الفصل الثاني عشر............
أوقفت سيارتها امام منزل صغير في حي المزرعة وتطلعت خلال نافذة سيارتها الى المنطقة وتنفست بصعوبة ثم نزلت وازاحت نظارتها الشمسية البنية على شعرها الناعم المتموج وطرقت الباب الخارجي بتردد.
ضغطت على زر الجرس ولم تنتظر طويلا حتى فتحت الباب امرأة كبيرة في السن ذات عينين رماديتين وتغطي شعرها الاشيب بشال شفاف وتطلعت بها باهتمام متأملة شكلها بصمت .... شبكت سارة يديها وقالت بلطف: "اقصد منزل خالة عاصم الراسي .... انت هي خالته صحيح؟"
اومأت المرأة موافقة ببطء وعينيها تتجولان بتفاصيلها ثم فسحت لها المجال لتدخل قائلة بنبرة هادئة: "تفضلي"
دخلت الى الحديقة الصغيرة جدا وهي تتجول بنظراتها في ارجاء المكان البسيط تقيم هنا يا عاصم بعد القصر المشيد والخدم والوجاهة!
وتبعت السيدة الكبيرة التي تتمهل بخطواتها ببطء شديد وتبدو متعبة ومحنية القامة قليلا وتساءلت سارة مع نفسها ما ان كانت هذه المرأة تعرف عنها شيء؟ ماذا أخبرها عاصم؟
ترى أخبرها الحقيقة؟
كل شيء مبهم بحياة عاصم ولا تعرف كيف يفكر ولاتظن انها ستعرفه يوما.
في الصالة البسيطة الأثاث اشارت العجوز الى الاريكة قائلة: "تفضلي اجلسي"جلست قائلة بنبرة مهذبة: "عاصم اخبرني انه يقيم هنا في الوقت الراهن وجئت لمقابلته.... موجود؟ "
اجابتها العجوز وبروية: "سيأتي لا تستعجلي"
شعرت ان خالته لا تريد الخوض معها بأي خصوصية وتكلمها بنبرة رسمية جدا وكأنها لا تعرف ما بينهما.وضعت سارة يدها على جبينها وهي تشعر بالتوتر الكبير لانها ستقابله وهناك حاجز كبير من الرهبة مسيطر عليها بعد ما حصل بينهما في اخر لقاء واغمضت عينيها محاولة ابعاد مشاهد العنف من ذاكرتها كان لذلك تأثير كبير على نفسها حتى أصيبت بالشد العصبي والمقت والنفور منه.
جلست العجوز قبالتها قائلة بمجاملة: "اهلا وسهلا"
وراقبتها بصمت وابتسمت سارة لها ابتسامة شفافة وتملكتها رغبة بأن تخبرها كل شيء وتكشف عاصم امامها وكم هو محتال وقاس لكنها ادركت ان ذلك غير مناسب ولن ينفعها بشيء انها لا تريد ان تستجدي عطف واشفاق الاخرين عليها انها قوية وقادرة على المطالبة بحريتها وحقوقها و ..
وتوقفت عن التفكير والتفتت بسرعة وارتباك عندما فتح عاصم الباب وتطلعت اليه بنظرة تكشف له كم هي متوجسه من لقائه.خطى باعتداد وبدى له كم هو مغرور وبارد الاعصاب ومسيطر وقال بنبرة جافة: "اهلا"
اومأت له واشاحت ببصرها عنه واستقرت نظراتها على العجوز التي شعرت بوجود شيء من التوتر بينهما والتي نهضت بصعوبة وكأنها أدركت ان وجودها بينهما لا داعي له وغير مرغوب به وقالت بنبرتها المتأنية: "سأذهب وامض بعض الوقت مع جارتي خذا وقتكما"
وكان الصمت مخيما حتى خرجت خالته وأغلقت الباب خلفها .... خلع سترته وهو يتطلع بها من الأسفل الى الأعلى وقال بعدم اكتراث وهو يجلس على الكرسي المستقل: "ماذا تريدين؟"
ارتبكت وهي تحت نظرته الثاقبة ودعكت راحتيها وقالت بنبرة باهتة: "اريد حريتي .... اريد الخلاص مما انا فيه .... وجدت ان من الضرورة ان نجلس معا ونتكلم بعيدا عن الغضب والتجافي متجاوزة ما فعلته بي اخر مرة ومستعدة للتغاضي .... انا ضائعة هكذا لا اكاد انام فوضعي يؤرقني .... ارجوك يجب ان نضع حدا لكل ذلك"
تصفح بهاتفه وبدى غير مبالي بكلامها مما اثار ذلك استيائها وشعرت به يستخف بموقفها ويتعمد تجاهلها!
تجاهلت موقفه وتابعت وهي تفرك بيديها وبنبرة مطالبة بانتباهه: "عاصم .... ارجوك اعرني اهتمامك ان الموضوع كبير ومصيري"