الفصل السادس والعشرون

146 2 0
                                    

الفصل السادس والعشرون........

لما طال الطريق ومضت قرابة الساعة التفتت حولها وتجولت ببصرها في الشوارع عندما رأته يتجه الى طريق غير مألوف وقالت بعفوية: "الى اين سنذهب انه طريق جبلي"
لم يجيب أيضا حتى تسرب شيء من القلق الى قلبها عندما بدأ يصعد طريق غريب ونائية وقالت بتردد: "عاصم؟"

واتسعت عينيها عندما زادت سرعته وهو يصعد طريق متعرج وقالت بفزع: "عاصم على مهلك انتبه عاصم!"
واهتزت السيارة بهما بعنف وتشبثت بحزام الأمان ويدها الأخرى على قميصه وهي تهتف بخوف: "ماذا تفعل! ... ارجوك! .... اه.... يا الله ماذا تفعل!"

ولما ازدادت المطبات وارتطم ظهرها بالمقعد بقوة بدأت تصرخ وتستنجد به وتشد بكم قميصه وتتطلع بوجهه بصدمة باحثة عن مبرر او سبب لما يحصل مطالبة بتفسير!
وهو مستمر بالسرعة وبوجه جامد الملامح وعيون مركزة بالطريق دون ان يلتفت اليها او يأبه لخوفها وفزعها وصمته يرعبها أكثر وينبئها بالخطر المحدق والذي زاد من صراخها وتشبثها بيده انه بدأ يضغط على المكابح كل ثانية وبإصرار وغيظ حتى ارتطم جسدها بعدة جهات وأدركت انه متعمد ايذائها قاصدا بذلك قتل جنينها وهتفت برجاء وهلع وتضرع: "لماذا لماذا يا عاصم لما تفعل بي ذلك؟ لا ارجوك اقبل يديك توقف توقف"
وهو حتى لم يتطلع بوجهها وكأنه بعالم اخر وعيونه تقدحان غضب وتميز غيظا وضغينة! لابد انه مجنون ومضطرب نفسي ليفعل بها جريمة كهذه!
اجهشت بالبكاء وهي تتمسك به مرة وبمقبض الباب مرة وتردد بتوسل حتى بدأت مقاومتها تضعف وبدأ الألم ينتابها: "لا تفعل ذلك توقف .... توقف .... توقف .... مجنون انت مجنون"

فقدت صوابها وافلتت يديها وفقدت قدرتها على المقاومة وبهتت ملامحها وهزت رأسها عندما شعرت بنزول الدم وضمت فستانها بيدين مرتجفتين بحجرها واستسلمت لمصيرها ولظلمه مجبرة وعاجزة عن حماية نفسها وجنينها وهو يعرضها لكل تلك الصدمات العنيفة لفترة من الزمن لا تستطيع تحديدها ورويدا بدأ يخفف السرعة وادار وجهه ببطء اليها وانزل بصره على فستانها الذي تغير لونه الى الداكن ويديها المرتعشة الملطخة بدم جريمته حتى توقف أخيرا وهدأ كل شيء!
اتكأ على الكرسي وهو يتطلع امامه بكل استرخاء وكأنه انجز المهمة بنجاح! وقرب علبة السجائر من فمه وسحب سيجارة بأسنانه وبدم بارد بقي يستمع الى انينها وشهقاتها وهي غارقة بالدماء وتتوجع!
تطلعت به بصعوبة وعبر اهداب مبللة بالدموع وعيون حمراء متعبة وبغصة بكاء مختنقة والعرق يتصبب من وجهها وعنقها واناملها تشد على بطنها وبصوت خافت وكأنها ستفقد الوعي: "مجرم .... قتلت طفلي حسبي الله بك"

لم تر بعينيه ذرة ندم بل نفث الدخان وقال ببرود شديد دون ان يلتفت اليها: "انت طالق"

تدفقت دموعها واغمضت عينيها وهي تقول بصوت متقطع وواهن: " قتلت .... قتلت طفلي .... قتلتني كنت تركته لي كنت تركته حرام ما جنته يداك لن اس...اسامحك"

واغتنمت الفرصة لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن