الفصل السابع

82 5 0
                                    

الفصل السّابع

كلماتك...ترسلني إلى هناك حيث لا هناك إلّا أنا وكلماتك وعيناك
-محمود درويش-

*******
"الحزن جزء منا، ها قد قلتها بنفسك...انه جزء من كلّ. جزء لا يجب أن يسيطر على الكلّ. يمكنك أن تحزن يا سيدي قدر ما شئت ..لكن هذا لا يعني أن توقف حياتك "
" من قال بأنني أوقفت حياتي؟ ألا ترين النجاح الذي حققته خلال سنتين فقط؟"

هتف بها ربيع محاولا التملص من هذا الموضوع الذي يلاحقه في صحوه ومنامه ...

الا أنها كانت ذكية كفاية فقالت بهدوء:" أرى يا سيدي...أرى وفخورة جدا ...لكن هذا لن يمنعني من مساعدتك وتوجيهك حين ألاحظ أنك تخطئ...أنظر الي يا ربيع أعلم أن مصابك كان جللا وقد خسرت الكثير ..لكن...لكنك ما زلت هنا والحمد لله ...ما زلت تتنفس فلا تضع الفرصة التي منحك اياها الله "
ظل ينظر أمامه متجنبا نظراتها ولم يردّ فتابعت :" تعلم أنني موجودة متى احتجتني...لقد كنّا صديقين يوما...وأنا أتصرف على هذا الأساس لكن لو كنت قد فقدت مكانتي لديك فسأحترم الحدود التي سترسمها بنفسك ولن أتعداها مجددا"
كانت على وشك أن تبتعد لكنه أوقفها قائلا:" لا تتركيني وحدي غاية ...أنا لم أضع حدودا بيننا يوما ويمكنك التدخل فيما شئت لكن هناك مواضيع لا أحبذ خوضها لأنها تؤلمني بشكل سيء
"
عادت لتقف جواره وقالت بوعد :" لن أكلمك في شيء يزعجك من هنا فصاعدا... والآن هل تتكرم وتشاركني نزهة على حافة البحر...منظر الميناء يكون آسرا بالليل....(أومأ موافقا فابتسمت ).لحظة فقط...... اسمح ..لي "
مع آخر كلماتها كانت قد رفعت قدمها اليمنى برشاقة لتنزع عنها فردة الحذاء ذا الكعب العالي تمسد قدمها متأوّهة قبل أن تفعل المثل باليسرى
حين انتهت أخيرا مما تفعله، استقبلتها نظرات ربيع المستغربة فابتسمت رغما عنها ثم قالت ببساطة:" ماذا؟ لن أضحي بقدميّ فقط من أجل مظاهر فارغة ...لا أطيق الكعب العالي "
فرد ربيع كفيه وقال :" أساسا لا تحتاجينه...طولك مناسب...ربما استغربت الأمر لأنني طالما كنت محاطا بهذه الأحذية سواء في المناسبات أو في العمل حتى ظننت أنه جزء من شخصية النسوة"
"أنا مختلفة اذا "
نظر اليها لدقائق بغموض قبل أن يقول بخفوت :" بل شديدة الاختلاف يا غابة"

....
سارا على حافة البحر... النسمات في كل مكان تلفهما بحنان مداعبة كل فترة... بينما صوت تلاطم الأمواج يلامس آذانهما بين لحظة وأخرى... الصمت سائد بمهابة....
لا يتخلله سوى صوت خطواتهما وصوت الموج ضاربا الميناء ...

كانت تأمر نفسها بحزم بالنظر أمامها وكأن لا أحد بجانبها بعد فعلتها الغبية...
أي غباء دفعها لعرض ما قالت... أهو حبيبها أم زوجها؟ فبأي حق فعلت ذلك؟!!!
تبا لغبائها... انه فقط ابن خالها الغائب علميا عن حياتهم منذ سنتين وعمليّا منذ أكثر من خمس سنوات...
لا تذكر حتى متى كانت آخر مرة تناقشا فيها بأريحية؟ متى كانت آخر مرة مزحا ولعبا وصرخا معا....

وقد حل ربيعك بروحي! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن