أخذ الأستاذ مجاهد الأستاذ مصطفى للمقهى، ولكنه عند شرب الشاي قال الأستاذ مجاهد :- شايهم ماسخ مايعدلش الدماغ، يلا يا ولد عمي على بيتي اعدلك دماغك بشاي صعيدي معتبر.
تعمد أستاذ مجاهد فعل ذلك لانه لن يرتاح حتى يعرف ماذا جرى لمها في بلدهم ومن تقصد أذيتها هكذا، ولن يجد مكان أفضل من منزله لمحاصرة صديقه مصطفى.
قال وهو يقدم كوب الشاي الصعيدي المعتبر :- ده الشاي اللي يعدل الدماغ بصح.
مصطفى :- معاك حق يا ولد عمي وانا محتاجه بعد الدوامة اللي انا فيها.
مجاهد :- مش هتچولي(هتقولي) إيه اللي جرالكم في البلد؟
مصطفى :- طمني عليك انت الاول، ما جدش جديد معك؟
مجاهد :- بعاني معاها كالعادة، كل الرجالة جابوا حريمهم معاهم الا انا ماينفعشي، مشكلتي مع بت عمي غير انها جاهلة، عچلها(عقلها) متربس اديني متجوزها چريب(قريب) 15سنة، وهيه زي ماهيه الجاموسة تفهم عنيها، ربنا يسامحك يا والدي اجبرتني على بنت عمي اللي عچلها(عقلها) على چدها(قدها) وجاهلة وما راضياش تتعلم في محو الأمية كلامها دبش، وتصرفها دبش، ومهملة بحالها... دانا كل سنتين بنزل مرة، ما اتحمل اقعد جارها اكتر من شهر.
مصطفى :- ما حاولتش تدلعها، ده الستات بتحب الدلع؟
مجاهد:- جبتها قمصان النوم الحريمي أشكال وألوان، چالتلي(قالتلي)انت چليل الادب وماتستحيش.. جبتها الأحمر والاخضر تحطه على خلچتها(خلقتها) ، چالتلي(قالتلي) واه يا واد عمي دة للعرايس مش لينا خلاص احنا اتجوزنا وراحت علينا، العطور يا مؤمن اچولها (اقولها) اتعطريلي بالبيت تچولي(تقولي) ساعة النوم بس كفاية علشان ما يخلصش.. انا متجوز جالوصة طين مش ست.. ابويا حاسس بغلطته، بس دي بت اخوه اطلچها(أطلقها) ازاي؟ چالي(قالي) اذا رايد تجوز عليها اتجوز بس ما تطلچهاش.
مصطفى :- طب وولدك؟
مجاهد :- يتربى بحجر جده وبشوفه لما انزل، صح هو شهر، احسن من مافيش والولد طالع نبيه عليا مش على الجاموسة امه
مصطفى :- ماتچولش عنها كده يا مجاهد قاطعة بضيق :- من حرچتي(حرقتي) يا واد عمي، چولت(قولت) الغيها ببيت شعر غزل توچف (توقف) زي الحيطة وتفتح فمها وتچول (تقول) يعني اجيبلك ايه؟!! حاجة تچرف (تقرف) الكلب الاجرب... انا الاستاذ الشاعر مجاهد المتولي صاحب 3 دواوين شعرية، وليا مقالات في نقد الشعر مراتي تبچى(تبقى) جاهلة ورافضة تتعلم جاموسة و عايزة تفضل جاموسة.. استغفر الله العظيم فتحت الجرح لية يا ولد العم؟.. خلينا بحكايتكم العويصة لاني مش هسيبك الا لما اعرف الحكاية من طچ طچ(طق طق مصطلع عام بمعنى منذ طرق الباب وبداية الحدث إلى النهاية) لسلام عليكم.
