الفصل التاسع عشر...........
ادار وجهه ببطء وتطلع بها من الأسفل الى الأعلى باستخفاف ونظرة ذات مغزى وجرحها ذلك جدا جدا كأنه يقول لها ما الذي غيرك؟ ربما سمعت شيئا لتتواضعي لي؟
لا ابدا لا انا لم أفكر بتلك الطريقة انت تظلمني هكذا انا فقط اشعر انني استحق.تطلعت به بحزن وهو يتجه الى الاريكة وتمنت ان يصدقها هذه المرة لكن يبدو انها ستبقى امنية فقط وعاصم قد فقد الثقة بها تماما خاصة وانه أساسا لا يثق بأي امرأة كما قال لها طارق سابقا وجاءت هي لثبت له صحة معتقداته بحماقاتها وعززت آرائه ليثبت على موقفه بل وينتقم اثبتت له بكل ما لديها ان كل امرأة انانية جشعة وحقيرة .... و.... وخائنة
كانت تتطلع به دون ان تنتبه لنفسها وهي شاردة بأفكارها حتى جلس وقرب علبة السجائر من شفتيه ثم سحب سيجارة بأسنانه وهو يتطلع بها وبدى لها مستفز فابتعدت بسرعة ودخلت الى المطبخ واسندت جسدها على العمود الرخامي ومررت اصابعها على جبهتها محاولة التحلي بالهدوء والصبر ....
أكثر ما تكره بحياتها ان يضعها الظرف امام الامر الواقع وتعجز عن الخيار .... لا تحب الارغام ولا الخضوع ولا تنفيذ الأوامر المتعسفة لكنها اليوم تقع ضحية تحت كل ذلك مرة من والدتها ومرة من تحسين وزوجته المخيفة من جهة أخرى وهذه المرة من عاصم انها ناقمة على ما أوصلت نفسها اليه لتجعلها عرضة لتحكم الاخرين واستبدادهم وتهديداتهم.
رفعت بصرها وتجولت بالمكان وقطبت جبينها وهي تتطلع الى الاواني المكدسة والمنضدة المتسخة والارضية الرطبة والمناشف المرماة بفوضى ووضعت يديها على خصرها بتمرد ثم سرعان ما هزت رأسها وقاومت الابتسامة رغم حزنها ما هذا يا عاصم انها فوضى مفتعلة!امسكت كوعها واسدلت اهدابها ان الامر مع عاصم الراسي مختلف ولا يجب ان تضعه بنفس الكفة مع تحسين وامها انها ليست مسألة ارغام وخضوع هناك مشاعر أخرى تستفزها!
ثم سارت باتجاه الثلاجة وتأملت داخلها وسرعان ما باشرت بأعداد الطعام ولا تعرف أي شعور اعتراها في هذه اللحظات؟
معقول انها وجدت الامر لا بأس به الان وهي تعد الطعام لعاصم رغم شكله المستفز وجفاف كلامه!
... أي مشاعر هذه؟ غريب ما امر به معك هذه الأيام؟
ولما كنت عمياء ولم ارك سابقا مع انك كنت قريب جدا عندما كنا معا! كيف لي ان اتجاهل عينيك وأفكر بأشياء أخرى!
كم كنت عمياء ومظللة حتى لا أرى عاصم!بدأت بترتيب المكان واعداد المائدة ثم خرجت الى بقية الأماكن وشرعت بترتيب الغرف
المنزل صغير جدا مما سهل عليها المهمة وانجزت الكثير بيسر واثناء عملها تأملت العجوز التي اخذتها الغفوة في مكانها وبحثت بنظراتها عنه انه مختفي لابد انه في غرفته.دخلت الى المنزل بعد ان انهت عملها في الحديقة الصغيرة ورشت معطر الجو الخفيف في انحاء المنزل واسترقت النظر الى باب الغرفة الشبه مفتوح وشعرت بالارتباك .... غرفته الوحيدة التي لم ترتبها بعد وستضطر الان ان تواجهه او لا ... لا لتتركها ...لتشرع بتجهيز المائدة لان الوقت مضى حتى انها شعرت بالجوع.