الفصل الحادي والعشرون........
يبدو ان الشك لعب بعقله من هيئتها ووضع يده على صدرها ودفعها ودخل وتبعته قائلة بقلق: "الى اين؟ .... ماذا تريد؟"
تأمل المائدة المنسقة والكؤوس والشموع في الصالة وادار وجهه اليها قائلا بنبرة قوية اخافها بذلك: "كأن عمي عارف على وصول؟"
عندما اقبلت رجاء بإناء الحساء قائلة: "اهلا اهلا ا.... "شحبت وتجمدت بمكانها عندما رأت عاصم واقفا بمنتصف الصالة ويتطلع بسارة وبوجه ملاؤه الريبة والشر.
وامسكت سارة جبينها عندما سمعت أصوات سيارات في الأسفل وانتابها الدوار وتفصد العرق من جبينها وضعفت قواها ....
أدركت انها ستسقط من نظر عاصم تماما والى الابد وسيزدري هذا البيت واصحابه وستسقط والدتها من عينه ويكتشف انها كما توقع واسوء إذا دخل تحسين الذي هو الاخر سيكشف الامر ويدرك انه كان مخدوع وتم استغلاله واستغفاله والعبث به من قبلها وامها وسينتقم لا محالة.لحظات تشد الاعصاب وهي تتطلع بشحوب الى الباب والى رجاء التي بقيت متجهمة وشاردة كأنها تستحضر طريقة تسعفها وكل همها تحسين وردة فعله
تطلعت الى عاصم الذي عقد حاجبيه وأدرك ان هناك ما يخفى عليه ودعكت راحتيها ببطء وتمنت من كل قلبها ان تحدث معجزة تمنع الصدام وتنقذها من المأزق ليت الحظ يسعفها يوما مع عاصم ولا تتسع الهوة أكثر.
دقائق مرت كالساعات وهم يترقبون القادم بدون كلام مقنع او منطقي يمكن ان يشتت الانتباه او يغير شيء كأن كلا ابتلع لسانه ومنتظر ساعة الصفر ...
اغمضت عينيها بحزن عميق عندما رن الجرس وخفقت اهداب رجاء والتفت عاصم بسرعة الى جهة الباب وزمم شفتيه ثم تطلع الى رجاء بعيون ضيقة عندما صلصل الجرس للمرة الثانية قائلا بنبرة جافة: "الا تفتحي الباب؟"تحركت رجاء بخطى ثقيلة وقبل ان تفتح ادارت وجهها الى سارة ثم ادارت المقبض بشيء من التحدي حتى تغيرت تعابيرها ورفعت سارة اهدابها بسرعة عندما قالت ليال وهي تدخل مسرعة وبحيوية: "مساء الخير"
تنفست سارة بعمق وردت الدماء الى وجهها وشكرت الله في سرها وارتبكت ليال وهي تتطلع الى الوجوه المركزة بها وكأنها نيزك سقط عليهم من السماء وهدأ عاصم وبدى اقل حدة عندما اسرعت سارة اليها وقالت بلهفة: "تأخرت .... العشاء سيبرد تعالي هيا تعالي"
وبقيت رجاء محدقة بعاصم كأنها تقول له وانت متى ترحل وان وجودك هنا غير مقبول؟
ليال وبدهشة واضطراب وهي تتطلع بعاصم الذي يراقب بصمت: "عشاء؟ أ .... اه طبعا أ .... انت مدعو أيضا؟"
بدت الأجواء كلها غير مستقرة ومرتبكة وعضت سارة على شفتها عندما رأت عاصم يتطلع بيدها وبالتحديد بإصبعها حيث خاتم الياقوت!جلست ليال امام مائدة الطعام وقالت بنبرة متملقة: "الا تأكلوا هيا .... الطعام لا يقاوم"
تطلعت رجاء بالساعة وقال عاصم وهو يضع يديه بجيوبه وببرود أقرب للهدوء: "كنت اود التحدث معك على انفراد وبما إنك مشغولة مع ضيفتك سأذهب" ثم اخرج من جيبه مغلف صغير واتجه الى الباب بخطوات متمهلة وسارة تبعته حتى الباب وهي تقول بارتباك: "كنت اتصلت بي؟ .... حسنا .... نتكلم لاحقا وانا سآتي اليك متى تشاء غدا صباحا ينفع؟"
وقف عند الباب وخفقت اهدابها وهي تتأمل الرواق وقلقة من مجيء تحسين وافساد كل شيء حتى نظرت الى المغلف الذي قدمه لها قائلا: "اردت ان اسلمك هذا .... اطلعي عليه"
خطفته بسرعة من يده وقالت وكأنها تدفع به ليرحل: "حسنا .... حسنا"
ومسحت جبهتها وقاومت الدوار وهو يراقب تعابيرها بوجه خال من الملامح وابتسمت له ببهوت واغلقت الباب بوجهه!