الفصل الاول

6.1K 114 3
                                    

بسم الله..

خطواتها راكضه، تتعثر تاره، وتندفع بها تارة اخري  ، تنظر خلفها كل ثانيه بخوف،تركض و لا تعرف الي اين؟
منتهي القسوة ان تهرب من مجهول الي مجهول اصعب ليس له ملامح.....
قدميها بنعليها المكشوفاتين تلطخا بالوحل ،فستانها الطويل يتطاير من خلفها ، ملامحها شاحبه،
عينيها تزرف الدموع رغم لمحة الاصرار بهما علي ان تكُمل هروبها، شفتيها  ترتجفان وانفاسها تلهث، حتي ان صدرها بدءت تشعر به بتلك النغزات التي تزداد قوة ،شعرها يتطاير بجنون حولها بتمرد، لم تملكه يوما صاحبته.
تهرب من اجل البقاء، من اجل الشرف و الكرامه بعيدا عن الذل والهوان الذي عاشت بهم سنوات عمرها، لقد اكتفت ، لم يبقي لها احد ولن يبكي عليها احد، تهرب بحقيبة احلامها بعيدا ، لعل الحظ يحالفها يوما و يمدها بحفنه من بعض احلامها المطوية بركنآ منزوي بداخلها. . ..
اغمضت عينيها بقوة فا ازدادت دموعها علي وجهها المبلل و
شريط عمرها يمر امام عينيها .
نساء متشحة بالسواد وامها تبكي فجعة موت زوجها، تاركآ في رقبتها طفله لم تتعدي السبع سنوات، لاتفقه عن الموت شئ سوي اسمه، وحديث يؤكد انها لن تري والدها ابدا، مقتطفات في عقلها لاب حنون ودميه صغيرة اهداها اليها لتلهو بها وانتشلتها بفرحة طفله ، مع الحلوي الملونه والذي ضاع مذاقها بعد وفاته وحل محله زوج الام، وتحولت الحلوي لعلقم شديد المرارة منذ ان اصبحت صبيه شابه.
ابنته المدلله وابنه المستهتر، و والدهم المتخذ صفهم دائما ،
يهتف بصوته العالي الغليظ طوال الوقت ..انه صاحب الفضل عليهم ويطعمهم من ماله ،والدتها الضعيفه التي لاتستطيع ان تتفوه بحرف ...
قصه بائسه مكرره ولكنها عاشتها،
صمتت من اجل والدتها وسكن يؤيهما متحمله خبث ابنت زوج امها ودلال ابنه، و من حسن الحظ ان والدتها لم تنجب منه، يكفي ما انتجه من سلاله منعدمة الاخلاق و الرحمه.
حتي توفت والدتها من عدة اشهر اثر مرضها المذمن، وتحولت الي لقمة سائغه بينهما ، خادمة كانت مجرد خادمه لهما ،لكن ما ان وصل الامر الي الشرف فا لن تخضع ابدا،  بعد محاولة ابنه لاغتصابها والتعدي عليها، لم يبقي لها مكان فقد اكتفت، هربت ولا تعرف اي وجه سا تسلك.

توقفت مستنده علي ركبيتيها بكفيها تلهث بشده تلتقط بعض من انفاسها اللاهثه، وضعت يدها في جيب بنطالها واخرجت تلك الورقه المدون بها عنوان ورقم عمها الذي لم تراه من بعد وفاة والدها.
الاخ الشارد كما كان يطلق عليه والدها، بعد ما حصل علي نصيبه من والده و خرج من السرب وسافر الاحدي البلاد الاوروبيه، و انقطعت اخباره بعدها، ثم بالصدفة تصدرت صورته التلفاز كا اهم رجال الاعمال في مصر و ذاع صيته بالاعمال الخيريه، لم تدخر والدتها وسعها و اللهاث حتي حصلت علي عنوانه و هاتفه وفي الوقت المناسب وقبل وفاتها بايام قليله اكدت عليها بالذهاب اليه و طلب مساعدته ،كانت تعلم ما سيصيبها بمفردها معهم، رغم ضعف والدتها الا انه لم يكن يجرؤ علي التعدي عليها ولكن الان ولم يتبقي لها احد ، وبعد ما بعدت بمسافه امنه، اخرجت هاتفها من جيب فستانها و طلبت الرقم المدون في الورقه، وبضربات قلب تقفز رهبه وقلق، مترقبه الصمت علي الجهه الاخري، لحظه واخري، . وهو اخر امل تملكه..
ثم انفتح الخط فجاءة وبدءت الحكايه....
......................
صوت كعبي حذائها العالي والرفيع جدا يطرق بنعومة علي الارض الصلبه من تحتها، كا نعومة تمايلها الغير مقصود ربما!
تنظر للأعين من حولها فايزداد غرورها اكثر، نفضت شعرها بدلال ثم وقفت امام مكتب المساعده، تسائلت بعمليه:
_  عندي  مقابله
نظرت لها الفتاه من اعلي لاسفل ورفعت حاجبيها ثم كررتها مرة اخري، فتأففت في وقفتها وقالت بملل :
_ادخل امتي
اشارت لها الفتاه لاحدي الغرف، فا تركتها من خلفها تنظر لملابسها الثمينه وحقيبتها ذات احدي الماركات الشهيرة، اي عمل؟ هل قادمه فعلا الحصول علي وظيفه هنا  ! لا يليق بها سوي ان تكون عارضه ازياء او ربما ابنت احد الاثرياء
ضحكت الفتاه ببلاهه ربما لو عملت فقط كا واجهه ستجلب للشركه الكثير من الصفقات و ايضا .... الكوارث
طرقه واحده ودخلت ، لايليق بها ابدا الصورة المعتادة و المتوترة لمقابلات العمل حتي لوكانت بأهميه تلك الوظيفة في هذه الشركه،  كانت هادئه وثابته وكأنها متأكده من النتيجة ...
تغلغل لانفه رائحه عطر يشبه السكاكر ربما، رفع عينيه من علي مجموعة الاوراق وللمرة التي لا تعرف عددها، تحركت عينيه من اعلاها لاسفلها، ببطئ ،مرورا بتلك الحله النسائيه المكونة من قميص حريري ناري اللون وفوقه جاكيت اسود و اسفله تنورة لركبيتها مبرزة انحناء خصرها وابدا لم يكن نحيف بل مكتنز بأنوثه ملفت الانظار وحذاء اسود بكعب رفيع جدا.
عاد بظهره للخلف منتظر ان تزيل نظارتها الشمسية لتكتمل الصورة امامه ولم تبخل الحقيقه، رفعت النظاره و وضعتها لاعلي رأسها فوق شعرها الاسود القاتم المعقوص بذيل حصان مظهرا وجهها الفاتن، المنحوت و الابيض اللون و شفتين مصبوغتين بلمعه جذابه وعينين سوداء كاشعرها مرسومتين بكحل اسود ببراعه يشعان ببريق و
فتنه.....لا تمت البراءة بصله بل اغواء دون ان تبذل اي مجهود.
اجلي صوته بجديه معتاده عنه وباشاره من يده اشار لها بالجلوس، جلست باناقه وظهر مفرود واضعه احدي قدميها علي الاخري، مما جعل تنورتها ترتفع لاعلي قليلا فا جذبتها في  محاولة بائسه لاخفاء القليل.
رفعت احدي حاجبيها عند استماعها لضحكته الخافتة.
نظر لها بهدوء ثم القي نظرة علي الملف الخاص بها و قال :  
_شهادات خبرة، كورسات ، مؤهلاتك و اللغات ، كل ده مش بطال
التوي فمها التواءه بسيطه لم يراها ،  امامه ملف بذلت به سنوات من العمل والجهد و فقط يراه (مش بطال) تراهن انه لم يري ملف مثل ذلك طوال مقابلات اليوم.
تسائل عندما رفع عينيه مقابلها :
_اخر شغل ليكي كان من 6 شهور، ما اشتغلتيش من بعدها
كانت اجابتها المختصرة :
_حبيت اخد لنفسي اجازة
اوما برأسه ثم اغلق الملف فا
خرج صوتها مكملا صورتها الانثوية :
غريبه مش هاتسألني السؤال المعتاد، شايفه نفسك فين بعد خمس سنين
اعتدل بجلسته للامام قائلا :
_ في وظيفتك دي مافيش حد كمل فيها السنه
رفعت احدي حاجبيها المنمقين :
_ ليه

للهوي رأي آخر /سارة حسنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن