الفصل الأول....
تطلعت سارة بساعة يدها عدة مرات بتململ وهي تراقب سيارتها الصغيرة التي أوشك اصلاح عطلها البسيط على الانتهاء وقد احتست اخر جرعة من فنجان قهوتها ونهضت قائلة بنفاد صبر ونبرة تأنيب: "استغرقت أكثر من اللازم... لولا مكالماتك الهاتفية لاختصرنا الكثير من الوقت"
ابتسم الرجل وهو منحني قرب السيارة وقال ببرود: "هكذا دائما الصحفيون متذمرين لا يطيقون تفويت الفرص....... حسنا انتهى الامر"
سلمها المفتاح وتفحصتها جيدا كل شيء على ما يرام لكن الموعد قد فاتها... كانت متحمسة جدا لمقابلة طارق الراسي ذلك اللاعب اللامع الذي اضطرته حادثته الأخيرة الى الاعتزال وملازمة السرير والمنزل.عندما قادت سيارتها بإصرار في الطريق الشبه صحراوي قررت عدم تضييع فرصتها وتفويت اللقاء والموعد الذي حصلت عليه بعد جهد ومثابرة ... عليها الذهاب لتلك المقابلة ولو فات الوقت المهم ان تحفل هي دون عن زملائها بفرصة مقابلة طارق الراسي وتنزيل المقال المميز الذي ينتظره الناس لمعرفة اخبار ذلك اللاعب الذي سطع نجمه طيلة السنوات الفائتة واقعدته الظروف وحجبته عن الأنظار والا سيخيب املها بالبروز والتميز دائما وستكون الطعنة اكبر لو سبقتها واحتلت مكانها مايا تلك المنافسة القوية التي تحشر انفها في كل صغيرة وكبيرة معتمدة ذكائها الخارق ولسانها الناعم... مايا مختلفة عنها كثيرا وتتهمها أحيانا انها تستخدم جاذبيتها لترويج مصالحها وانها متسرعة ووصولية ... انها مخطئة كثيرا هي ليست كما تظن انها فقط عملية وصريحة وتعرف ماذا تريد.... تحدد هدفها وتدنو نحوه فورا دون ان تحوم طويلا حوله لكن تلك السطحية لا تعرف عنها شيئا.
أوقفت سيارتها في تمام الثامنة مساءا امام منزل الراسي ذا البناء الشاهق والنوافذ الكثيرة والأشجار البارزة من جدرانه العالية والتقطت أنفاسها بعد ان حبستها لثواني وهي تتطلع بشرود وذهول ولوهلة تولدت لديها امنية سخيفة ومستحيلة ان تكون هي صاحبة كل ذلك والمالكة لذلك القصر بمن فيه وضحكت من افكارها المجنونة وترجلت بعد ان ركنت السيارة جانبا.
عندما قابلت الحارس رحب بها وأخبرها بلياقة ان أصحاب المنزل لا يستقبلون الصحفيين في هكذا وقت متأخر وبينما هي تماطل مع الرجل سمعت صوت شخص من داخل الحديقة يأمره ان يسمح لها بالدخول.شعرت بشيء من الحرج وهي تدخل المكان المهيب لكنها استجمعت شجاعتها وثقتها واستعدت لمقابلة أصحاب المكان.
عندما دخلت ابتسمت ببهوت وهي تتطلع الى ذلك الشاب الذي يجلس على كرسي متحرك وحيدا في حديقته المكتظة بالخضرة والتي تعبق منها عطور طيبة.
انه طارق الراسي بنفسه! توقعت ان تبقى منتظرة لساعة على الأقل حتى تقابله لكنه أكثر تواضعا على ما يبدو!القت التحية واعتذرت بلباقة عن التأخير بعد ان عرفت بنفسها له اومأت بلطف عندما سمح لها بالجلوس امامه حول الطاولة المستديرة.
قال بنبرة هادئة: "من الأفضل يا انسة سارة ان نعتبر هذه الزيارة للتعارف فقط ولك يوم اخر لنتناقش بأمور أخرى.... انتظرتك طويلا وعندما مضى الوقت ظننتك لم تأتي .... ليس لي الان مزاج للتحدث عن الحادثة وتقليب المواجع"