الفصل الخامس عشر

64 4 0
                                    

هناك حب يمر بنا فلا هو يدري ولا نحن ندري.
محمود درويش .
***

لو خيّرت يوما بين روحك وقلبك.. ماذا ستختار؟
أتختار أن تعيش أبدا دون قلب أم تحيا دون روح؟
أيهما أهون؟

لم تظن يوما أن تأتي اللحظة التي تقف بها على مفترق طريق مرعب..
وحيدة مجروحة وضائعة!
بعد أن لامست النجوم بكفيها وحلقت في سماء حلمها عادت لتدفن تحت الأديم مقيدة..
لقد خيرها والدها بين أن تفقد قلبها أبدا أو تعيش بلا روح.
وهي لن تستطيع أبدا التخلي عن أي منهما فإن كان ربيع شريانا نابضا بقلبها فوالدها هو كلّ روحها.. هو بطلها وقائدها وصديقها..
هو الذي تقدم حياتها وعمرها فقط من أجل بسمة رضا منه.
وهي تعلم كما يعلم أنه إن لم يوافق فهي لن تعصي له أمرا وسترفض ربيع حتى لو ماتت بعد خسارته.

لكن معضلتها أنها فعلا غير قادرة على تحمل بعده ثانية.. ليس بعد أن عرفت أنه يبادلها مشاعرها.. ليس بعد أن تلاشت معه في رحلة بين الغيوم.. ليس بعد أن امتزجت روحاهما وانصهرت...

تأففت غاية وهي تسمع نفس الرسالة الكريهة التي تقول بأن من تتصل به مشغول أو يغلق الخط وهتفت بنفاذ صبر:" اكتملت عوامل النحس.. أين ذهبت يا أسامة بالله عليك؟"

لم تكن لتجازف بلقاء ربيع دون علم والدها إن ذهبت لبيت خالها فاتصلت دون تفكير بتسنيم التي ردت بعد لحظات طوال وهي تغلق باب سيارة الأجرة لتنزل أمام العمارة التي وصفها أخوها:" مرحبا غاية... أنا مشغولة حاليا.. ما رأيك لو نتكلم لاحقا..؟"

"فقط أجيبي على سؤال واحد... أين أسامة؟ "
ردت تسنيم بتحفز أثار دهشتها:" لماذا؟ ماذا تريدين منه؟!"

فأجابت باستنكار:" ما هذه الطريقة التي تكلمينني بها تسنيم؟ ألا تعرفين من هو أسامة بالنسبة لي؟ أخبريني أين ذهب... أتصل به منذ أيام ولا يرد والخالة منوبية أخبرتني أنه ليس بالبيت.. "

زفرت تسنيم ثم قالت بقنوط:" أسامة ترك البيت واستقل"

فغرت غاية شفتيها ذهولا :" ماذا؟ لماذا؟!"
" لا أعلم! "

" أين يقطن حاليا؟ أخبريني فورا! "

تأففت تسنيم وصمتت للحظات مفكرة ثم أملتها العنوان على مضض.. الأفضل أن تزوره وهي موجودة.. هي أن تسمح لأحد منهم باستغلاله بعد الآن... عهد وقطعته على نفسها...
أما غاية فتحركت فورا لتغير ثيابها ثم خرجت لتستقل سيارة أجرة متجهة إليه..

هو الوحيد الذي سيساعدها على ترتيب أفكارها بعقلانية وإيجاد حل مناسب..

وقد حل ربيعك بروحي! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن