الرابع والعشرون

2.4K 88 3
                                    

لا اله الا الله
...............
فيروز
همس بها قاسم لتلك المثبته عينيها علي الشرفه المغلقه بالالواح الخشبيه، فا اقترب منها بخطوات بطيئة حتي جلس بجانبها، ورفع يده يلمس كتفها المصاب،شعرت به يقترب منها، رائحته تزداد اقتراب وصوت انفاسه تلفح كتفها، لكنها انتفضت فور ما شعرت بلمسته عليها، نهضت مبتعده عنه، وعينيها تحذره بقسوة لو فكر في التمادي.
تنهد متفهما تفكيرها، لكنه وقف امامها و قال بصوتا جادا:
_مابقاش في ينفع الهروب مني يا فيروز، خلاص بقيتي مراتي

اتسعت عينيه و بنبرة محذره هتفت به:
_ اوعي تفكر انك ممكن تطول حاجه مني برضايا
_ انا عمري ما هاخد منك حاجه بالغصب
ضحكت بسخريه و هي تعقد يدها امام صدرها :
_و انت ايه اخدته مني بالرضا، ده مافيش حاجه واحده اخدتها مني بالرضا، ده حتي الجواز كان بالغصب

اخفض عينيه لبره،وكأنه في دوامة تفكير عميقه لايعلم عنها احد، يعذرها و يقدر ذلك ، لكنه يحتاج لباب واحد فقط يدخل اليها منه.
_انا ماكنتش عايزنا نوصل لكده، لكن الظروف
صرحت به فجاءه :
_ اي ظروف دي اللي سمحتلك تحبسني وتضربني، ظروف ايه اللي تستخدم جبروتك و اجبرتني اخسر الراجل الوحيد اللي وقف جمبي ووعاملني اني بني ادمه وزي بنته و تهددني بيه.
ثم بصوتا اقرب الي الهمس حركت شفتيها قائله ببكاء:
_ظروف ايه اللي تخليك تجبرني اتجوزك، انت كسرتني.
ثم جست بأنيهار و قوة مستنزفه علي الارض، ولم يعد لها حرية الاختيار ، ولم تعد لديها رغبة لأي شئ.
لم يملك الجراه ليقترب منها وملامستها، يعرف نفورها وخوفها، هتف باسمها مجددا، استمر بكائها العالي المنهار لعدة دقائق حتي باتت انفاسها قصيرة و مكتومه،وجهها احمر و شفاها كاكتلة من الدماء وعينيها لم تتوقف عن ذرف الدموع.
استقامت فيروز ببطئ بحالتها الفوضويه المهزومة، وقفت قبالته و فردت ذراعيها للاعلي بأستسلام،ثم بصوتا ليس صوتها وكأنه آتيا من بعيد قالت:
خلاص، انا مابقاش فيا حيل، شوية الطاقه اللي كانوا عندي خلصوا، كل اللي فات من عمري كوم و اللي الكسرة اللي شوفتها علي ايدك انت كوم تاني
ثم فجاءه تعالت ضحكاتها مع دموعها في مشهد يقبض القلب، ابتلع قاسم ريقه بصعوبة و نظرة ملتاعه بعينيه و نغزة قويه بصدرة تأوة بها بصمت.
هتفت فيروز من بين ضحكاتها : قال و انا اللي رسمت احلام و اماني ورديه، ده العوض يابت يا فيروز، ده اللي هايصلح اللي عمله الزمن فيكي، ده اللي هايعوضك عن غياب اللي راحوا، ده و ده و ده
ضربت علي جبينها و صدر منها شهقه باكيه، ثم نظرت اليه و واجهت عينيه التي تنظر اليها يتوسل ان تتوقف .
_انت كملت  علي الفاضل فيا، انا مابقاش عندي رغبه حتي اني اعيش
احترقت عينيه و اضطربت انفاسه، تحرك خطوة واحده منها و بصعوبة خرجت الكلمات من شفتي قاسم بخفوت:
هاعوضك عن كل اللي فات

_ تااااااني
ثم يسخريه لاذعه قالت : انا فاكرة اول مره قولتلي الكلمه دي
_ سامحيني
_ مش قادرة و الله ماقادره
ثم وضعت يدها علي قلبها و همست بتأثر : قلبي وجعني اوي
اسرع و جذبها الي صدره متأوها، مقبلا رأسها و شعرها عدة مرات يهس بأسمها و يعتذر و يرجو، تركت نفسها بين ذراعيه مغمضه العينين ، تشعر ان الغرفه تدور من حولها ثم فقدت وعيها بين ذراعيه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سيارته المنطلقه بأقصي سرعة لها تشعرك انها لبره ستنتطلق الي السماء، يكاد لا يري الطريق امامه، تاركا حراسه في المستودع يقوموا بتضميد جراح المدعو رامي، يريده ان يشفي، لا يريد موته الان، ليس قبل ان يتذوق العذاب و يتمني انتهاؤة بالموت، بعدما استرسلت فيروز في حديثها الاخير عن افعاله و قسوة ماعايشته، لم يشفي غليله منه بعد، اما عن والده وابنته فالهم جزاء آخر لن يتواني عن تنفيذه.
و في زحمة عقله،لا يري سوي مشاهد ومقتطفات في مراحل عمره المختلفه، وحدته في طفولته، وشعوره الدائم بالاختلاف، وانه ليس بالمكان الذي يشبه في فترة تعليمه خارج البلاد، اليتم المبكر جعله يكبر قبل سنوات عمره، لحظات قاسيه مرت عليه يحتاج فيها لنصيحه أب و دفئ ام، احتواء منزل و اسرة صغيرة يشعر بوحودها انه لن ينهزم ابدا.
لكنه انهزم قبل حتي ان يدخل معركة الحياه، تلك الذكريات التي هجمت علي عقله دفعة واحده كاوحش مفترس تكاد تصيبه بالجنون، واحلامه مؤخرا لا تساعده عن النوم، لكن تلك الذكري تحديدا هي ما تشعره ان مهما زاد عمره يسيطر عليه احيانا ذلك الشعور وقتها.
اصدرت سيارته صوت صرير عاليا قبل ان تصطدم بذلك الجدار القديم و تنقلب به علي جانبها، وبحرفه تفادها قاسم وتوققت سيارته ، اغمض عينيه و استند بيده علي المقود يأخذ نفسه، و رغم الهواء الذي يلفحه من كل اتجاه في ذلك المكان الفارغ من حوله، الا انه يختنق، قضب جبينه وشعر بألم طفيف علي جبينه، رفع يده و لامس مكان جرح و دماء تقطر منه نتيجه اصطدامه بالمقود لسرعة توقفه المفاجأه.

للهوي رأي آخر /سارة حسنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن