الفصل السادس......
وضعت يدها على زر الجرس وبدأ يصلصل في الشقة حتى ظهر لها والدها وحالما رآها انفرجت اساريره وقال بنبرة تنبض حنان: "تأخرت كثيرا هذه المرة أسبوعين يا سارة كثير علينا افتقدتك صغيرتي ارجو ان تكون رحلتك موفقة اخبرتني ليال ان اقامتك مع الوفد المبعوث كانت موفقة واسفرت عن مواضيع دسمة........ رجاء تعالي وصلت ابنتك"
وتناول منها الحقيبة بعد ان عانقته مطولا ولما ابتعد عنها شعرت برغبتها بالبقاء في حضنه فترة أطول انها بحاجة الى ذلك وتمنت ان تغمره بقبلاتها إحساس غريب يعتريها لحاجته.
عندما غمرتها رائحة منزلها تنفست بارتياح وبقيت تتأمل الأركان وكأنها ابتعدت أشهر وابتسمت بشفافية عندما اسرعت اليها والدتها من المطبخ وعانقتها قائلة: "أخيرا يا شقية .... لماذا لم تخبرينا بعودتك .... اه نحفت كثيرا كأن اكل لبنان لم يرق لك من حسن حظك انني اعددت صينية البطاطس التي تعشقينها وكأني اعلم بعودتك ... وجهك شاحب وعينيك متعبة وكأنك تسهرين انت بحاجة الى..."
واستغرقت والدتها بالكلام دون توقف وابتسمت سارة وهي تتطلع الى والدها باتهام وكأنها تقول له انت السبب ما كان عليك ان تبقى صامتا على الدوام ولم تتبادل مع شريكتك الأحاديث لتجعلها متعطشة للثرثرة هكذا.
ابتعدت عنهما وعن مبالغتهما بالترحيب بعودتها باحثة عن العزلة في غرفتها وجلست على الكرسي امام مرآتها الصغيرة دون ان ترى وجهها .... ما الامر يا سارة؟ .... ذهبت بحيرة وعدت بدوامة أكبر!دست يدها في حقيبتها الشخصية واخرجت هاتفها وتصفحته بلهفة خفية ثم وضعته على المنضدة بشيء من الفراغ.
ارخت بصرها الى الأرض عندما شعرت بوالدتها تجتاز الغرفة وبيدها كأس كوكتيل وقالت وهي تضعه على المنضدة امامها وبصوت خافت وساخر: "كيف كانت مهمتك الرسمية؟ .... ارجو ان تكوني وفقت واهتديت الى سبيل؟ .... كيف جرت الأمور بينك وبين ذلك الرجل؟ .... بما ان الرحلة تمددت معنى ذلك انك ارتحت لرفقته وعدت بقرار"
اومأت بلا حماس وبنبرة فاترة: "لم ارتح برفقته ولم اعد بقرار"
تلاشت ابتسامة والدتها وقطبت بقلق واكتفت بصمت مطبق.................................................. ....................................
وضعت الأوراق المطوية في قلب صحيفة قديمة على المنضدة المليئة بالصحف والمقالات وانهمكت بتنسيق مكتبها بشرود كبير حتى انها لم تسمع ليال وهي توجه لها الكلام والاسئلة وكأنها كانت مغيبة ومشغولة البال حتى كررت ليال عليها وانتبهت قائلة: "اسفة كنت أفكر بالمقال الذي سأنزله اليوم"
ليال وهي تقضم طرف القلم: "لك الحق بشرودك خاصة بعد نزول مقال بقلم مايا سهيل يخص طارق الراسي"
هبت مجفلة وهي تهتف: "عن أي مقال تتحدثين؟"وبسرعة بحثت بين الصحف قائلة بتوتر: "ماذا كتبت تلك عنه لما لا يدعونه بسلام بالتأكيد ان"
وتوقفت عن الكلام عندما قالت ليال وباهتمام: "مسكين وكأن الحظ لا يريد ان يحالفه ظننتك تعرفين"