ينظر اليها بتسليه مع ابتسامه علي وجهه يراقب حنقها، تزفر بتأفف و عاقده يدها علي صدرها وتهز قدمها دون توقف وعينيها تدور في انحاء المطعم عداه، تنحنح قاسم وعدل من جانب چاكت حلته متسائلا :
_ هاتاكلي ايه
_ مش هاكل
قالتها وهي تشيح بوجهها للجه الاخري، فقال بعد ان فتح قائمه الطعام :
_ ها اختارلك انا
لم تجيب واستمعت لحديثه وطلبه للافطار، لم يعقب بعدها والصمت ثالثهما، فا التفتت بعينيه ببطئ تنظر له فا وجدته مسلط انظاره عليها، جميله فيروز، ليست بالجمال الخارق، لكن ملامحها بهيه ورقيقه، كل شيء بوجهها صغير ماعدا عينيها السوداء المتسعه برموشها الطويله الكثيفة، بسيطه في ملابسها حتي في تصرفاتها وتعبيرات وجهها، يعني مثلا هي الان حانقه، لكن بمجرد ماقابلت عينيه تخضب وجهها بحمره حلوة ، إن كانت منفرة من وجوده كما تدعي لما ستتأثر به ، كانت فعلت كل شئ عدا ان تأتي، لكنها آتت، ولكنها خائفه يشعر بذلك، ويريد ان يطمئنها بالحدود السامحه بها هي له.
_ بتبصلي كده ليه
ابتسم و بعبث استشعرته بخضراوتيه و مال للامام قائلا مباشرة :
_ معجب
عادت فيروز بظهرها للخلف وارتبكت و تململت بجلستها و بتحذير خافت :
_ احترم نفسك
اتسعت عينيه و ارتفع حاجباه لاعلي مندهشآ، فاشهقت واضعه يدها علي فمها بعد ما ادركت ماتفوهت به تلعثمت قائله :
_ مش قاصدي والله، لكن يعني، يووه بص الزم حدودك
تمتم من ورائها بصدمة :
_ الزم حدودي !
قال قاسم :
مافيش يقدر يقولي الكلمتين اللي انتي قولتيهم دول
ابتلعت ريقها بتوتر ورغبه بالهروب من امامه ، مادهاها لتأتي من الاساس، تنهد قاسم وعنف نفسه عن حدته معها، من ثوان كان يفكر في ان يطمئنها فا يندفع هكذا، كاد يضحك و هي تضع يدها علي فمها يبدو انها اندفعت قليلا.
بهدوء تحدث :
_ لكن انتي يا فيروز، انتي وبس مسموح لك تقولي اللي انتي عايزاه معايا من غير غلط طبعا
اومات براسها دون ان تتفوه بشئ، زفر مرة أخري ونظر لاصابعه التي تطرق علي المنضدة :
_ عارفه ليه طلبت اشوفك
انتبهت اليه وارتسمت الحيره بعينيها ، بهدوء اجابها :
_ بهدي، بشوفك بهدي يا فيروز، بحس اني مرتاح وشعور الراحه لواحد زي صعب اوي
بأستغراب فكرت، ما الذي لايملكه شخص مثله ويجعله غير مرتاح، ماذا ينقصه حتي لايشعر بالراحه، فا اندفع لسانها متسائل :
_ وانت ايه ناقصك علشان تكون مش مرتاح، واحد بكل اللي عندك ده كله مايعرفش يعني ايه خوف من بكره و لا يشيل همه
التوي جانب فمه ببسمه تهكميه صغيرة لا تري، لكن انتباها الشديد له جعلها تلاحظها، لم تكن مرحه بل كانت ساخرة !
_ انا عمري ما خوفت من بكرة ولا شلت همه، انا مشكلتي كلها في إمبارح
قضبت حاجبيها بحيرة من حديثه المبهم، ولم يستنتج عقلها ما يريح فضولها.
_ انا مش عايز معاكي افكر في حاجه تضايقني
اخفضت انظارها وحل الصمت المطبق بينهما ، لكن بسؤاله المفاجئ جعلها ترفع راسها سريعا اليه عندما قال قاسم :
_ ليه سيبتي بيت جوز امك ؟؟ كىى
انقبض صدرها فجاءه مع معالم وجهها، ونفس مضطرب خرج من فمها مع شعورها بالضيق .
ضيق قاسم ما بين عينيه الخضراواتين المتربصتين لاضطرابها، لكنها ابتسمت هي الاخري بمرارة :
_ امي ماتت ايه هايخليني اعيش معاهم وهو مش بيتي
_ لكن هو كان بيت والدتك
مسحت جبينها و رغبة في إنهاء الحوار :
_ امي باعت له البيت_ باعت له البيت ولا مضاها علي المبايعه من دون علمها ؟!
شحب وجه فيروز، فا لو سؤاله عن سبب تركها البيت فا من الممكن يكون قد علم من عمها، لكن المبايعه و سرقت زوج والدتها لمنزلهم علي علم بها ايضا، اذا ما الذي يعرفه عنها بعد،
بترقب وخوفا من الشعور امامه بالخزي والكسرة تسائلت بخفوت فيروز :
_ وتعرف عني ايه كمان
انقطع اجابته لدخول النادل ووضع الفطور، انتظرت بقلة صبر حتي انتهي و غادر، ونظرت لقاسم منتظرة اجابته لها قائلا :
_ ماكنش زوج كويس وعاطل اغلب الوقت، خد بيت والدتك اللي بالاصل كان بيت والدك اللي توفي و انتي صغيرة،
ماكملتيش تعليمك بسبب مرض والدتك واشتغلتي اكتر من شغلانه لحد يوم وفاتها ، بعدها جيتي هنا لعمك، ماحبتش اعرف تفاصيل اكتر لاني حابب انا اللي اتعرف عليكي يا فيروز
ادارت وجهها عنه للجهه الاخري، و رغبه آتتها في البكاء، وبصعوبة تماسكت و قالت :
_ مافيش اكتر من كده
ادرك رغبتها في انهاء النقاش لهنا، يمكن تأثرآ لذكري لوالدتها هكذا قال قاسم لنفسه، فا بلطف نادها و استجابت له ابتسم لها فجاءة كانت ابتسامته عميقه وجميله وكأنه يؤازرها في شئ ما حزين في اعماقها ، رغم لمعت عينيها الدموع المكتومه الا انها بادلته الابتسامه و كانت صافيه بها من القبول شئ، بها من التفاصيل الكثيرة السعيده و الحزينه و الراغب هو في استكشافها.فيروز.... قاسم عمران ❤
أنت تقرأ
للهوي رأي آخر /سارة حسن
Romanceلم يكن للهوي وجود في حضرت سطوته، كأنه شخصية مزدوجه متناقضة لم تفهمها. لم يخدعها برقته و احتواءه، لكنه ايضا لم يخبرها بجانبه المظلم ، الذي ما ان ظهر للسطح تغير كل شئ. وفي لحظه فاصله... اصبح للهوي رأي آخر سارة حسن ديسمبر ٢٠٢٢