اصابعه الطويله تطرق علي المنضده بحركه رتيبه، وجهه صلب ونظراته حاده متجه للباب المطعم، منتظر صاحبة المكالمه الهاتفية الغير متوقعه، و التي هاتفته أمس راغبه في مقابلته شخصيآ بعيدا عن العمل وبالتأكيد المنزل..
اشتدت عينيه قسوة عندما اتجهت اليه و جلست امامه، مرت سنوات علي اخر لقاء بينهما، كان وقتها صغير ، يشاهد حرب بين والدته و صائدة الرجال تلك علي والده الذي أُخذ بسحرها، يتذكر ليالي بكاء والدته الطويله، و حفاظها علي البيت و والده من التشتت، حتي عاد... وخسرت هيلم تعد بجمالها في صغرها، لكن هناك لمحه تؤكد انها كانت تملك جمالا اخاذ في صغرها.. ومجهودها لتصبح اصغر واضح من تلك المساحيق التجميل و لون الشعر المصبوغ والملابس الانيقه...
قالت كاميليا بابتسامه صغيره :
_ مر وقت كتير عن اخر مرة شوفتك فيها يا موسي، ماكنتش اتخيل انك كبرت كده
تحدث وعينيه بنظراتها المخيفة تربكها وتجاهد كامليا بالظهور بالثبات :
_ اكيد ما اتصلتيش بيا عشان كده
تململت قليلا وابتسمت بخبث :
_سبحان الله فيك من باباك كتير، حتي طريقته في اختصار الحوار
احتدت عينيه هاتفا بها بتحذير :
_بلاش السكه دي معايا
تنحنحت واضطربت من حدته ، فقال متسائلا بوضوح :
_عايزة ايهاللعنه علي ذلك الشبه
بينهما، الوجه والشعر ، وخصوصا رسمة العينين ،لكن باختلاف النظرات، عينين دهب رغم ماتملكه من الذكاء و الدلال وبعض المراوغة الا انها لسيت بخبث تلك العينين ..ترددت كاميليا قليلا قبل ان ترفع راسها و تنظر اليه قائله بثبات :
_دهب
ضيق حاجبيه منتظر ان تستكمل حديثها، فأكملت كاميليا ببطئ خادع:
_بترفض كل العرسان اللي بيتقدمولها ، حتي من غير ما تشوفهم، وجاي لها عريس لقطه مافيش فيه غلطه وانا مش هاسيبها تطيره من ايديها زي اللي فاتوا
نظراته ثابته عليها، وثاقبه، متبلده و غير مقروءة، ووجهه لم يظهر منه اي ردة فعل تستشف به مدي تأثره .و عندما لم تجد اي رد صدر من موسي اكملت بتآني :
_مش عايز تعرف بترفض العرسان ليه ...
ثم عادت بظهرها للخلف و ابتسمت متسائله :
_ انت مااتجوزتش لحد دلوقتي ليه يا موسي
ارتفع احدي حاجبيه بسخريه قال : _اشتغلتي خاطبه علي كبر يا كاميليا
ابتلعت اهانته دون ان تعترض قائله :
_ايه رئيك في دهب
اتسعت عينيه قليلا فأكملت بنظرة ذات مغزي وقح :
_دهب جميله، وذكيه وتعجب اي راجل، و اكيد انت
قاطعها موسي بغضب :
_ اعدلي كلامك يا كامليا ، وهاتي آخرك
طرقت بيدها علي المنضده ومالت بنصفها العلوي للامام و امام عينيه قالت بفحيح :
_ البضاعه الحلوة زباينها كتير، ايه رئيك تكون الشاريوقحه! لم يري بوقاحة تلك التي امامه ابدا، لو لم تكن فقط امرأة، لاندفع اليها بكل ما يحمله من غضب و كراهيه حتي يزهق روحها..
تبيع ابنتها وقد تنازلت عن ابنها الاول من قبل الا تملك القليل من تلك المشاعر التي تسمي الامومه اوحتي الانسانيه...
عينيها الخبيثه تنظر اليه بفارغ الصبر منتظره الحصول علي اجابه،
قال موسي وعينيه تنظر اليها بازدراء:
_مش مكسوفه من نفسك وانتي بتبيعي بنتك
اجابته قائله :
_ دهب بتحبك، سواء عارف او عامل نفسك مش عارف، بس بكرة تشكرني علي عرضي ده، انت وهي
ثم صمتت قليلا وقالت بعدها بتآني و صوت بارد :
_الا لو كنت مش عايز ، دي حاجه تانيه
ماذا؟! ستعرضها علي رجل آخر، ليكون آخر يوم في حياتها ويقسم علي ذلك، رغم رفضه لكل ذلك العبث والرخص، الا انه بالتأكيد لن يتركها لعبة بين يدين تلك .
لن يتركها لمصير مظلم مع تلك المختله، لن يتركها لمجهول لا يعلم مصيرها..
أنت تقرأ
للهوي رأي آخر /سارة حسن
Romanceلم يكن للهوي وجود في حضرت سطوته، كأنه شخصية مزدوجه متناقضة لم تفهمها. لم يخدعها برقته و احتواءه، لكنه ايضا لم يخبرها بجانبه المظلم ، الذي ما ان ظهر للسطح تغير كل شئ. وفي لحظه فاصله... اصبح للهوي رأي آخر سارة حسن ديسمبر ٢٠٢٢