(25) طلاق وعهد

86 4 5
                                    

نطقها مروان وهو منهار وإنهارت معه مها لتبكي حالها وما وصلت اليه، وهي تشدد قبضتها على جلباب والدها مخفية وجهها بين ثنايا جلبابه؛ ليشهد الجميع بكاء مروان بصوتٍ عالي صدم الجميع، وقد خارت قواه ولولا ذراعي رحيم وعلي لسقط ارضاً، احتضن الأفندي ابنته وساع...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

نطقها مروان وهو منهار وإنهارت معه مها لتبكي حالها وما وصلت اليه، وهي تشدد قبضتها على جلباب والدها مخفية وجهها بين ثنايا جلبابه؛ ليشهد الجميع بكاء مروان بصوتٍ عالي صدم الجميع، وقد خارت قواه ولولا ذراعي رحيم وعلي لسقط ارضاً، احتضن الأفندي ابنته وساعدها مع امها في ايقافها لأخذها الى حجرتها، فصاح مروان :- انت وعدت يا عمي.
نظر الأفندي بغموض نحو مروان وقال له بمكر :- بكرة.
وسند إبنته لحجرتها القديمة، ليمضي الجميع ليلة من أسوأ الليالي على الجميع، ليله أسوأ من ليلة إصابة مها بالسحر وتعب الأفندي..
ماذا جرى في المندرة بين مروان وأعمامه وكيف إنصاع مروان وطلق مها، هو لغز لمها لم تعرفه الا فيما بعد، أما ما جرى فقد دخل مروان للمندرة كالمجرم المساق للقاضي؛ ليجد والده وأعمامه وإخوته وأبناء عمه وعمته ينظرون له ما بين غاضب ومتضايق، أومصدوم وحزين.. ما أشبه اليوم بإجتماعهم مع نادر في الشهر الماضي.. والغريب إن تاريخ اليوم يصادف نفس تاريخ يوم كتب كتابه.. أكثر يوم مشهود في حياتهم.. يوم طرد نادر.. وحصوله هو على حلم حياته.. هل سيستيقظ من حلم حياته ويفقدها للأبد؟ .. بسبب غبائه؟!! كان الأفندي يتحدث بغضب وهو يشوح بيده ، ومروان يشعر بالضياع من قوة كلماته، كانت الاتهامات تنهال عليه وهو لا يستطيع ردها.. نعم كسر القسم الذي اقسمه انه سيرعاها ويحميها طوال عمره.. وإنه سيحرص على إساعدها، إنتفض فزعا عندما رنت كلمات عمه في أذنه (ده انا لو كنت جوزتها لنادر ماكنش مد يده عليها) كانت أنفاسه تتلاحق ويعصف بعقله أسوأ التخيلات(مها تكون مراته لنادر، حبيبتي بحضن راجل غيري ده انا اچتله) صاح بفزع :- أستحلفك بالله ماتچولها، حتى لو بالخيال ما تكون لغيري.
حمدون وهو يكز على أسنانه :- إكتم.
كان الأفندي يتحدث بغضب وحمدون وعبد الرحمن ابو عاصم يحاولون تلطيف الكلام، إنضمت لهم ام عاصم وأدلت بدلوها وساندها بقوة التيجاني وإستفاضا بالشرح عن تأكدهم من تعرضه للسحر وختم التيجاني الكلام بقول:- ده أكيد بخيتة عملت حاجة و حرضته كمان.. والزن على الودان أمرّ من السحر يا اخوي.
ام عاصم:-وبخيتة سحرت وزَنّت وانت عارف بخيتة ولسانها اللي زي الحية بيبخ سم.
الأفندي :- وهو عچله(عقله) فين؟
ام عاصم:- السحر غطى عليه
هذا ما استوعبه عقله، ثم دار الجدال من جديد وتدخل حمدون وعبد الرحمن، وتكلم رحيم وعاصم وعلي الجميع يستعطف ويترجى، ومروان في بئر عميق يسمع صدى كلامهم بدون تركيز، اذناه لا تلتقط الا كلمة (يطلچها) كان عِنّدْ عمه كبير، أكبر مما يتصور، عقله لا يستوعب ان عمه المتعلم المسالم الذي كان أكثر رجل عقلاني رأه في حياته، طوال عمره كان يظن ان عمه مسالم وان السنوات قد زادته وهن وضعف، ولكنه الان يرى عمه كالاسد الغاضب يكاد يفتك به لما أخطئه في حق ابنته، رأه كشمشون الجبار يريد هدم حياته الزوجية كلها وليس معبد زواجهم فقط.. دخلت والدته وزوجة عمه رحمة، ودار الحوار والنقاش وكلام يتبعه كلام، لا أحد يصمت الجميع يحيط بالعم والجميع يترجى ويتحدث ويستسمح.. وهو الضائع بينهم وقد غامت الرؤيا أمامه لم يعد يستوضح شيئ.. ماذا يفعل لا يريد خسارتها مهما حصل.. أخطأ.. نعم أخطأ للنخاع، يعترف بذلك لم يشعر الا وهو يصيح بأعلى صوت :- إعمل أي حاجة تچولوها بس ما طلچها، انا بعشچها، سايچ عليك النبي ماتحكم عليا فراچها ياعمي، ده أنا موتي أهون من فراچها...
صمت الجميع لينظروا له بحسرة وحزن لحاله،
اقتربت ام علي لتحتضن ولدها وهي تلتفت للأفندي:- إبني ماكانش بوعيه(احتضنته و أمسكتْ وجه ولدها بين كفيها، ونظرت في عينيه مباشرة وأردفت) لأن مروان عمره ما يعمل إكده و بالذات في بنت، يجي يعملها بحبيبة چلبه مرته؟!! لع.. ولدي ماكنش بوعيه... عايز تربيه وتأدبه وتطلچها منه يالأفندي.... يطلچها(تعالت الشهقات والهمهمات) علشان يتأدب بس يردها تاني، ويتعهد ما ترتفع يده عليها طول عمره...
قاطعها التيجاني :- بتچولي ايه يا ام علي؟
أكملت وهي تنظر للأفندي:- لازمن يتأدب.. ماهي عملته مش چليلة.. هو وغيره، لزمن يكون درس ليكم كلكم(قالتها وهي تجول بعينيها حول جميع الرجال والشباب وحتى الفتيان الصغار) نحطه زي چانون ماحدش يكسره في العيلة، علشان ماحدش يمد يده على مرته، ويفتكر انه يتوكد ويرد المشكلة لكبيره وكبيرها.
استساغ الحاضرون الفكرة، وزاد علييها الأفندي عبارة :- ويقسم على كتاب الله لو مد يده تاني يطلچها طوالي...
التيجاني وهو ينظر لمروان بعبوس :- ده شرط واعر...
قاطعه حمدون :- بس هو اللي جابه لنفسه
ساد الصمت في المندرة حتى ثقل على الجميع.. الأفندي رمى الكرة في ملعب مروان وكأنه يقول (دي اخر فرصة لك مع بنتي)، قاطع مروان الصمت بكلمة واحدة :- موافچ.
الأفندي :- ماتطلع يوم عن شوري.
مروان :- موافچ.
الافندي:-تنام في اوضتها الچديمة وحدها بعد ماردها، وممنوع تچرب جارها لحد ما نسافر.
مروان وعيناه تدور في الأرض :-حاضر
الافندي:- والكل يشهد على كلامك، حتى بعد موتي لو حصلت مشكلة ولاد عمامها وعمتها هما أخواتها وسندها يچفولك.. اخد العهد منيكم انتو كمان.
قال موجها كلماته الأخيرة الحاضرين؛ فأومأ الشباب جميعهم موافقون فاردف الأفندي بصوت مرتفع جهوري:- جيبوا المصحف يحلف عليه، وتحلفوا انتوا كمان انكم تچفوا مع مها وتكونوا أخواتها وسندها لو جار عليها مروان ولا اي حد تاني... أنا بچيت راجل عجوز ومها ملهاش اخوات رجالة يجيبولها حجها لو مت.
وبعد أن أقسم مروان واقسم باقي شباب العيلة وأقر التيجاني وحمدون وعبد الرحمن مافعله الأفندي وأقسموا هم بدورهم الحفاظ على مصلحة مها كرامتها وأن تكون بمثابة إبنة لهم، وأن تصان حقوقها في حياة والدها وبعد مماته.
قال الأفندي:- هاتوا مها من فوچ لصحن الدوار كان موجها الحديث لام عاصم ورحمة التي كانت جالسة تستمع بصمت لما فعل زوجها ودموعها تجري بلا توقف، لقد ضمن الأفندي أن إبنته ستجد السند من العائلة بعد الله، تذكرت وهي تخرج من الحجرة مع ام عاصم وتصعد للأعلى سبحان الله يا مصطفى.. لسة من ليلتين كنت بتفكر لو ربنا اخد أمانته عندي وعندك مين اللي هيحاجي على البت ويكون سندها لو اتخانچت مع جوزها، وانا اچولك لو انه ربنا كان رزچنا بأخ للبنت لو واحد بس كنا ارتحنا.. علشان تحصل المصيبة دي وتاخد العهد على اولاد اخواتك يكونوا سندها وأخواتها) ،وقد لحقتهم ام علي وتبادلت نظرات وابتسامات مع ام عاصم ذات مغزى وكأنها تقول (ده درس ليهم كلهم) ودخلن النسوة واحضرنها ووقع يمين الطلاق ، وانتقلت مها إلى حجرتها لتقضي ليلتها في حضن امها.. لا تدري كيف سارت وتحركت لحجرتها ولا كيف بدلت ثيابها و لا كيف نامت ولا متى نامت كانت مغيبة بمعنى الكلمة، كانت امها وعمتها يحركانها.. كانت دموعها تجري مع كل حركة تتحركها، ساعدنها لترتدي بيجامتها وساعدها تستلقي وقامت هناء باحضار جهاز التسجيل لتدير شريط القرأٓن الكريم في الحجرة، وجلست امها تحيط ابنتها بالغطاء وهي جامدة كالدمية... ومتى لم تكن دمية؟!!
في فجر اليوم التالي استيقظ الأفندي من نومة المتقطع ليؤدي الصلاة مع التيجاني وحمدون وعبد الرحمن في الجامع كما اتفقوا في اليوم السابق، وبمجرد ان اتجه لصحن الدار؛ وجد مروان نائما على أحد الكراسي الكبيرة، اشاح بوجهه عنه وخرج مع التيجاني للجامع، وبعد الصلاة اجتمع الرجال الاربعة مع شيخ الجامع واخبروه بما حصل من بخيتة وما حدث لمروان ومها بسببها، وبعد نقاشات عدة، كانت الشمس قد ارتفعت وصحى الناس وذهبوا لاعمالهم، فإتجه الرجال الخمسة إلى دوار اخيهم المرحوم عبدالله؛ حيث وجدوا بخيتة جالسة على المصطبة أمام منزلها وتراقب الناس في ذهابهم وايابهم وهي تشرب الشاي بتلذذ وقد وصلها بعض الاخبار الجيدة عن صراخ في بيت التيجاني، وطبيبة زيارتهم واجتماعم، واصواتهم التي وصلت لخارج الدوار.. كم تشعر بالسعادة( ولسة كمان يا ولاد علي.. كل حزن عنديكو فرح عندي) صدمت من اقتراب الرجال الخمسة من بيتها (ودول عايزين ايه؟ ) طرح الشيخ السلام عليها وحده
فردت وهي تنظر للرجال :- وعليكم السلام يا سيدنا الشيخ.. ده السلام لله يا خوات جوزي.
التيجاني:- سلامك وصل مع مروان امبارح.
الشيخ :- عايزينك بكلمتين في المندرة.
بخيتة بلؤم :- وده يصح انكم تدخلوا المندرة وراجل البيت مش موجود.. اااه نسيت.. انتوا طردتوه بره البلد
حمدون بإبتسامة ماكر:- خلاص ابعتي جيبي نسايبك، واحنا نچعد وياهم ويبچى كلامنا على عينك يا تاجر.
ارتبكت بخيتة قليلا ودعتهم للداخل؛ فدخلوا ولم يجلسوا، وقال الشيخ:- اسمعي يام نادر.. لمي خلچاتك وسيبي البلد چبل صلاة الضهر
بخيتة بصدمة:- واااه، ايه اللي بتچوله يا شيخنا، ايه السبب؟ انا عملت ايه؟
الشيخ:- بدون لف ودوران، انتي عارفة اللي عملتيه ويه بناتك بمروان ومرته.
بكل خبث ومكر :- ومالي انا وبناتي بمروان ومرته؟ إيه التهم الباطلة اللي بتتحدف عليا وعلى بناتي
الافندي:- خلاص نجيب بناتك هم وأجوازهم ونحلفهم على كتاب الله
الشيخ:- انا حايشهم بالعافية عن نسايبك.. اختاري تسيبي البلد ولا يروحوا لجواز بناتك؟
... يتبع

 تخنوه و عبد الحليم

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

... تخنوه و عبد الحليم...
الألم في هذة الأغنية تنطق به الكلمات.. يجبرنا عبد الحليم فيها بالشعور بغصتها في القلب، لا أذكر اني تحدثت مع أحد عن هذه الأغنية الا وتكلم عن شعوره بالحزن والوجع، وكأن عبد الحليم نقل إلينا اوجاعها لا كلماتها


انتجت هذة الأغنية عام 1957 لفيلم الوسادة الخالية، غناء عبد الحليم حافظ وتلحين بليغ حمدى وتأليف اسماعيل الحبروك

تخونوه وعمره ماخانكم ولا اشتكى منكم

تبيعوه وعمره ماباعكم ولا انشغل عنكم

قلبي .. ليه تخونوه

قلبي اللى فاتني وعاش معاكم وقال حبايبي

عايش معاكم على هواكم والاسم قلبي

يخاصمني لما تخاصموني يصالحني لما تصالحوني

قلبي .. ليه تخونوه

قلبي اللى راح منه شبابه بين شوق وحنين

باع فى هواكم أحبابه بعتوا انتو مين

وضحى بالدنيا عشانكم باع جنتي واشتري ناركم

قلبي .. ليه تخونوه

قلبي اللى مهما يشوف منكم عايش بينكم

ويبعدوه الناس عنكم برضه شاريكم

مالوش غير انتو أحبابه انتو هناه وانتو عذابه

قلبي .. ليه تخونوه

تم النشر 11/سبتمبر /2023

ظله الرماديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن