كم من الوقت نحتاج كي نحب؟!
لحظة؟ لحظتان؟!
أشهر.. سنوات..
أم عمر كامل؟!
لا يهم مقداره بقدر ما يهم ثمنه وكيفية استثماره..
نحن لحظة...
نمر ونمضي ويمر غيرنا بعدنا..
لذا فلنمر حبا.. فنحيي ونحيا!
*****
اللقاء الثاني كان في الربيع
عشية يوم مشمس حار في المكتبة العمومية...
حيث كان عزيز يجلس بإحدى الأركان منكبا يراجع رزمة ضخمة من الأوراق من أجل اختباراته..
شيء ما مس قلبه كشعاع برق خفيف حين سمع رنات الأجراس الكريستالية - التي تعلقها أمينة المكتبة في إصرار غريب - معلنة عن وصول زائر جديد..
رفع عينيه فانشطر قلبه وهو يراها مجددا
بسروال من الجينز كريمي فضفاض وكنزة صوفية خفيفة خضراء واسعة... خصلاتها الذهبية مجدولة في ضفيرتين تبدآن من مقدمة شعرها.
تحمل محفظة حمراء غامقة صغيرة وبعض الكتب.
راقبها تحيي أمينة المكتبة ثم تتجه لقسم الأدب بعيدا عنه حيث يجلس في القسم العلمي.
تابع تجوالها بين الرفوف وحين اختفت عن ناظريه نهض من مكانه واتجه ليقف خلف الرف المقابل لها فيتحركان خطوة بخطوة..
وقفت سكينة للحظات أمام إحدى الكتب الضخمة لتقرر اقتراضه فتجذبه من الرف أخيرا.
وحينها طالعها وجهه الذي احتل المكان الفارغ.. فأسقطت الكتاب بذهول في حين ضحك هو وهو يستدير ليقف أمامها وينحني بخفة فيناولها دفترها قائلا:" فرصة سعيدة سكنكن.."
فهمت قصده على الفور إذ أنها قد تجنبت لقاءه في الفترة السابقة بعد أن كانت تراه دائما في طريقها للمعهد فتحيبه بمرح وتمضي في طريقها... لقد أصبحا نوعا ما صديقين منذ يوم أنقذها يتحدثان أحيانا لبضع ثوان وأحيانا أخرى يتبادلان فقط الابتسامة َ.. إلى أن نبه مسعود والدها الذي نبهها بدوره فأضحت تسلك طريقا مخالفا لطريقه وتتظاهر بعدم معرفته حينما تراه لكن ذلك لم يزده إلا إصرارا في ملاحقتها ليعرف سبب تغيرها .
......مرت الأسابيع كدقائق...
والتقيا مجددا بعرس جار لهم..
كانت سكينة التي قد ارتدت الملية والبلوزة تتجول كفراشة آسرة بين الحضور تقدم الكعك والحلوى...
وحين انتهت من مهمتها اتجهت نحو المطبخ لتصطدم به في طريقها فحيته بهزة رأس محترمة وحاولت الإبتعاد لولا أنه عاد للوقوف أمامها قائلا بمرح :" لم أعرفك بخيلة يا سكنكن.. أعطني ولو حبة بقلاوة.. ألست ضيفا؟"اتسعت عيناها وقالت بخجل:" أنا آسفة.. تفضل.. أقصد.. لقد نفذت البقلاوة.. س.. سأرسل لك حصتك مع منير.."
حاولت الإبتعاد فعاد ليستوقفها :" أنت خطرة جدا يا سكنكن.. تسكنين القلب وتسيطرين على مقاليده بنظرة... "شهقت بفزع من جرأته وهربت مبتعدة وحينها لم يحاول إيقافها لحسن حظها...
فدخلت المطبخ لتستند على الجدار مغمضة العينين لاهثة وصدرها يرتفع وينخفض بعنف..
بينما يخزها وجع طفيف يتسلل لقلبها بدفء..
لم تعرف كيف تصفه..
ولكنه كان حلوا... جدا.!
أنت تقرأ
وقد حل ربيعك بروحي!
Romanceالأخطاء لا تُطمس والذنوب لا تُمحى! نحن نتوب عنها... نتقبلها.. نتعايش معها... ثم نسعى لإصلاحها ما استطعنا... فإن أخطأت يوما كن قويا.. قل فعلت ولكن... وما بعد ال..لكن يكون تحملا للمسؤولية أو إصلاحا للخطأ... الحياة مجموعة من رحلات قصيرة جدا أقصر من أ...