الفصل الخامس والعشرون

311 6 5
                                    


إنّها الحياة..
كتاب زاخر بصفحات ملتوية..
تلتفّ فوق بعضها بتناغم معجز..
تسبيك ببريق البدايات وتوهمك بأمل النهايات..
تسجنك بقصر ملعون وتمنحك مفتاح القفل.
تكبل يديك بأغلال من حبال مشتدة وتمنحك المقص..
فما أن تسعى للخلاص من حبالك حتى تتمزق يداك..
ومع ذلك يبقى الهروب حلا غير مطروح لأنك مهما هربت ستلاحقك أشباحك.. تلك التي تهجرها فتزداد بك التصاقا..
تركض وتركض في درب طويل ممتد دون إدراك بأنك تسير مغيبا نحو نقطة البداية لتصفعك حقيقتك أخيرا مهما طال المسير!

 تركض وتركض في درب طويل ممتد دون إدراك بأنك تسير مغيبا نحو نقطة البداية لتصفعك حقيقتك أخيرا مهما طال المسير!

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

-ربى؟!
همس مبهور الأنفاس وروحه تنتفض بداخله بانهيار تام!
لقد انهار الصرح العظيم الذي بناه..
انهارت واجهته المثالية وانقلبت حياته رأسا على عقب لحظة رفعت عينيها بإهمال لتقعا بعينيه الزائغتين..
وحينها ،تجمد كلاهما بحقٍّ.
تناظره ويناظرها...
عيناها تشتعلان وعيناه تبكيان ..
أنفاسها تعلو باضطراب وأنفاسه تنحسر..
جسدها يهتز وجسده صلب جامد وكأنه قد قُدَّ من صخر..
اقتربت خطوة .
فتراجع خطوتين..
أسرعت نحوه فتباطأ متباعدا حتى اصطدم بالسيارة خلفه فتوقف عاجزا...
ولم يطل انتظاره فسرعان ما وصلت إليه..
ترتسم بعينيها تلك النظرة التي لاحقته لسنوات... ودون تردد كانت ترفع يدها لأقصى ارتفاع لتهوي بها على وجنته لدرجة جعلته يترنح...
أغمض عينيه بخزي يغض الطرف عنها فضحكت باستهزاء وهمست :
-في النهاية.. امتلكت الوقاحة الكافية وعدت إلى هنا دون خجل! لا أعرف لم استغربت رؤيتك في البداية!
لم يرد عليها بل أحنى رأسه أكثر بخرس فعلي..
بينما تنهدت هي بوجع والحمم تسيل من قلبها لتحفر طريقها على وجنتيها فتعود لتهمس بلوعة :
-نسيتَ وتجاوزته بالتأكيد... تعيش حياتك مرتاحا ولا تأبه لدمار عائلتي! من أيّ جحيم خرجت ولأي شيطان قد بعت روحك لتتناسى بهذه البساطة..
أبهذه السهولة يواصل القتلة حياتهم.. ألا تخزهم ضمائرهم ولو للحظة بسيطة...
ارتفع صوت أنفاسه المختنقة أكثر لكنها لم ترحمه بل أمسكت فكه بقسوة بيدها اليمنى ترفع وجهه إليها وتجبره على مواجهتها ...
صرخت بعنف :
-أنظر!
ففتح عينيه مرتجفا لتقعا على صورة بهاتفها المرفوع أمامه.. صورة لامرأة مألوفة غير أن من عرفها كانت بعيدة كل البعد عن تلك الروح الهزيلة المحتضرة..
سألها بنظراته فابتعدت عنه تنفض يديها منه وصرخت بحقد :
-إنها السيدة زينب.. أنسيتها؟
تلك التي كانت تستضيفك ببيتها وتعاملك كأحد أولادها...
أتذكرها ؟ (أومأ دون صوت ومازال يشيح بعينيه عن سعير مقلتيها) لقد ماتت.... ماااااتت.... قتلتَها كما قتلتَ زوجي...
فغر فاهه بصدمة وصرخات روحه الصامتة تزداد علوا وألما.
همهم بأنين :
-لا! لا! لاااا!
-بلى أيها الحقير... بلى! ماتت بعد شهرين فقط من رحيله... ماتت متحسرة عليه وقد أضاع دنياه وآخرته... ماتت كمدا لأنه ومن أجل حبيب والده زُوِّرت كل الحقائق وأصبح نافع زوجي الشريف هو من يغرّر بك وعصبة السوء خاصتك...
لقد لاك الجميع سيرته... زوجي... الأستاذ المحترم... تحدث عنه القاصي والداني وشهّروا بكونه سكّيرا فاسقا... كي لا تفقد حضرتك سمعتك البراقة...فظهرت بريئا ناصعا.. ابن العائلة الثرية البريء رقيق القلب الذي وقع ضحية للحثالة من الرعاع...
هز رأسه مختنقا وهو ينزلق جالسا أرضا.... يرتجف ويرتجف بينما يسمع صوتها بعيدا وكأنه يأتيه من فوهة بئر عميق يستقر هو في عمقه :
-لن أسامحك يوما يا ربيع بل سأدعو كل ليلة أن يتلظى قلبك نارا وروحك سعيرا.. سأظل أنتظر لحظة استقائك كأس المرار الذي سقيتنا إياه... أنتظرك احتراقك وأنت تفجع في كل أحبائك... لعل قلبي يبرد حينها ولعلي أستكين فأمضي إليه أخيرا!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 22, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

وقد حل ربيعك بروحي! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن