الفصل الخامس والعشرون............
لوى شفتيه وهو يتأملها ويتجول بصره بهيئتها وفستانها مستخفا بكلامها حتى قال ببرود: "خبر؟ أي خبر هذا الذي فعل بك كل ذلك؟"
هي وببراءة وصدق لا يمكن ان يخطئه أحد وبابتسامة متمردة على المعاناة: "انا حامل يا عاصم .... سعيدة جدا لأننا سنكون عائلة""رفع اهدابه ببطء وابعد السيجارة وتغيرت تعابيره بالتدريج ليصبح وجهه بلا ملامح وفغر فاه وهو يتطلع بعينيها وبدى بلحظات فراغ!
مسحت دموع الفرح المنغص الممزوجة بالقلق والخيبة وتطلعت به قائلة بثقة بدأت تتزعزع: "الا تقول شيء انا حامل!"
ضاقت عينيه وكأنه تلقى خبر غريب! وكأنها فاجأته بأمر لم يتوقع حصوله ولم يخطط له مع انه كان يقيم معها العلاقة بدون حيطة ولا قيود!
ثم انزل بصره على بطنها وقطب جبينه وقال كأنه يحدث نفسه وبصوت خافت: "حامل؟"
تصرف لا ارادي منها عندما دنت منه وحاولت لمسه لكنه وضع يده ليحجزها عنه!
توقفت بمكانها وخفق قلبها بتفاوت وقالت بصدق وعفوية: "نعم .... سعيد اليس كذلك؟ سعيد انك ستكون أبا مشاعر جديدة لم تجربها من قبل؟"ابعد بصره واستدار الى الناحية الأخرى وبدى متجهم وتملكه غضب يحاول كتمه من خلال حركة يده وهو يضم أصابعه بقوة ويشد قبضته
هزت رأسها بأسف وتمنت ان تقتل الشك بيديها .... الشك دخل بينهما وجعله ينفر منها ولا يتقبلها على الدوام
دنت منه ووضعت يدها على كتفه وقالت بنبرة صوت ناعم ورقيق: "افهمك .... بسبب كل ما بيننا انت واقع في الحيرة ولا تستطيع ان تتخذ قرار.... سأختصر عليك يا عاصم
لست سعيد تماما وذلك بسبب تحسين خوري.... ربما لك الحق بذلك لكن اطمئن .... أنسى الشك وابعده وفكر لمرة واحدة على الأقل مع نفسك .... لو كنت اريد تحسين لما اتيتك .... لو كنت سيئة لما كنت اول رجل لمسني وتحت مسمى الزواج .... لو كنت طامعة وابحث عن الأكثر غنى لما تجاوزت تحسين وجريت خلف قلبي لطلبت منه ان يخلصني منك وهو محامي كبير وله من الخبرة والقدرة ما تحررني بسهولة من قيدك .... لما اخبرتك بذلك الحمل لكنت تخلصت منه دون ان تعلم كما ارادت امي"يبدو ان ذكر والدتها زاد من توتره ونفوره وهو يزم شفتيه ....
قربت صدرها من ظهره وسمحت لنفسها بذلك الدنو متعمدة لعلها تذيب جدار الجليد بينهما واسندت رأسها على ظهره واحاطت ذراعيها حول جسده واغمضت عينيها وهي تواصل بنبرة تنبض بالحب والمصالحة مع الظروف رغم قسوتها: " لو كنت لا احبك لما سامحتك وتجاوزت عن معاملتك السيئة لي وسأتغاضى عن تلك الفتاة التي كانت هنا رغم انك بذلك جرحتني جدا لكن اريد ان اتعلم الصفح والتسامح لعلك تسامحني أيضا اريد ان اثبت لك انني اجاهد من اجل بقاء زواجنا قائما"
لم يبدي أي تعليق او تفاعل او حركة بل بقي متجمدا حتى انه لم يبعدها وهي تفصح له عن حبها وتفرض طفلها وشعرت باضطراب أنفاسه عندما مررت كفيها على صدره وهي تهمس: " اعترف انني أخطأت معك في البداية وكنت تافهة وسطحية لكني اليوم انسانة أخرى لا أفكر بشيء سوى بإصلاح حياتي معك انا تبت وأدركت خطئي .... عاصم .... عاصم من فضلك"
لما وجدته عند موقفه ولم يحرك ساكنا أصابها الحزن وانتابتها خيبة الامل وافلتت يديها لأنها أدركت انها تفرض نفسها عليه بابتذال وتستجدي اهتمامه بامتهان وتراجعت خطوة وهي تتطلع بقفاه غير مصدقة انه بهذه الصلابة بحيث لم يرف له جفن لذلك الخبر الكبير! لا تصدق انه هكذا بلا رحمة وغير قادر على الصفح!