بداء مصطفى يسرد على مجاهد طمع مرات اخوه وولدها ببنته وأنهم بيطلبوها من وهي بنت 14 سنه، وكل اجازة يتجدد الطلب، وولد اخوه اكبر من بنته ب أكثر من 12 سنة، ويرفض الزواج الا من مها، ناس كتير كانوا رايدين البنت، وازاي كان يخرجوا واخدين على خاطرهم لما يعتذر ان البنت الصغيرة، ومش هيجوزها قبل ما تخلص الثانوية، والغريبة إزاي كلهم جوزوا أولادهم قبل جيتهم، و عنيهم دايماً حاملة كلام، كأن في حاجة مش مفهومة، مصطفى مردفاً :- دانا كنت حاسس ان ابن اختي رايدها وشوفت ده كذا مرة في عينيه كل ما يشوفها لمها، وكنت هوافچ(هوافق) ومش هتشرط لانه كويس، على چد(قد) حالو بس اخلاچه(أخلاقه) عالية، هو اللي ينفع بنتي، تفاجئت بيه خطب واتجوز اول ما وصلنا، وولد اخوي فاشل وكسول وجهجهوني بحاله كده، وكلامه عفش ما ينفع يچعد(يقعد) بين الرجال مدب زي امه وطماع، ماعرف ازاي سچتها (سقتها) للبت وميتى؟ فجأة بچت (بقت) البت زي الخاتم في اصبع مرات أخويا، كأنها جارية تحت رجليها.. مجرد ما چولت(قولت) للبت مرات عمك ريداكي لولدها، وانا عارف انها بتخاف منها وبتكرهها، فوجئت فيها بتعيد وبتزيد كلمتين (مرات عمي كويسة و بتحبني، ونادر عريس كويس)، اللي خلانا نشك انها مسحورة اسلوب تكرار الكلام، احنا انصدمنا في الأول بس صياح اختي صحانا، وهي اللي خلتنا نجيب الشيخ، وبعدها انت عارف ايه اللي جرى.
مجاهد :بنتك لازمها راجل متعلم يعرف چيمتها (قيمتها) ، بنتك طيبة و متربية زين، اللي يتجوزها لازمن يعرف يحاميلها ويكون سندها ويچف لولد عمها وأمه، الحمدلله اللي ربنا نجاها منهم ولو مؤقتا، (بعد فترة من الصمت اردف) ايه رأيك نشغل مها في مدرسة؟
مصطفى باستغراب:- ليه؟
مجاهد وهو يبحث عن كلمات:- علشان ماتفكرش باللي جرالها وتنشغل بحاجة جديدة.
مصطفى:- بلاش الايام دي هي متلخبطة، ويمكن شوفة الناس توترها اكتر.
مجاهد :- لازم تنشغل بحاجة جديدة تحتاج منها تركيز، علشان ماتفكرش باللي حصلها.
مصطفى بتفكير :-بس تفوچ(تفوق) من اللي حصلها وبعديها ربنا يسهل.
سكت استاذ مجاهد على مضض لحين ما تتعافى، وبعد اسبوع اجتمع مجاهد بمصطفى من جديد، وهو يخطط لوسيلة تمكنه من رؤية مها ولو مرة في الأسبوع، ليقول لمصطفى عن موضوع مقالات عن أشهر الشعراء وأشهر ابياتهم على مر العصور ، ايه رأيك تساعدني؟
مصطفى :- اساعدك في ايه؟ طول عمرك تكتب مقالات لوحدك مش محتاج مساعدة، وكمان انا معاية كتاب لنفس دار النشر بدققه لغويا.
مجاهد يحاول ان يختار كلماته بتأني:- مش چصدي(قصدي) حضرتك (ينظر مصطفى باستغراب) انا بكتب بسرعة، بس محتاج حد يبيض اللي كتبته، ايه رأيك تساعدني مها؟ يعني تبيض المقال، بدل ما اكتب المقال مرتين وخطها حلو.
استمر يعدد ميزات مساعدة مها له حتى اقتنع مصطفى، وأصبح يتردد استاذ مجاهد يومين في الأسبوع لكتابة المقالات، لتجلس مها تراجع المقالات مع مجاهد وتدون الملاحظات التي كان يقولها، و بالطبع والدها معهم على مائدة السفرة في نفس الصالون( الصالون يضم غرفة السفرة) حيث يجلسون ثلاثتهم على المائدة ينجزون اعمالهم، مصطفى يدقق احد الكتب لغويا وعيناه لا تغفل عن مها و مجاهد الذي كان يحاول التركيز بالمقالات، وقد كان في البداية يجلس نصف ساعة ثم بداء يمد الوقت إلى أن وصل لساعتين، ولم يكن مصطفى يتضايق فقد أخرجت المقالات والاشعار مها من الحالة التي كانت بها وجعلتها تنسى مخاوفها، وأحيانا كانت تتناقش مع مجاهد في بعض الأبيات، وتبدي رأيها في الشاعر وتقيمه؛ الأمر الذي اطرب مجاهد، وكان يطريها أمام والدها قائلا :- ادي العقول اللي بتفهم الشعر، وبتفهم النقد، غزال مها تفوقت على كل الستات، صح بنت الاستاذ مصطفى.
وكان مصطفى يراقب بفخر ويجيب :- طبعا مش بنتي لازمن تكون وارثة حب الأدب مني، و ماتنساش امها متعلمة كمان.
استمر مجاهد في زيارات، وكان يأخذ معه هدايا دائما لان الاستاذ مصطفى رفض ان تأخذ مها نقود على مساعدتها للأستاذ مجاهد، تارة فواكة يقدمها وهو يقول كلي الفاكهة كلها خلي لون التفاح يرد لوشك يا غزال المها، وتارة يقدم شوكولاتة فاخرة، لم يدخل مرة ويده خاوية رغم اعتراض استاذ مصطفى ولكن الاستاذ مجاهد مصمم ومرات يهديها كتب اشعار، وأحيانا عطر نسائي، واستمر يزرع في عقل مصطفى فكرة ان مها محتاجة إلى رجل قوي، ومتعلم، ومتفهم لعقلها. وظروفها، وكان يطري على ملابسها ليقول اللون ده حلو يورد وشك، او يقول بلاش اللون ده مش حلو عليكي، فأصبحت مها تبتعد عن بعض الألوان ويفرح عندما ترتدي درجات الأحمر فهو يعشق هذا اللون عليها ويقول لها الأحمر يورد وشك، ثم يكمل تنقيلها المقال وكأنه مجرد كلام عام.
وتمر الشهور ووتيرة العمل مستمرة في المقالات ، كان مجاهد خلالها يختلس النظرات بحذر، ويراقبها احيانا من أسفل نظارة القراءة، يراقب سكناتها وحركاتها، لم تعد تلك الرجفة موجودة بشفتها السفلية عندما تكون متوترة مع انه احبها ، راقب حتى تفصيلية الثياب على جسدها ، وسعد عندما لمح ظفيرتها التي بانت بالخطاء من حجابها ونبهها والدها لظهور شعرها ليعلم كم شعرها طويل وناعم، وجاء اليوم الذي يكتب في المقال الاخير وهو في غاية التوتر والضيق فهو لم يستطع ان يخبرها خلال الاشهر السابقة عن حقيقة مشاعره، لوجود والدها معهم دائما، واليوم هو المقال الاخير، اي حجة سيتخذها فيما بعد ليعود ويزور منزلها مرة أخرى، ووالدها لا يبعد عينيه عنهم أبداً إلا فيما ندر ، أخذ يدعو الله أن تحدث معجزة.. أي معجزة تبعده قليلا عنهما، عندها رن هاتف المنزل الموجود في نفس الصالون؛ لينهض الأستاذ مصطفى ليرد، وقد أدار ظهره لهما، وكانت مها تعيد كتابة السطور الأخيرة من المقال، وتعطي الاستاذ مجاهد وهي تقول :- إنتهينا من آخر مقال والحمد لله.
إستغل مجاهد الفرصة وقال بسرعة وهو متوتر :- بورقة بيضة وعايزك تكتبي بيت الشعر ده وتركزي بيه كويس وتفهميه، لأنه معناه كبير عندي
إلامَ الحب يا غزالي تعبر عنه عيناكي
الامَ اعيش محترقاً بشوقي دونَ لقياكي
كتبته مها بحماس وقرأته مرة، ومرتان ثم سألت:- لمين البيت ده؟ مين الشاعر؟
مجاهد:- ده شعري ومشاعري ليكي.. ده اللي بحسه لما اشوفك.
..... يتبع........ خفيف الروح...
أنت تقرأ
ظله الرمادي
Romantiek.. كلما اقترب منها اختفت ملامح وجهه ولا ترى سوى ظله الرمادي. .. ليست واحدة ولا اثنتان بل ثلاث ينجبن باستمرار وهي وعاء معطوب لا يقدر على الانجاب. .. قالت لا فائدة مني، طلقني. قال انت السكينة لي التي ذكرها الله في القرأٓن. .. لم تبدأ حكاية مها بمشكل...