزرعة ، لو چال (قال) هيسألوها وسعتها هتچول (هتقول) اللي عملته وحاولته.. أنا ميت النهاردة) جالت عيناه بين أبناء اعمامه؛ ومن سيقوم بقتله منهم، ثبت نظره على عاصم والذي كان مروان يجلس بجواره ويراقبه، وفي عينه نظرة رجاء فهمها كلاهما، فهز عاصم رأسه هزة بسيطة فهمها نادر، فتنفس بحذر، فقال التيجاني :-إياك ماعرفناش إللي لسنته على البت؟ ولاد عمامك وصلولنا اللي چولته وشهدوا عليك، بچى مها ريداك؟.. دي بندرية وماعشتش هنه ولا چعدت فترة في البلد ولا عاشت بيناتنا اللي تجول لحچت تچعد وتاخد وتدي وياك ، ده في كلام من لغوتنا لحد دلوچ ماتعرف تچوله حتى.. دول بچالهم سنين مايتموا الشهر بسبب عمايل أمك وكلامها وتشنيعها، عارف ليه كلامك كدب ومايتصدچش؟ لأن امها ست متعلمة ومتربية وربتها زين، وعمر مها ماخرجت لمكان بدون امها، البندرية متربية زين وده الفرچ(الفرق) بينك وبينها.. انت يا ولد الصعيد ياراجل من ضهر راجل صعيدي.. ياللي مفروض متربي على عوايدنا واخلاچنا، امك ماربتكش،لإنها لو ربتك صُح ماكنتش چولت عليها كلام يمس شرفها، لأن أُمك من عِرچ واطي والعرچ دساس يا ولد بخيتة.. خسارة تتنادى بإسم ابوك لأنك ماخدت من خُلچه شي.
نادر بضياع :-يعني ايه؟
مصطفى :- يعني لو كنت اخر واحد مش هاتخدها.
نادر محاولاً التحدث بقوة :- ازاي؟ده البلد كيلاتها عارفة إن فرحي انا ومها السبوع الجاي مع فرح علي.. ده.. ده هيضرها هي وسمعتها، الكل هيسأل نادر ماخدش مها ليه؟ كده هتخلوا الناس تلسن عليها مش عليا.
صمت الجميع فتلك معضلة أخرى، المتضرر الأكبر مها، فقد أصبحت سمعتها على المحك،
وأصبح مصطفى كمن بلع السكين، لا يستطيع إخراجها ولا يستطيع بلعها، في الحالتين متضرر.
فأراد نادر استغلال الموقف فقال :- طب يا عمي خلاص، جوزني مها وانا اوعدك ما اعمل حاجة تزعلك، واكون تحت طوعكم و احافظ...
في أثناء تكلم نادر وتقديم الوعود، كان مروان يتحرك للجلوس بجوار والده ليهمس بأذنه بترجي:- أخطبهالي يابوي ( التفت التيجاني بدهشة لولده) انا عارف انك كان نفسك تاخدها لعلي، لولا إن عمتي كانت رايداها لعاصم، وإنك كنت رايد تطلبها السنة الفاتت لعلي لولا إنه سبچ وچالك عن أخت صاحبه، إنت ليك الخاطر إنها تكون لحد من عيالك، والدور عليا أنا ومحمد، ومحمد مش جاهز، وانا جاهز ورايدها وأولى بيها يابوي، واوعدك أرفع راسك، بسرعة أطلبهالي چبل ما عمي يوافچ على كلام نادر.
شاهد التيجاني اللهفة في عين ولده وكلامه؛ فقال بفخر:- مع انك لسة ماشتغلتش بشهادتك، بس يازين ما اخترت يا ولدي، راجل من ضهر راجل.
كان مصطفى قد بدأت مقاومته تضعف من ترجي نادر، فهو يفكر بسمعة ابنته؛ ليقطع التيجاني على نادر الكلام قائلا:- حتى لو وافچ ابوها إحنا هنجول لع.. هو فكرك مهيئلك إن اللي مايجيش بالمحنة يجي بالعار؟ ؛ وهتحرجه لعمك وتجبره يوافچ، هو انت فاكر إنك العريس الوحيد اللي متچدملها في غيرك رايدها لو الأفندي يوافچ.. (التفت لأخيه) ايه رأيك ياخوي بإبني مروان عريس لمها(تعالت الهمسات والهمهمات) ومش علشان ولد عمها، ده علشان هو متعلم مهندس ومخلّص جامعة بيشتغل من صغره ورايد نسبك، يعني راجل يعتمد عليه، والچول چولك.
سارع مروان بالوقوف أمام عمه وقال برجاء:- اچطع لسان الكلام عن بنت عمي مها وأطلب يدها على سنة الله ورسوله يا عمي،وانا يشرفني اناسبك، وأوعدك أكون سندها وضهرها إللي تتحامى فيه لآخر يوم في عمري .
صدم الجميع وعم الصمت، وألجمت الصدمة نادر فأٓخر ما توقعه ان يطلبها مروان فهو بنظره عيل غير مستعد للجواز، ويتنطط بحجة الشغل من بلد لبلد ولا عنده دار ولا مال، عمه لن يقبله.
أردف مروان :- ومهرها جاهز من حر مالي.
نظر الأفندي إلى ابن أخيه نظرة إعجاب قوية لذلك الفتى الذي لم يتم 25 سنة بعد، والذي يعلم جيداً همته و نشاطه، وتنقله للعمل بين المحافظات في إجازات الجامعة، إحتضن الأفندي مروان بفخر وهو يقول :- وأنا وافچت عليك يا مروان، ورضيت فيك جوز لبنتي مها.
نادر بصراخ :- ترفضني انا وتوافچ على العيل ده.
قفز مروان مهاجماً نادر فسارع علي وعاصم وحاولوا يباعدا بينهما ولكن مروان كان اسرع وامسك بياقة جلبابه، وقال وهو يكز على أسنانه بصوت هامس:العيل هو اللي يخوض في عرض بنت عمه، حكاية الحسنة اللي چولتها لعاصم مصدچتهاش لأني شايفها من صغرها وكلنا كنا شايفينها الا عاصم ماخدش باله منها(رفع صوته) أقسم بالله لو جبت سيرة مها اللي هتبچى مرتي ولاهوبت صوبها، لاخلي العچربة(العقربة) بخيتة تاخد كف عزا فيك، وانا عند جولي.
ترك مروان نادر وهو يدفعه للخلف وعاد العمه مصطفى ليقبل يده ويحتضنه من جديد.
نادر بضياع ينظر للجميع وعقله يكاد ينفجر مما حدث، ومن تهديد العيل مروان الذي أثبت إنه راجل.. كلامه.. تصرفه.. هو كبر كدِه إمتى؟ وجاب الچوة والهيبة منين؟ إلّتفَ ليخرج وهو قد تيقن من خسران مها وأن مروان سيقف كالسد بينهما، لينادي عمه حمدون قائلا:- ماخلصش الكلام يا نادر(نظر لعمه حمدون بضياع)، إللي چولته وإللي عملته في حچ مها لازمن مايعديش بدون عقاب.. حكمنا عليك يا نادر يا تطلع من البلد، يا تندفن مكانك، وما تدخل البلد طول ما أنا عايش.. اقسم بالله لو شوفتك في البلد ليكون اخر يوم بحياتك، ويبچى كلب وراح.. بكرة تطلع من البلد. غور من هنه.
... يتبعكاظم الساهر.. قيصر الغناء العربي، اختار هذة الكلمات ليغنيها ويمتعنا بأجمل أغانيه، واللحانه العراقية، حيث تبدأ
يا كاس العمر ما ظلت وش البيك
ويا جرحي إش وقت تنزف وشل بيك
يقلي ليش متمرمر وش لبيك
وهو سبب كل الل صار بيه يا ويليعبرت الشط على مودك وخليتك على راسي
بكل غطه أحس بالموت وبقوه أشهق أنفاسي
وسميتك أعز ناسي
كل هذا وقلت أمرك أحلى من العسل مرك
وين تريد أروح وياك بس لا تجرح إحساسيأمر وعيوني بعيونك وأنت عيونك لغيري
فضلتك على روحي وضاع وياك تقديري
قول أيش قصرت وياك وش تطلب بعد أكثر
على ذراعي تنام الليل وأقول إرتاح وأنا أسهروصلت لشاطئ أحلامك بتضحيتي وسهر ليلي
ولا مرة قلت ممنون وأنا الل منهدم حيلي
قول أيش قصرت وياك وش تطلب بعد أكثر
على كفوفي تنام الليل وأقول إرتاح وأنا أسهركلمات: عزيز الرسام
ألحان: كاظم الساهر
اذيعت عام 1989هناك كلام انه كان في بغداد امرأة ارملة لها طفل صغير عمره سبعة اشهر، وكانت تسكن في منطقة قريبة الى شط " نهر دجلة" وفي أحد الأيام ضرب هذا المكان فيضان كبير اجتاح قريتها ، ووضع الفيضان هذه الأم أمام خيارين، فإما ان تعبر الشط سباحة، وإما ان تبقى لتواجه الفيضان،! وإن عبرت شط " النهر" فتلك مخاطرة لعدم قدرتها على السباحة ، وجاء القرار بأن تقطع النهر، وتعبر هذا الشط لتذهب الى الضفة الاخرى الآمنة ، وكان معها طفلها الصغير ، فرفعت ابنها بكلتا يديها فوق رأسها ونزلت الى الماء وبدأت تصارع امواج النهر العاتية والمتلاطمة من شدة الفيضان، تارة تصعد إلى سطح الماء لتلتقط أنفاسها، وتارة يقوم الموج باغراقها، وظلت الأم على هذا المنوال وابنها الصغير كان على رأسها لا يعي ولايدرك ما تواجهه أمه وماتعانيه في سبيل انقاذه حتى وصلت الأم الى اليابسة، وحققت مرادها في انقاذ قرة عينها، ودارت الأيام وكبر الطفل وصارت تشتغل أمه حتى تؤمن له حياة كريمة وتعليم جيد وتخرجه من ضنك الحياة، حتى كبر وأصبح غنياً ، وحينها كانت الصدمة على قلب أمه عندما أرسلها الى بيت العجزة بدار المسنين، بطلب امرأته التي اصرت على ذلك .
فكتبت آلام هذه القصيدة والتي ذاع صيتها، وأول أربع أسطر هم موال.. أبدعت يا كاظم في الغناء يا القيصر...
أنت تقرأ
ظله الرمادي
Romance.. كلما اقترب منها اختفت ملامح وجهه ولا ترى سوى ظله الرمادي. .. ليست واحدة ولا اثنتان بل ثلاث ينجبن باستمرار وهي وعاء معطوب لا يقدر على الانجاب. .. قالت لا فائدة مني، طلقني. قال انت السكينة لي التي ذكرها الله في القرأٓن. .. لم تبدأ حكاية مها بمشكل...